الداء والدواء بقلم / الحبيب علي زين العابدين الجفري

رئيس الجلسة:
اْشكر الملتمس على كلمته واْود الاْنم إن اْعرف اْن كان لاْحد الوفود رغبة في توجيه اْي اْسئلة إلى الملتمس ..
السيد الرفاعي (سوريا ):
اْود اْولا اْن اْعبر عن تقدير وفد سوريا وشكره للملتمس على بيانه المفيد الذي القاه صباح اليوم ولاشك لدي اْنه قد كشف معلومات كثيرة للسادة الاْعضاء - ربما كانت في الماضي تنقصهم - عن مجريات الاْمور والاْوضاع والظروف القائمة الاْن في الجنوب العربي , والتي اْخفيت عن العالم لاْسباب سياسية يعرفها كل الحاضرين وبلا شك اْننا بدورنا سنحاول في الوقت المناسب اْن نرسم صورة واضحه عما حدث خلال العشر السنوات الماضية وعن الاْسباب التي اْودت إليه
بيد اْنني في هذه اللحظة ’ اْود اْن اْوجه بعض الاْسئلة إلى الملتمس واْمل اْن يجيب عليها بحيث يزيد المسائل التي تعرض لها إيضاحا ..
مثلا اْرجو اْولا اْن اْحصل على بعض المعلومات عن مكانة رابطة اْبناء الجنوب العربي التي يمثلها بيننا اليوم ’ واْن اْعرف إن كانت تلك المنظمة السياسية ( التي لا ينحصر نشاطها في عدن بل يمتد إلى المحميات كما اْخبرنا ) تتمتع بحرية كافية للقيام بنشاطها السياسي العادي وإن كان هو نفسه يتمتع بتلك الحرية ’ وكيف ؟
السيد الحبشي :
إن رابطة اْبناء الجنوب العربي قد اْنشئت في عام 1948م -1951م بمقتضى قانون عدن وهي منظمة سياسية تناضل من اْجل حرية البلاد ووحدتها ’ ومن اْجل الإشتراكية وفي عام 1956م اْعلنت هذه الرابطة مطالبها السياسية وحددتها وبعد هذا الإعلان بوقت قصير نفت السلطات البريطانية في عدن رئيس الرابطة واْمينها العام إلى خارج عدن وبقيا خارجها منذ ذلك الوقت ’ ورغم أن الرابطة لازالت تعتبر حزبا سياسيا شرعيا ’ إلا اْنها في الواقع ملغاة عمليا فكل اْعضائها مراقبون ومضطهدون وقد اْرغم الكثير منهم على مغادرة البلاد ’ اْما باْمر رسمي اْو بارهابهم وكثير منهم اْمسكوا عن مزاولة اْي نشاط نظرا لإضطهاد حكومة عدن لهم ’ هذا فيما يتعلق بوضع الرابطة في عدن اْما في معظم الجنوب العربي سواء في المحميات الشرقية اْو الغربية فالحرية السياسية منعدمة ..ولا يوجد اْي حزب سياسي مصرح له بالعمل في الجنوب العربي باْستثناء عدن ’ واْنا على يقين من اْن كثيرا من اْبناء الجنوب العربي يودون اْن يمارسوا نشاطا سياسيا ولكنهم محرومون من التعبير عن مشاعرهم واْحاسيسهم واتجاهاتهم السياسية باْي وفي اْي مكان من الجنوب العربي ’ باستثناء النشاط المحدود المسموح به في عدن
وهذا يعني اْن حزب رابطة اْبناء الجنوب العربي غير شرعي في الداخل وفي عدن اْيضا من الناحية العملية ’ بينما يعيش زعماؤه خارج المنطقة اءما في القاهرة اْو في اليمن أو المملكة العربية السعودية ’ واْنا شخصيا كنت قد غادرت في 1956م فاْصدر حاكم عدن اْمرا بمنعي من العودة إليها ’ ومنذ 16يونيو 1956م واْنا اْنتقل من عاصمة عربية الى اْخرى رغم إنني اْحمل جواز سفر بريطانيا وبمقتضاه ,, يسر حاكم عدن بطلبه من جميع الدول البريطانية ’’ وبالرغم من ذلك فقد حرمني حاكم عدن من البقاء بها ’ رغم ما يحمله جواز السفر من حرية المرور والحماية حيثما حللت وكذا الحكومة اْنها بلدي .
هذه هي الحرية التي يتمتع بها حزب رابطة اْبناء الجنوب العربي ’ الحرية التي منحته اْياها السلطات البريطانية في عدن ..
السيد الرفاعي (سوريا ):
سؤال ثاني يتعلق باتحاد امارات الجنوب العربي ’ ووعدم ضم بعض اْجزاء الجنوب العربي إليه ’ ذكر هنا المتحدث باْن المنطقة مقسمة الاْن الى اْربعة اْجزاء واحدة فقط تكون الاتحاد اْما الثلاث الاْخرى فقد اْستبعدت من الاتحاد .. اْستبعدها الاتحاد نفسه .. ولا اْتوقع اْن يعرف الملتمس مايدور بخلد الحكومة البريطانية اْو يدرك نواياها من وراء ذلك التقسيم ولكنه على اْي حال وبحكم اطلاعه على الوضع هناك يمكنه اْن يلقي ضوءا على الاْسباب التي حدت بالحكومة البريطانية الى ايجاد ذلك التقسيم فاْكون شاكرا لو اْستطاع تقديم إيضاح حول هذه النقطة
السيد الحبشي :
في الواقع اْن الاجزاء التي اْستبعدت من الإتحاد لم تكن اْربع بل اْكثر فمثلا سلطنة العوالق العليا وبعض السلطنات والمشيخات الاْخرى قد اْستبعدت اْيضا ولكن اْهم منطقة هي منطقة حضرموت ’ إن الحضارمة قوم ذو شهرة في الشرق الاْدنى والاْقصى اكتسبوا شهرتهم من الرحلات والتجارة وكونوا جاليات كبيرة في الملايو واْندونيسيا والحبشة والمملكة العربية السعودية واليمن ..وجميع هؤلاء المهاجرين الذين يعيشون في الخارج ينتمون الى حضرموت وقد وهي المحمية التي تمثل الجزء الشرقي من الجنوب العربي والى الاْن لم يضم اْي منها إلى الإتحاد والسبب حسب علمنا هو احتمال وجود مصادر للبترول في حضرموت وقد وقعت شركة اْمريكية للزيت – اتفاقيات مع حكومتي حضرموت للتنقيب عن البترول وإستثماره في تلك المنطقة – هذا هو السبب الذي يكمن وراء استبعاد حضرموت من الإتحاد بنية احتفاظها ببترولها دون شريك .. ولذا فاْني اْتهم المملكة المتحدة بغثارة روح الإنفصالية والفردية والعنصرية والإنقسام وتغذيتها // لاحظوا التشابه حاليا بين السياسة اليمنية الاستعمارية وبين نظيرتها البريطانية مع فارق البعد الحضاري والمدني والانساني لصالح الاستعمار البريطاني بالطبع // ..اْننا نشجب الإنقسام ونعتبر جميع مصادر الثروة الطبيعية والمعدنية ملكا لكل سكان شبه الجزيرة العربية // وهذه القيم الرفيعة والعمق في تفهم واقع وظروف ليس فقط بلاده بل وابناء جزيرته العربية قاطبة هي من تسببت في تكالب قوى الشر والبغي والعدوان على هذه الرابطة// ..لقد اْستبعدت حضرموت من الإتحاد الفيدرالي بقصد إيجاد دولة مستقلة في حضرموت تضاهي الإتحاد الفيدرالي ..
السيد الرفاعي ( سوريا ):
اْن السيد الملتمس وانا ’ كلينا نعتقد اْن النشرة التي وزعتها السكرتارية قد اْوضحت لنا اْن المحميات تتكون من حوالي 23 ولاية ’ والمتحدث نفسه قال اْنه لايعرف بالضبط عدد المحميات وبالتالي ينطبق قوله على ماجاء في نشرة السكرتارية التي ورد فيها اْن عدد المحميات يبلغ 23 وليس 23 بالضبط ’ واْنا اْولا اْود اْن اْعرف إن كان عدد الولايات قد كان بهذه الكثرة منذ الاحتلال البريطاني اْو اْن عددها تكاثر من بعده ’واْود اْيضا اْن يوضح الملتمس للجنة الاْسباب التي اْدت إلى هذ التكاثر وهذا الانقسام واْن يوضح لنا عدد سكان كل ولاية ربما لايستطيع اْن يذكر عدد سكان كل ولاية من هذه الولايات ولكنه قد يستطيع اْن يذكرنا لنا بالتقريب عدد سكان اْكبر واْصغر ولاية وذلك قد يعطي فكرة تقريبية إلا أنني قراْت في النشرة اْن عدد سكان كل المنطقة يبلغ يبلغ المليون و 550000 في المحميات الغربية و 450000 في المحميات الشرقية ..
السيد الحبشي :
هناك فهم خاطىء اْرى لزاما علي تصحيحه إن المحميات لاتعتبر دولا بالمعنى الحقيقي ’ فهناك فرق بين واضح بين الدول المحمية وبين المحميات المستعمرة ’ إنها مجرد محميات بمقتضى تصنيف القانون الدولي الذي يحدد الدول حسب سيادتها ’ فهناك نوع من الاقاليم دون مستوى المستعمرة وهذا النوع يسمى المحميات المستعمرة وليست دولا محمية ’ فقطر اْو البحرين وربما مراكش سابقا كانت دولا محمية ولكنها دول ة اْما ماحول حول عدن فتوجد مجرد ’’ محميات ’’ تدور في فلك المستعمرة ’’ عدن ’’ وهي دون مستواها .
ويبدو لنا اْن مندوب المملكة المتحدة سوف يؤكد اْنها دول لاتدخل في اْختصاص اللجنة ’ واْنا بدوري اْنبه السادة الاْعضاء إلى اْنها مجرد محميات تابعة كان معظمها قبل تولي بريطانيا حكم عدن مجرد مشيخات قبلية ’ ثم اضافت السياسة البريطانية في المنطقة على اْصحابها صفات الرئاسة ومنحتهم صلاحيات رؤساء الدول فعاملوا مواطنيهم في حدود اءمكانياتهم المزيفة ’ وكاْنهم رؤساء دول رغم اْن بريطانيا كانت تعاملهم معاملة الاْتباع اْو العبيد
اْما فيما يتعلق بتعداد سكان المنطقة كلها ’ فاْنني اْؤكد لكم اْن حاكم عدن نفسه لايعلمه لإنعدام اْي احصائية في تلك المنطقة ولهذا فلا يمكن سوى اعطاء فكرة تقريبية عن تعداد السكان فربما كان مليونا ونصف المليون او مليونيين لااحد يعرف بالضبط .
وزيادة على ذلك فاْن سكان كل المنطقة متعودون على التنقل من بقعة الى اخرى واْظن اْن عدد السكان بالتقريب مليون ونصف المليون 750000 منهم في المنطقة الشرقية وانا بالذات اْضع التقديرات الاْتية :
50000 لحج – 10000 في السلطنة القعيطية - 150000 في عدن 25000 في السلطنة الواحدية 5000
العقربي 2000 في دثينة
وبعض سكان المناطق لايزيدون على ال2000 او ال3000 او 5000 نسمة .. ورغم ذلك فالمملكة المتحدة تعتبرهم حكومات لغرض غستعباها واْمعانا في الاضرار باْهلها ..
السيد الرفاعي ( سوريا ):
لعل المتحدث قد نسي , فهو لم يجب على الجزء الاْول من السؤال الذي وجهته إليه والخاص بالاْسباب التي تكمن وراء تكاثر وانقسام المنطقة إلى هذا العدد من المقاطعات ’ هل كان عددها بهذه الكثرة منذ البداية اْم زاد مؤخرا ؟
السيد الحبشي :
اْخلاصا لوجه التاريخ يجب اْن اْقر بوجود نوع من الانقسام في المنطقة عندما جاءت بريطانيا الى عدن , غير اْن هذا الانقسام كان مؤقتا وطبيعيا كلانقسام بين القبائل في الولايات المتحدة الاميريكية مثلا ففي الولايات المتحدة قبائل كثيرة وكل قبيلة تعتبر المنطقة التي تحتلها ملكا لها ولو اعتبرت الولايات المتحدة رؤساء هذه القبائل كرؤساء دول لاصبحت هذه القبائل دولا ذات سيادة بالتدريج إن الاْهمال - والاْهمال العظيم - هو الذي مكن الوصي الذي فرض نفسه فرضا دون وجه حق من تحويل تلك القبائل الى نوع من الدول ’ ورؤسئها الى رؤساء دول ..
السيد الرفاعي :
اْود اْن اْعرف الفروق الادارية بين الولايات الخاضعة لاتفاقيات الاستشارة وتلك التي تخضع لاتفاقيات الحماية ’ هل هناك فروق ادارية في المنطقة اْم اْن المساْلة تفاوت في التسمية ؟

السيد الحبشي :
قبل عام 1936م لم تبرم اْي معاهدة استشارة مع اْي من تلك المقاطعات ولم يكن هنا لك سوى معاهدات حماية كانت تحرم على كل مقاطعة مرتبطة بها اقامة علاقات مع اْي جهة ’ ولم يكن الضباط السياسيون البريطانيون يفرضون اْي سلطة اْو راْي جهة على السلاطين ’ ربما تهربا من القيام بمسئولياتهم وواجباتهم وكانوا يكتفون بترك المناطق وسكانها لسلطان الطبيعة ’ للهلاك الذي كانت تسببه المجاعات والاْوبئة والجهل والبغضاء والاقطاعية وغير ذلك ’ بعد عام 1936م بداْ البريطانيون يفرضون معاهدات الاستشارة ويحملون السلاطين بمقتضاها على طاعة مايشير به الضباط السياسيون المعينون لهم وكل الزعماء سواء كانوا سلاطينا اْو شيوخا اْو اْمراء كانوا يكرهون على قبول معاهدات الاستشارة وحت إتحادهم الفدرالي قد اْجبر على قبول هذه المعاهدات وهكذا اْصبحت كل حكومة من تلك الحكومات مضطرة الى تنفيذ ومراعاة ثلاث معاهدات :
معاهدة الحماية ومعاهدة الاستشارة الخاصة بها ومعاهدة الاستشارة الخاصة بالاتحاد الفدرالي ’ ويجب علي اْن اْكشف حقيقة اْخرى مفزعة وهي اْن كل هذه المعاهدات ليست محددة الاْمد ’ إنها معاهدات اْبدية اْزلية من يوم اْبرامها الى يوم القيامة ..
السيد الرفاعي (سوريا):
اْقدم عظيم اْمتناني للملتمس الذي تنباْ بسؤالي الاْخير الذي كنت ساْوجهه واْجاب عليه وهو خاص بمدى سريان هذه الاتفاقيات وليس لدي اْية اْسئلة اْخرى اْو جهها إليه ’ وله مني جزيل الشكر على اْجاباته الشافية ’ علي اْن اْحتفظ بحق الوفد السوري في الاستفسار عن الوضع في ذلك الجزء من العالم اذا بدت لنا ضرورة الى ذلك ..

السيد برايكن (الاتحاد السوفييتي):
اْود اْن اْساْل الملتمس توضيحا حول نقطة ما ’ لقد كشف باقناع ووضوح باْن السياسة الاستعمارية البريطانية في الجنوب العربي لم تتغير ولايحمل مشروع اتحاد امارات الجنوب العربي جديدا بالنسبة لشعب تلك المنطقة ’ وعلى كل فاْني اْود اْن اْستوضح راْيه الشخصي ازاء التغير الذي طراْ اْخيرا على السياسة البريطانية كفرد له دراية حسنة بوضع المنطقة وعاش فيها ويعي الاْحوال القائمة هناك ’ فحتى وقت قريب كانت المملكة المتحدة تفضل حكم المناطق على اْساس اْنه كيانات مستقلة عن بعضها البعض ’ ثم بداْت –كما يتضح لنا - تبحث عن تكوين اتحاد فدرالي فيها , فما سبب ذلك ؟ وهذا اْول سؤال اْوجهه الى الملتمس ..
السيد الحبشي :
اْن النقطة التي اْثارها السائل تحتاج الى توضيح قبل قيام رابطة اءبناء الجنوب العربي كان شعب هذه البلاد يعيش في ولايات كثيرة تحت حكم سلاطين واْمراء عديدين وكان من بين اْعمال الرابطة الاْولى تنبيه هؤلاء الى حقيقة الوضع وحثهم على الوحدة والعيش متحدين وقد فطنت السلطات البريطانية في عدن لفكرة الرابطة ولكي تحول دون تحقيق الوحدة على يد الشعب نفسه بداْت تعمل هي على تحقيقها فاْقامت الاتحاد وهو ليس اتحادا فدراليا بل شبه فدرالي cofedral ومن اْجل من فعلت ذلك ؟ لقد فعلته من اْجل السلاطين لامن اْجل الشعب ولهذا- في راْيي- اْخذ البريطانيون في العمل لمنع الشعب من تشكيل كيانه السياسي بنفسه وتحقيق وحدته , حتى يتمكنوا من تركيز القوى السياسية في اْيدي السلاطين الذين يخضعون لهم ’ اْخذ البريطانيون في تحديد اتفاقيات الحماية والاستشارة القديمة واضافة اتفاقيات اْخرى اليها ’ للحيلولة دون اتحاد الجنوب العربي مع اقطار عربية اْخرى ’ من اْجل هذا كل هذه الاغراض والاسبتاب شرع الانجليز في اقامة اتحاد رث عمقوا به انفصالية كل ولاية من ولايات الجنوب العربي فعدن ذاتها يمكن فصلها وسلخها من الاتحاد في اْي وقت ’ هذه على ما اعتقد الاجابة التي يجب اْن اْقدمها ردا على سؤال المندوب السوفيتي.
السيد الرفاعي :
اْود اْن اْعرف الفروق الادارية بين الولايات الخاضعة لاتفاقيات الاستشارة وتلك التي تخضع لاتفاقيات الحماية ’ هل هناك فروق ادارية في المنطقة اْم اْن المساْلة تفاوت في التسمية ؟

السيد الحبشي :
قبل عام 1936م لم تبرم اْي معاهدة استشارة مع اْي من تلك المقاطعات ولم يكن هنا لك سوى معاهدات حماية كانت تحرم على كل مقاطعة مرتبطة بها اقامة علاقات مع اْي جهة ’ ولم يكن الضباط السياسيون البريطانيون يفرضون اْي سلطة اْو راْي جهة على السلاطين ’ ربما تهربا من القيام بمسئولياتهم وواجباتهم وكانوا يكتفون بترك المناطق وسكانها لسلطان الطبيعة ’ للهلاك الذي كانت تسببه المجاعات والاْوبئة والجهل والبغضاء والاقطاعية وغير ذلك ’ بعد عام 1936م بداْ البريطانيون يفرضون معاهدات الاستشارة ويحملون السلاطين بمقتضاها على طاعة مايشير به الضباط السياسيون المعينون لهم وكل الزعماء سواء كانوا سلاطينا اْو شيوخا اْو اْمراء كانوا يكرهون على قبول معاهدات الاستشارة وحت إتحادهم الفدرالي قد اْجبر على قبول هذه المعاهدات وهكذا اْصبحت كل حكومة من تلك الحكومات مضطرة الى تنفيذ ومراعاة ثلاث معاهدات :
معاهدة الحماية ومعاهدة الاستشارة الخاصة بها ومعاهدة الاستشارة الخاصة بالاتحاد الفدرالي ’ ويجب علي اْن اْكشف حقيقة اْخرى مفزعة وهي اْن كل هذه المعاهدات ليست محددة الاْمد ’ إنها معاهدات اْبدية اْزلية من يوم اْبرامها الى يوم القيامة ..
السيد الرفاعي (سوريا):
اْقدم عظيم اْمتناني للملتمس الذي تنباْ بسؤالي الاْخير الذي كنت ساْوجهه واْجاب عليه وهو خاص بمدى سريان هذه الاتفاقيات وليس لدي اْية اْسئلة اْخرى اْو جهها إليه ’ وله مني جزيل الشكر على اْجاباته الشافية ’ علي اْن اْحتفظ بحق الوفد السوري في الاستفسار عن الوضع في ذلك الجزء من العالم اذا بدت لنا ضرورة الى ذلك ..

السيد برايكن (الاتحاد السوفييتي):
اْود اْن اْساْل الملتمس توضيحا حول نقطة ما ’ لقد كشف باقناع ووضوح باْن السياسة الاستعمارية البريطانية في الجنوب العربي لم تتغير ولايحمل مشروع اتحاد امارات الجنوب العربي جديدا بالنسبة لشعب تلك المنطقة ’ وعلى كل فاْني اْود اْن اْستوضح راْيه الشخصي ازاء التغير الذي طراْ اْخيرا على السياسة البريطانية كفرد له دراية حسنة بوضع المنطقة وعاش فيها ويعي الاْحوال القائمة هناك ’ فحتى وقت قريب كانت المملكة المتحدة تفضل حكم المناطق على اْساس اْنه كيانات مستقلة عن بعضها البعض ’ ثم بداْت –كما يتضح لنا - تبحث عن تكوين اتحاد فدرالي فيها , فما سبب ذلك ؟ وهذا اْول سؤال اْوجهه الى الملتمس ..
السيد الحبشي :
اْن النقطة التي اْثارها السائل تحتاج الى توضيح قبل قيام رابطة اءبناء الجنوب العربي كان شعب هذه البلاد يعيش في ولايات كثيرة تحت حكم سلاطين واْمراء عديدين وكان من بين اْعمال الرابطة الاْولى تنبيه هؤلاء الى حقيقة الوضع وحثهم على الوحدة والعيش متحدين وقد فطنت السلطات البريطانية في عدن لفكرة الرابطة ولكي تحول دون تحقيق الوحدة على يد الشعب نفسه بداْت تعمل هي على تحقيقها فاْقامت الاتحاد وهو ليس اتحادا فدراليا بل شبه فدرالي cofedral ومن اْجل من فعلت ذلك ؟ لقد فعلته من اْجل السلاطين لامن اْجل الشعب ولهذا- في راْيي- اْخذ البريطانيون في العمل لمنع الشعب من تشكيل كيانه السياسي بنفسه وتحقيق وحدته , حتى يتمكنوا من تركيز القوى السياسية في اْيدي السلاطين الذين يخضعون لهم ’ اْخذ البريطانيون في تحديد اتفاقيات الحماية والاستشارة القديمة واضافة اتفاقيات اْخرى اليها ’ للحيلولة دون اتحاد الجنوب العربي مع اقطار عربية اْخرى ’ من اْجل هذا كل هذه الاغراض والاسبتاب شرع الانجليز في اقامة اتحاد رث عمقوا به انفصالية كل ولاية من ولايات الجنوب العربي فعدن ذاتها يمكن فصلها وسلخها من الاتحاد في اْي وقت ’ هذه على ما اعتقد الاجابة التي يجب اْن اْقدمها ردا على سؤال المندوب السوفيتي.
السيد برايكن ( الإتحاد السوفيتي):
اْشكر الملتمس على اجابته التي القت بعض الضوء على سياسة المملكة المتحدة في الجنوب العربي لقد اْوضح الملتمس بدقة وحماس بعض مرامي السياسة الاستعمارية البريطانية ,, البعثة الحضارية ’’ كما يسميها الاستعماريون اذا تحدثوا عن الاْوضاع في الجنوب العربي ’ بيد اْنني لازلت اءود اْعرف منه حقيقة المصالح الإقتصادية التي تدفع بالمملكة المتحدة الى تاْييد وتثبيت سلطانها في تلك المناطق ..
السيد الحبشي :
اْعتقد إنها مصالح اقتصادية وحربية .. يحتمل اْحتمالا كبيرا - على ضوء ما ذكرته عدة مؤسسات عالمية تشتغل بشئون البترول ان تكون المنطقة غنية بمصادر الثروة المعدنية وقد اْكتشفت هذه المصادر في المنطقة الشرقية – بحضرموت – وفي عدن اْقامت اْحدى مؤسسات الزيت البريطانية محطة تكرير ضخمة في عام 1950م كان راْسمالها اْنذاك حوالي 50مليون جنية استرليني زادت دون شك بمرور الايام ويتم في حضرموت ارسال شحنات من مواد واْلات التنقيب واستخدامها في استخراج النفط هناك اما من الناحية الحربية فلعدن كما سيعترف المندوب البريطاني قطعا اْهمية بالنسبة للدفاع البريطاني إلا اْن شعبي لايكترث بهذه الاْهمية ولايهتم بمقدارها إن عدن ملك لنا , اْننا لانكترث بوجود اْو انعدام الاْهمية الحربية لعدن ’ رغم اْنني اْعتقد اْن اْهمية القواعد الحربية قد زالت بعد اْن انشئت القواعد البحرية المتحركة فهي تستطيع اْن تصل الى اْي شاطىء اْينما كان وعلى كل حال فلبريطانيا في الجنوب العربي مصالح اقتصادية وحربية ونحن لانريد اْن تكون عدن قاعدة حربية ومصدرا للعدوان على اْي اْحد سيما اْخواننا العرب واْصدقائنا في افريقيا واسيا والاتحاد السوفيتي..
السيد برايكن (الاتحاد السوفيتي ):
اْشكر الملتمس على اجابته سيما الجزء الثاني منه ’ والذي - في راْيي - يرسم صورة حقيقية لاهداف المملكة المتحدة في الجنوب العربي ..سؤالي الثالث هو : ماهي الدةل الاْخرى عدا المملكة التي توصلت الى امتلاك مصالح اقتصادية وتستثمر الثروة الطبيعية في البلاد وهي بلا شك ملك اْهلها ؟
السيد الحبشي :
ايضاحا للحقيقة شرعت لاول مرة وفي عام 1958م اْحدى الشركات الاميريكية في مزاولة نشاط اْقتصادي في المنطقة فقد اْخذت شركة ,, بان اميريكان للنفط ’’ في استثمار اموالها في التنقيب عن البترول في المناطق التي كانت تنقب فيها شركات نفط بريطانية ’ وعليه ففي المنطقة قوتان تستثمران اْموالهما ولا اْقصد اْن اْتهم اْحدا ولكنني اْقول الحقيقة ففي حضرموت شركة امريكية تنقب وفي عدن اْنشئت محطة تكرير بريطانية كبيرة ’ وهذا قد يعني شيئا وقد لايعني اْي شيء سوى نشاط تجاري فقط ..
السيد برايكن (الاتحاد السوفيتي ):
هل تقوم الشركات الاميريكية باعمالها في الجنوب العربي وفقا لاتفاقيات عقدتها مع ما يسمى بالولايات اْو السلطنات اْو الاْمارات الموجودة بالمنطقة ؟ لقد ذكر الملتمس اْن السلاطين والشيوخ والامراء لايملكون حقا شرعية للدخول في اتفاقيات دولية ’ اْنني اْريد اْن اْعرف كيف نفذت شركات النفط الامريكية كل ماجرى بهذا الصدد؟
السيد الحبشي :
اْعتقد اْن الجهات الادارية هناك ارادت ان تظهر بمظهر الذكاء والحكمة ولهذا اْمسكت هذه الجهات عن القيام باي خطوة في هذا الصدد تدل على سيطرتهم سيطرة تامة على الامور بعكس السلاطين هم الذين وقعوا الاتفاقية لقد وقع السلاطين الاتفاقية ولكن يجب اْلا ننسى اْن كل هؤلاء السلاطين مكرهون على قبول جميع ماتشير به السلطات البريطانية في عدن بمقتضى اتفاقيات الاستشارة ’ وهذا يعني اْن البريطانيين يسيطرون سيطرة تامة على التوقيعات رغم اْن السلاطين هم الذين وقعوا ...