الجنوبي باعوضه الأدارة العامة
رقم العضوية : 90 تاريخ التسجيل : 25/07/2010 المشاركات : 2011 الدولة : الجنوب العربي العمر : 47
| موضوع: فجأة يتوقف كل شيء.. ما الذي يجري في شبوة؟ محاربة القاعدة أم خداع نيويورك؟.. ولماذا الجنوب بالذات؟ السبت سبتمبر 25, 2010 11:13 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]خاص شبكه باعوضه السبت 25 سبتمبر-أيلول 2010
بعد خمسة أيام عصيبة, استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة, كالدبابات والمدافع, تم الإعلان, فجأة, عن توقف المواجهات العنيفة في منطقة الحوطة بشبوة, جنوب اليمن, بين الجيش اليمني وعناصر من تنظيم القاعدة. ويأتي الإعلان, الـ"فجأة", لتوقف المواجهات, تزامنا مع انعقاد المؤتمر الثالث لـ"أصدقاء اليمن" في مدينة نيويورك الأمريكية, اليوم الجمعة, 24/9/2010, ولكن ما العلاقة؟, وهل هناك, من حيث المبدأ, علاقة بين مواجهات شبوة, واجتماع نيويورك؟, وإن بـ"نعم", فلم شبوة بالذات؟. دعونا نتتبع بدء الشرارة وتحرك الحملة العسكرية الضخمة صوب منطقة الحوطة, والتي قادتها جنرالات عليا في الجيش اليمني. مساء الاثنين, 13سبتمبر "أيلول" الجاري, أفادت أنباء أمنية من محافظة شبوة أن تفجيرا, وصفته بـ"الفاشل", استهدف أنبوب النفط المسال الممتد من محافظة مأرب إلى ميناء بلحاف لتصدير الغاز في محافظة شبوة, مضيفة أن التفجير كان يستهدف الأنبوب الممتد من مأرب إلى شبوة في منطقة سلمون بافقير التي تبعد عن ميناء بلحاف بنحو 118 كيلومتر, موضحة أن العناصر الواقفة خلفه حاولت استخدام عبوات ناسفة, إلا أنها لم تنجح. بعدها بيومين, 15/9, أعلنت الأجهزة الأمنية بشبوة أنها اعتقلت ستة أشخاص يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة على خلفية عملية التفجير. ولم يمض يوم واحد, حتى تعرض طقم عسكري تابع لـ"اللواء الثاني مشاه بحري (لبوزة)" في منطقة "الصفا", لعملية هجوم بقذائف "البازوكا", مساء الخميس 16/9, أسفرت عن مقتل جنديين هما: "علي أحمد عبار أبو سعد", و"صالح مبخوت العباسي", من محافظة مأرب, طبقا لما نقله موقع "مأرب برس". وتبعد منطقة "الصفا" مسافة 9 كم عن مدينة عزان, إحدى مدن مديرية ميفعة التي تتبعها مدينة الحوطة. وكان الجنديان يقومان بتوزيع التغذية على النقاط العسكرية التابعة للواء لبوزة والمكلفة بحماية أنبوب الغاز هناك. وفي بداية الأسبوع التالي لما حدث, أي يوم السبت, 18/9, كان أربعة جنود قد أصيبوا في اشتباكات اندلعت, مساءً, بين قوات حكومية وعناصر من تنظيم القاعدة في "الحوطة", لتتجدد في اليوم التالي مسفرة عن جرح طفلين نقلا إلى أحد مستشفيات المنطقة. وكانت مصادر محلية هناك قد اتهمت قوات الجيش باستهداف مدنيين, مشيرة إلى أن طائرات حربية شاركت في القصف, في أعقاب مقتل الجنديين في الحوطة بميفعة. وفي هذه الأثناء, كانت الأسر, في الحوطة, قد بدأت بالنزوح نحو مدينة عزان, والمناطق المجاورة, لتنطلق مساء الأحد, 19/9, حملة عسكرية, وصفت بالكبيرة نحو منطقة المواجهات, بقيادة الجنرالين سالم قطن- نائب رئيس هيئة الأركان لشئون الأفراد, ومحمد علي المقدشي- قائد المنطقة الوسط, وضمت الحملة بين معداتها العسكرية دبابات ومضادات للطيران. التطورات التي قادت إلى الحملة الأمنية الكبيرة لم تكن ملفتة للنظر, بحيث أنها تحتاج هذه العدة الهائلة, بالقياس مع أحداث أخرى وقعت هناك, وكان من اللافت أن تنظيم القاعدة كثف عملياته الهجومية في محافظة أبين, في الآونة الأخيرة, لحتى أعلن أخيرا مسئوليته عن سلسلة الهجمات التي استهدفت القوى والمقرات الأمنية في المحافظات الجنوبية والشرقية اليمنية, والتي أسفرت عن مقتل 12 شخصا بينهم 11 جنديا. في نهاية أغسطس الماضي دارت مواجهات مع تنظيم القاعدة في مدينة لودر بمحافظة أبين, المجاورة لشبوة, وقادتها وزارة الداخلية, وأعلنت بعد أيام من بدئها عن مصرع 18 من عناصر القاعدة, على الأرجح, واعتقال آخرين. وكان أبرز حدث سبق المواجهات التي قادتها وزارة الداخلية في لودر أن مواجهات شرسة جرت بين الأمن وعناصر من القاعدة, الجمعة, 20/8, أسفرت عن مقتل 12 جنديا, إضافة إلى إحراق 4 أطقم عسكرية ومدرعتين, فيما قتل أربعة من أعضاء تنظيم القاعدة فقط. وقال مراسل مأرب برس بأبين, حينها, إن مسلحي القاعدة يفرضون سيطرتهم التامة على الشارع الدائري لمدينة لودر، فيما شوهد إلى جوارهم عدد من المسلحين من جنسيات سعودية وعراقية وباكستانية. وأوضح تنظيم القاعدة, طبقا لما بثته مواقع على شبكة الانترنت بداية سبتمبر الجاري, أن أيا من عناصره لم يُقتل في الاشتباكات التي استمرت عدة أيام مع الجيش في مدينة لودر بمحافظة أبين, جنوب اليمن, نهاية أغسطس "آب" الماضي. وقال في بيانه - الذي تضمن إعلان مسئوليته عن حادث اغتيال نائب مدير البحث الجنائي في محافظة مأرب المقدم محمد فارع الذي لقي مصرعه رميا بالرصاص وسط مدينة مأرب في الـ27 من أغسطس المنصرف- إن المواجهات التي شهدتها محافظة أبين بين عناصره وقوات الجيش أدت إلى مقتل 50 جنديا, في حين تقول السلطات المحلية إن 30 شخصا قتلوا بينهم 19 شخصا من القاعدة, إضافة إلى 3 مدنيين. على أنه لا يمكن إغفال ما يمكن تسميتها بـ"المناوشات المتقطعة" بين الطرفين, إضافة إلى الهجمات المتتالية التي قيل إن التنظيم نفذها باستخدام دراجات نارية, وتمثلت في استهداف مقرات أمنية بقنابل متفجرة وبقذائف الـ"آ ربي جي", أسفرت عن مقتل العديد من الجنود, وهو ما أدى إلى إصدار قيادة محافظة أبين قرارا يقضي بعدم استخدام الدارجات النارية في كل مديريات المحافظة,, إلا أن القرار طبق في العاصمة زنجبار دون غيرها. وكانت الدراجات النارية, بحسب قرار المنع, سببا في مقتل العقيد صالح عبد الله أمصبح والعقيد جلال العثماني والمقدم صالح أمذيب- المنتمين للأمن السياسي, وأيضا إطلاق النار على دورية النجدة المرابطة في جولة القدس وسط مدينة زنجبار ورمي قنبلة إلى داخل قسم الشرطة المدنية وإطلاق النار على مبنى البحث الجنائي ومقتل عدد من أفراد النجدة في سوق القات ومقتل مواطن في مدينة جعار وإصابة المساعد محسن هبه صالح وغيرها. إلا أن كل ذلك, في محافظة أبين, لم يقد إلى تدخل وزارة الدفاع, وتوجيه حملة عسكرية لتطهير عناصر القاعدة, وإن كانت وزارة الداخلية قد أكدت أنها طهرت عناصر القاعدة في لودر مؤخرا, إلا أن شهود عيان يؤكدون أن أعضاء التنظيم يتجولون في الأسواق بكامل حريتهم, مشيرين إلى أنهم مدججين بالأسلحة وعلى مرأى ومسمع من الجميع. فما الذي حدث حتى تستنفر محافظة شبوة أمنيا, ويقود الجيش حملة عسكرية ضخمة تسببت بمقتل مدنيين وتشريد آلاف النازحين؟, مع أن الأمور هدأت فجأة, وأعلنت مصادر عسكرية أن الجيش دخل منطقة الحوطة دون مقاومة, فيما قال شهود عيان إن إطلاق النار توقف فجأة ظهر الخميس, 23/9. الحملة العسكرية التي قادها قطن والمقدشي, واستخدمت الدبابات والمدافع, وحتى الطيران, كانت قد أدت, إلى تشريد 12 ألف من سكان منطقة الحوطة. ويبلغ تعداد سكان مدينة الحوطة نحو 20 ألف شخصا, وتعد إحدى مدن مديرية ميفعة, إحدى المديريات الـ17 التي تكوّن محافظة شبوة. ففي يوم الجمعة, 24/9, أعلن مصدر رسمي, عن تمكن قوات الأمن والجيش من تطهير مدينة الحوطة من عناصر القاعدة. ونقل موقع الجيش اليمني على شبكة الانترنت, عن مدير أمن محافظة شبوة العميد الركن أحمد المقدشي, شقيق اللواء محمد المقدشي- قائد المنطقة الوسطى وقائد الحملة, قوله إن القوات الأمنية, وقوات خاصة من الجيش, تقوم حاليا بمتابعة العناصر الإرهابية, حسب وصفه, التي فرت من المدينة إلى المناطق الجبلية المحيطة بمدينة الحوطة لإلقاء القبض عليهم. وكانت قوات الجيش والأمن قد اقتحمت مدينة الحوطة, صباح الجمعة, 24/9, دون أي مقاومة تذكر من قبل من يعتقد أنهم عناصر من تنظيم القاعدة كانوا يتمركزون هناك. وقال مصدر محلي لـشبكه باعوضه إن دخول الحملة الأمنية إلى الحوطة جاء بعد توقف إطلاق النار, ظهر الخميس, 23/9, من قبل من تقول السلطة إنهم أعضاء في تنظيم القاعدة. ونسبت الـ"CNN" لنائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن رشاد العليمي, قوله, الخميس, إن القوات المسلحة تفرض حصاراً عسكرياً مشدداً على أحد أبرز معاقل تنظيم القاعدة في محافظة شبوة, مؤكدا أن قوات الأمن تراقب تحركات رجل الدين اليمني الأمريكي، أنور العولقي، والذي يُعد أحد أبرز قياديي القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتعتقد السلطات أنه يختبئ في مكان ما قرب وادي "رافاد" بمحافظة شبوة. ولم يأت هذا الإعلان إلا بعد أيام, منذ الـ20 من سبتمبر الجاري, من بدء القصف المدفعي, المسنود جويا بالطيران الحربي, فيما لم تصدر, حتى الآن, إحصائية رسمية بعدد الضحايا, ما يعني ان حصار الجيش على مدينة الحوطة, رافقه حصار آخر في المعلومات التي لم يتم الحصول على قدر كاف منها عن مجريات الأحداث هناك, إلا بشكل شحيح من مصادر محلية وشهود عليان. ومن تلك المعلومات, ما أكده مصدر محلي لـشبكه باعوضه أن الجيش قصف منطقة "البريقة" - تبعد عن الحوطة حوالي كيلو متر - مما أسفر عن تدمير ثلاثة منازل. في حين كان شخص من أعيان المنطقة يدعى الشيخ (عبد الواحد المنصور) توفي, الثلاثاء, 21/9, في صنعاء متأثراً بإصابة تعرض لها اليوم السابق لوفاته، لدى محاولته الخروج من المنطقة المحاصرة, مع عدد من النازحين. وفيما أكدت مصادر محلية أخرى, الاثنين 20/9, عن سقوط قتيل و8 جرحى في صفوف الجنود، في اليوم الأول لبدء الحملة العسكرية. قال مدير مديرية ميفعة عبد الله عاتق باعوضه إن ثلاثة قتلى وجريحين سقطوا في صفوف المسلحين، إضافة لإصابة مواطن بالحوطة كان يهم بالخروج من المنطقة المحاصرة. وتوقع عبدالله عاتق باعوضه أن يكون 80 في المائة من سكان الحوطة قد تركوا منازلهم في الأيام الأولى من المواجهات. وتسبب عدم الحصول على معلومات دقيقة, تضارب في الأنباء عن تقدير عدد النازحين, فقد قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين, الجمعة 24/9, إن التقديرات تشير إلى نزوح نحو أربعة آلاف شخص, مبدية قلقها من تزايد سوء الأوضاع الإنسانية للنازحين, في حين قدر الصليب الأحمر اليمني أعداد النازحين بأكثر من 12 ألف نازح. وأوضحت مفوضية اللاجئين أنها تسعى, وغيرها من وكالات الأمم المتحدة, إلى تأمين المساعدة المسبقة لنحو 2100 شخص, وفقا لوكالة كونا الكويتية. وفي اليمن, توجد ثمانية مخيمات للنازحين, على الأرجح, في كل من صعدة وحجة وعمران ولحج, تأوي نازحين يمنيين في الثلاث المحافظات الأولى نتيجة الصراعات بين الجيش والحوثيين, فيما يأوي المخيم الوحيد في المحافظة الأخيرة لاجئين من الصومال ومجموعة صغيرة من لاجئي الأورومو الإثيوبيين, حسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين", إلا أنه لا يوجد مخيم للنازحين في محافظة شبوة حتى الآن, لكن المنظمات المحلية والدولية تسعى إلى مساعدة النازحين هناك جراء المواجهات مع القاعدة, في حين كان المجلس المحلي هناك قد أعلن عن إنشائه مدرستين للذين نزحوا إلى مدينة عزان المجاورة والتابعة لمديرية ميفعة. إلى ذلك, أدان الرئيس الجنوبي علي سالم البيض ما حدث في شبوة, إذ دعا الدول العربية والمجتمع الدولي إلى إدانة واستنكار ما وصفها بـ"الأعمال العدوانية والإجرامية" التي تقوم بها قوات الأمن في منطقة الحوطة بمحافظة شبوة جنوب اليمن. وقال البيض, في بيان له, إن الحملة العسكرية ضد الحوطة تأتي في إطار مخطط عسكري كبير يستهدف محافظات شبوة وحضرموت وأبين. وفي تلميح له إلى ما يحدث في شبوة, وغيرها من المحافظات الجنوبية, انتقد الأمين العام للجنة التحضيرية للحوار الوطني حميد الأحمر, السياسات الأمنية للسلطة واستخدامها المفرط للعنف في عدد من المناطق اليمنية وتحديدا في المحافظات الجنوبية. وقال, في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الدوري للجنة التحضيرية للحوار التي عقدت صباح الخميس, 23/9, بصنعاء: "إن الوجود الفعلي للقاعدة في اليمن - كما تدعي السلطة - لن ينتهي بشن حرب شعواء عل المدن والقرى والاستعانة بالخارج وتصوير اليمنيين كإرهابيين. وأضاف الأحمر, هو أحد قادة حزب الإصلاح- أكبر أحزاب المعارضة, أن اليمن ليست مأوى للإرهاب وأبناء اليمن لا يحتاجون إلى مزيد من شراسة الأجهزة الأمنية بقدر حاجتهم للعدل والتنمية. وعودة إلى التساؤل عن الربط بين مواجهات شبوة واجتماع أصدقاء اليمن في نيويورك, فقد توقفت المواجهات في اليوم المقرر فيه عقد الاجتماع, كما لو أن رسالة ما أريد لها أن تصل الاجتماع قبيل انعقاده.. وتبدو فحوى هذه الرسالة قابلة لأن تحمل أكثر من تحليل.. فمن ناحية, تريد اليمن أن تظهر للعالم أنها لا تزال مستمرة في حربها على القاعدة, ما يعني أنها تريد مزيدا من الدعم في هذا الإطار من ناحية, ومن ناحية أخرى تريد أن تقول إن دعم المجتمع الدولي لها في حربها تلك لم يذهب سدى, وأنها تحقق تقدما في هذا المجال كما حدث مؤخرا في شبوة حين دخل الجيش فاتحا مدينة "الحوطة", بعد أيام من المواجهات, دون أي مقاومة من عناصر التنظيم هناك المقدر عددها بـ80 إلى 100 شخصا, يقال إن معظمهم من خارج محافظة شبوة, فيما تشير معلومات رسمية, أدلى بها محافظ شبوة على الأحمدي, أن من بينهم جنسيات عربية. الرئيس علي سالم البيض قال, في بيان إدانته لما جرى, إن توقيت الحملة ذو هدف سياسي مباشر، قبل أيام قليلة من انعقاد "مؤتمر أصدقاء اليمن" في الـ24 من سبتمبر الحالي, مشيرا إلى أن صنعاء تحاول من خلال ذلك إعادة الموقف إلى نقطة الصفر لجر الأطراف العربية والدولية لاعتماد المقاربة الأمنية، واستجداء المساعدات المالية تحت مبرر محاربة الإرهاب من جهة، ومن جهة أخرى لقطع الطريق على إعادة بحث التطورات في الجنوب من منظور سياسي وكقضية حقوق مغتصبة وشعب يتعرض للقتل بسبب دفاعه عن هويته وتمسكه بحقوقه المشروعة. ولعل نظام صنعاء يريد بما حدث أيضا, تشتيت الأنظار عن القضايا السياسية الهامة, خصوصا في المحافظات الجنوبية, إذ أن مؤتمر نيويورك سيبحث, لأول مرة بشكل ظاهر, المسألة السياسية اليمنية, والتي تعيش في الوقت الراهن حالة تأزم سياسي بين الفرقاء اليمنيين, والذي أدى إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر عقدها العام الماضي, إلى أبريل 2011, إلا أن هذا التأزم لا يزال يشهد جدلا واسعا بشأن ما إذا كانت انتخابات البرلمان ستعقد في الموعد المؤجل أم لا, ما يعني أن البلد قد تبدو مضطرة للدخول في حالة فراغ دستوري من شانه أن يؤدي إلى انسداد الأفق السياسي اليمني ما ينذر بكارثة وشيكة, وقد يساعد في تحقيق بعض الطموحات لبعض التيارات والجماعات, سواء في الجنوب أو الشمال. وغير تهتك جدار البيت السياسي اليمني هذا بين الأحزاب, ثمة مشاكل سياسية أخرى أكبر أهمية, ومنها تصاعد المطالبات بانفصال جنوب اليمن عن شماله, وهو ما نطلق عليه نحن الجنوبيون اليوم بـ"فك الارتباط" عن نظام صنعاء واستعادة الدولة السابقة التي كانت تسمى بـ"جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية". ولعله من الملفت أن يتصاعد دور تنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية بشكل أكبر من المحافظات الأخرى, حتى محافظة مأرب الصحراوية القبلية, وسط اليمن. ما يعني عدم تغييب الدافع السياسي وراء ذلك, لكن هذا الخيار سيقودنا إلى التساؤل عن مدى ارتباط القاعدة بالسلطة حتى تقوم بتنفيذ بعض السيناريوهات حاليا, أو في الفترة القادمة. وسبقت الإشارة هنا إلى الأحداث التي وقعت في محافظة أبين خلال أغسطس الماضي, وسبتمبر الجاري, إلا أن القيادة العسكرية لم تتعامل معها بنفس التعامل مع محافظة شبوة, وهذا ما يدعو إلى فتح الباب على مصراعيه أمام أكثر من هدف أرادته السلطة في الوقت الحالي.. ولعل أبرز ما يمكن فهمه هنا أن السلطات العسكرية تسعى إلى توسيع حملتها إلى أكثر من محافظة جنوبية تحت ذريعة القاعدة, حتى يتسنى لها ضرب أهداف سياسية قد تمس شخصيات مهمة بأي تهمة تحت مظلة القاعدة, ويبدو أن هذا يشكل تمهيدا لأهداف مستقبلية, خصوصا مع تزايد المطالبة بالانفصال. وبشكل قريب من ذلك, تريد السلطة, في هدف ثان, توجيه رسالة إلى الرأي العام العالمي من أن الجنوب اليمني يعد موطئ للقاعدة, وفي أكثر من محافظة من محافظاته السبع, بدليل ما يحدث, حتى يتم إبعاد أي اهتمام دولي بفكرة الانفصال, وهذا الهدف يأتي بالتوازي مع هدف توسيع الحملة العسكرية لأكثر من محافظة, إذ تشكل مسألة التوسع في محاربة القاعدة هدفا داخليا للسلطة لتصفية أهداف سياسية, فيما يشكل توجيه الرسالة للرأي العام العالمي, بعلاقة الجنوب بالقاعدة إبعاد الاهتمام بفكرة استعادة الدولة السابقة وغض الطرف عما يعتمل على أرض الواقع؛ حتى يتم التفرغ لتصفية الحسابات مع الخصوم أكثر مما هو مع القاعدة. ولعل السلطة تهدف أيضا إلى جعل اجتماع نيويورك يوجه أنظاره إلى خطر تنظيم القاعدة بشكل أكبر من تركيزه على إصلاح الأرضية السياسية اليمنية, فالملعب السياسي لا يزال مشققا, ومن شأن ذلك مراكمة خطورة توجه البلد نحو الصوملة, وإلى جانب ذلك, فإن السلطة, ومن خلال ما يجري, تدلل على أنها لا تريد أي حل سياسي يأتي من الخارج بقدر ما تريد من هذا الخارج مساعدتها في محاربة ما يسمى بـ"الإرهاب". والكل يدرك أن السلطات الأمنية لا تواجه القاعدة بضراوة إلا لمقاصد سياسية, وهي, أي السلطة, من فتحت أجواءها أمام الطيران الأمريكي لضرب أي هدف يريد للمقاصد ذاتها, لحتى أحرجها في أكثر من مرة باستهدافه لمدنيين, إذ لم تجف بعد دماء ضحايا المعجلة بأبين الذين كشفت وسائل إعلام خارجية أنهم سقطوا, في ديسمبر 2009, ضحية صواريخ توماهك الأمريكية الصنع والتي تنطلق من على متن سفن, في حين أشارت معلومات أخرى إلى أن طائرات أمريكية بدون طيار هي من قصفت المنطقة بجنوب اليمن متسببة بـ53 قتيلا معظمهم من النساء والأطفال, وهي الطائرات ذاتها التي أودت بحياة الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة مأرب جابر الشبواني, نهاية مايو الماضي, وهو ما تسبب بمواجهات عنيفة بين الجيش وقبائل عبيدة المنتمي لها الشبواني. ولعل التدخل الأمريكي في اليمن, مسألة بات مفرغا منها, حيث كشفت, ولا تزال, وسائل إعلام أمريكية عن أن الولايات المتحدة قصفت أماكن للقاعدة في أكثر من مكان على الجغرافيا اليمنية, في حين لا تزال تلاحق عناصر القاعدة الذين تقول واشنطن إنهم لجئوا إلى اليمن بعد الحرب على أفغانستان. كما أن الجميع بات يسمع عن ربط مصادر رسمية في نظام صنعاء بين الحركة الشعبية الاحتجاجية المطالبة بالانفصال والمسماة بـ"الحراك الجنوبي", وبين تنظيم القاعدة, ما يعني أن مستقبل محاربة التنظيم في المحافظات الجنوبية سيمتد لتصفية أهداف سياسية تحت الذريعة ذاتها. ولا يُستبعد أن السلطات العسكرية اختارت محافظة شبوة لإبراز محاربتها للقاعدة هناك بالتزامن مع مؤتمر نيويورك, للترابط الذي يبديه أحد أهم المطلوبين للقاعدة في اليمن, أنور العولقي, فالرجل يحمل الجنسية الأمريكية كما يحمل الجنسية اليمنية, وتقول معلومات إنه يختبئ في محافظة شبوة, ولكن ليس في منطقة "الحوطة". وكتب نائب مدير تحرير صحيفة ديلي تلغراف البريطانية, في سبتمبر الجاري, مقالا قارن فيه بين زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن والناشط اليمني الأميركي الجنسية أنور العولقي الذي وصفه رئيس جهاز المخابرات البريطاني الداخلي (أم آي 5) جوناثان إيفنس بأنه "عدو الغرب رقم 1". وتحت عنوان "العولقي.. أهو بن لادن الجديد؟" قال فيليب جونستون "ربما لم تسمع به من قبل لكنه يمثل الوجه الجديد للإرهاب الدولي، إنه أنور العولقي، وخلافا لبن لادن الذي لم يظهر للعلن منذ سنين، فإن العولقي صاخب وجلي وخطير للغاية، ولو حصل هجوم في أي وقت قريب في لندن أو أي عاصمة غربية، فإن الاحتمال الأكبر هو أن العولقي هو من يقف وراءه". وهذا ما دفع وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) لإدراجه ضمن قائمة من تستهدفهم بالاغتيال، في حين تثير علاقة العولقي مع القاعدة قلقا خاصا في الأوساط الغربية نظرا لاتساع دائرة أتباعه في الدول الغربية بما فيها المملكة المتحدة، حسب ما نقله الكاتب عن إيفنس. وبما أن الربط بين القاعدة والحراك يخدم آراء الصقور في نظام صنعاء, فإن لذلك خطورة أكبر من تلك, ما يعني أن السلطة تريد للجنوب أن يتحول إلى حمام دم, حتى لا يكون الانفصال ممكنا. وبما أن الخيارات كلها واردة, إلا أن الأهم من كل هذا أن اليمن قادمة على أيام عصيبة, ففي حالة دخول البلاد في فراغ دستوري ستسعى السلطة إلى تمضية الوقت, أمام الرأي العالمي, بمحاربة الإرهاب بل وتريد دعمها في ذلك, وليس بمستبعد أن توسع عملياتها نحو محافظة مأرب الشمالية؛ لدحض الاتهام باستهداف الجنوب. وما يجعل هذه الخيارات واردة, أن نظام صنعاء لا يريد حلحلة الخلافات السياسي أو إبداء حسن نية نحو إصلاح الملعب السياسي؛ لأن هذا يعني, بالضرورة, إجراء انتخابات حرة ونزيهة برعاية دولية ستفقد الحزب الحاكم الحالي أكثريته في السلطة التشريعية, على أن البلد مقبلة أيضا على انتخابات رئاسية ليس من حق الرئيس الحالي علي عبد الله صالح الترشح فيها طبقا للدستور, إلا إذا جرى تعديل في هذا الإطار, ولن يجري تمرير مثل هذا التعديل في ظل برلمان يحضا بالتساوي بين الفرقاء السياسيين. وبانتظار جديد مؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك, خصوصا فيما يتعلق بالمجال السياسي المطروح على جدول الأعمال لأول مرة, كما أننا في انتظار سيناريوهات السلطة في محاربتها للإرهاب, في "جنوب اليمن" على وجه الخصوص.
| |
|