أخ الفاضل الأستاذ / مــحــمــد عــبــاس نــاجــــي الدريمين حفظكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... وبعد ؛
يهدي حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" أزكى تحياته وأطيب أمانيه لكم بالتوفيق والفلاح ..؛
ويسعدنا أن نشكر لكم مبادرتكم بدعوة حزبنا برسالتكم التي وجهتموها للأستاذ السيد عبدالرحمن علي الجفري رئيس الحزب ولقيادة وأعضاء الحزب معربين فيها عن تقديركم لدور الحزب الوطني التاريخي والحالي البارز.
أيها الأخ الفاضل :
إنه لمن المناسب ونحن بصدد الرد على الدعوة الكريمة من الإخوة في الحراك للتحاور والتي كلفوكم بنقلها إلينا أن نضع بعضا من الحقائق التي نعتقد أنه بدون فهمها والتمعن فيها ومعرفتها سيكون هناك دوما قدرا من سوء الفهم و/أو التقدير .. وهذه الحقائق هي :-
1. إن حزبنا منذ تأسيسه في أواخر أربعينات القرن الماضي {1948} تحت مسمى " رابطة أبناء الجنوب " ثُمَّ حزب { رابطة الجنوب العربي } ثُمَّ حزب [ رابطة أبناء اليمن " رأي "] وهو حزب وحدوي التوجه .. إسلامي المعتقد .. عربي الإنتماء .. وسطي النهج .. وهو التنظيم الوطني الذي أعطى لما يُسمى عدن ومحمياتها الشرقية والغربية مسمى " الجنوب ".
2. ومنذ خمسينيات القرن الماضي إختار الديمقراطية والتعددية أسلوب حكم وإدارة للشأن العام وافدرالية نظام دولة.
3. كان رفض حزبنا للتبعية والضم والإلحاق لجزء بآخر لا رفضا للوحدة القائمة على الندية والتكامل .
4. كانت { اليمنية} مصطلحا يعني هوية جهوية ولا يعني الهوية السياسية في أي مرحلة تأريخية سابقة لنشوء ( المملكة المتوكلية اليمنية ) على يد الإمام يحيى حميد الدين الذي وحد الإقليم الشمالي والذي لم يكن موحدا لفترات طويلة؛ وأراد غفر الله له أن يجعل من هذا المصطلح سبيله لتوسعة دولته بطريق الضم أو فتح الأمصار .. ومن ثَمَّ اسس لدعواه بأن ما كان يعرف بعدن ومحمياتها الشرقية والغربية { الإقليم الجنوبي} جزءا من مملكته في محاولة منه لجعل ما كان دوما مصطلحا جهويا مصطلحا سياسيا .. وحتى لا يختلط الأمر عندما عرَّف روادنا المؤسسون " الجنوب العربي الكبير " كنطاق جغرافي للتفريق بينه وبين الجنوب العربي " عدن ومحماياتها الغربية والشرقية " اضافوا مصطلحا تعريفيا آخر للجنوب العربي الكبير وهو { اليمن الطبيعية } . . حسما ورفضا للدعوة التي تعني التابع أو الفرع والأصل واضعين بذلك أسس الدعوة لوحدة تحقق الشراكة.
5. كان حزبنا يرى – ولايزال – أن الوحدة هي الخيار الأنسب لأمتنا العربية – سواء على المستوى الإقليمي أو القومي - شريطة توافر عوامل إستمرارها وقيام البيئة الصالحة لقيام عناصر تماسكها وقوتها .. ومن هنا لم يكن – وإن رأى لها ميزة نسبية عن ما سواها – يشترط أسبقية وحدة { الإقليم الجنوبي } مع الإقليم الشمالي إلاَّ بتوفر الشروط الموضوعية لذلك لأنه كان يرى أن توفر الشروط والعوامل هو المعول عليه وبالتالي الوحدة ليست مقصورة بأن تكون مع ما كان يُعْرَف بالمملكة المتوكلية اليمنية أو بالجمهورية العربية اليمنية فيما بعد .. وللعلم فعندما تحققت وحدة مصر وسوريا " الجمهورية العربية المتحدة" عام 1958م وأُعلِن إتحاد المملكة المتوكلية اليمنية معها { الإقليم الشمالي }؛ لم يرتفع أي صوت آنئذٍ من أي رائد من رواد الحركة الوطنية معترضا أو مطالباً بالإنتظار لإستكمال وحدة إقليمينا الشمالي والجنوبي قبل الإتجاه لإتحاد أحدهما مع الجمهورية العربية المتحدة .. بل ورحب الرئيس جمال عبدالناصر "رحمه الله" بذلك.
6. إن الأولوية المطلقة التي كانت لحزبنا عند التأسيس هي لإستقلال ووحدة الجنوب العربي الذي كان مهما .. وقيام دولته الفيدرالية المستقلة ذات التعددية السياسية والحزبية المعتمدة على الديمقراطية المحققة للتوازن وحرية الإختيار للشعب صاحب ومصدر السلطة كما أوضحه بيانه الصادر في مارس 1956م في عدن ثم يقرر الشعب مصيره في كيف ومتى تتم الوحدة للجنوب العربي الكبير { اليمن الطبيعية }.
7. إذن مسمى " الجنوب العربي " مما سبق يتضح لكم أنه لم يكن من قريب أو بعيد صنوا للتشرذم أو الإنقسام .. وبقدر ما كان يحمل الدلالة الواضحة على رفض التبعية والضم والإلحاق وما تؤدي إليه من تمييز وغياب للمواطنة السوية إلا أنه أبعد ما يكون عن الإنسلاخ أو التنكر لليمن أو لجهتنا اليمنية ولأرومتنا العربية أولمنهجنا ونهجنا الإسلامي السمح الذي بواسطته نجح آباءنا وعلماؤنا ومهاجرونا في نشر الإسلام في كل موطىء قدم وطؤوه في هذا العالم وهذا هوجوهر القضية والهوية الجنوبية كما نرى ونعتقد .
8. وإتساقا مع ما سبق فإنا نرى أن إعلان الوحدة في عام 1990م لم يكن إعلانا لوحدة حقيقية بين الشعبين - وقد أعلنا ذلك في حينه – لأنه كان إعلانا لوحدة بين حزبين تقاسما السُلْطة، والبلاد، والعباد، والشجر ،والحجر والمدر .. ثم جاءت حرب 1994م الظالمة ولم تحقق هي أيضا الوحدة وإنما حاولت أن تضع حلا - ولم تنجح- لبعض قضايا الخلافات السياسية وحسمها بالقوة فجاءت إفرازاتها ونتائجها ما نراه على الساحة حاليا.
وبناءا على ما تقدم سيتضح لكم أن " الوحدة " في فكر حزبنا ليست {صنما من تمر نعبده وإن جعنا نأكله} بل يمثل هدفا ساميا نسعى بصدق لتحقيقه ليصبح وسيلة فعالة لتحقيق أمن واستقرار ورخاء وتقدم وتطور البلاد والعباد .. ولأن [ الوحدة] لا تمثل غاية لذاتها " صنما من تمر نعبده " أو وسيلة لتخدم أهدافا ضيقة لحزب أو فئة أو جماعة أو منطقة ما من الوطن فقط وبالتالي إن لم تتحقق هذه المصالح الضيقة رفضنا الوحدة واستبدلناها بالإنفصال " وإن جعنا أكلناه". .
إذن أخي الكريم
أعتقد أنه قد أتضح لكم أن الإنفصال أو فك الإرتباط لا يمثل بالنسبة لنا الوسيلة الأنسب لتحقيق الغايات من رفع للظلم .. وإلغاءٍ للتمييز بين أبناء الوطن ومناطقه .. وحيادية المال العام والوظيفة العامة .. وتحقيق المواطنة السوية بمرتكزاتها الثلاثة { عدالة في توزيع الثروة والسلطة والديمقراطية المحققة للشراكة الحقيقية وللتوازن في المصالح السياسية والإقتصادية والإجتماعية بين فئات الوطن وبين مناطق الوطن والتنمية الشاملة والمستدامة } وغيرها من الغايات والمصالح والأهداف التي قد لا نختلف وإياكم " كحراك جنوبي سلمي " حولها مثل الإعتراف بالتنوع الإجتماعي والثقافي والمذهبي والتاريخي والماضي الذي يشكل ثروة حتى وإن برز في شكل هويات محلية؛ خاصة وقد عاشت منطقتنا تأريخا إنقساميا وكانت دولا قديمة وحديثة .. والإعتراف والتعامل الإيجابي مع هكذا قضايا يحولها إلى قضايا إئتلاف .. وإنكارها ومحاولة وأدها أو صهرها يحولها إلى قضايا إختلاف أو خلاف .. ولا شك أنكم تتفقون معنا – وهذا ليس ذما أو قدحا في أحد بقدر ما نورد حقيقة – أنه قد كانت للجنوب دولة ولم تحقق ذلك .. والإنفصال بذاته لا يحقق شيئا من ذلك وإنما نظام الدولة والحكم الذي يحقق ذلك سواء في ظل الوحدة أو الإنفصال.
وبنفس القدر من إتفاقنا على مجموعة من الأهداف التي يسعى كل منا إلى تحقيقها فقد تباينا في الوسائل فأنتم ترون أن تلك الأهداف تتحقق بالإنفصال .. ونحن نؤمن أنها ستتحقق بشكل أنسب وبأقل كلفة ممكنة وفي أقصر وقت ممكن إذا ما ظل الوطن متحدا على أساس فيدرالي بين إقليمين شمالي وجنوبي .. وفي إطار كل إقليم تتمتع الوحدات الإدارية المكونة له بحكم محلي كامل الصلاحيات .. وهذا التباين في الوسائل والإتفاق في الأهداف هي القاعدة الصحيحة التي تقوم عليها العملية الديمقراطية دون أن يكون ذك – إن إستوعبنا الأسس الصحيحة للديمقراطية – سببا للفرقة أو الشقاق أو الخصومة أو العداء السياسي بين أطراف العمل السياسي في أي مجتمع مدني سوي .. ومن هنا كان موقفنا المعلن من تأييد حق الحراك الجنوبي السلمي في التعبير واختيار وسائله لتحقيق أهدافه بصرف النظر عن اتفاقنا أو إختلافنا في الرؤى .. ولهذا كان حزبنا أول من نادى وطالب ولازال بأن يكون " الحراك " ممثلا في أي حوار ولم نصمه باللاوطنية أوبالخروج عن " الثوابت" و...و...و.. إلخ. من تلك الإكليشات التي مللناها والهدف منها الإقصاء والتهميش.
والخلاصة يمكننيا القول وبكل أمانة وصدق أنه بالقدر الذي نتمنى لكم النجاح في توحيد صفوفكم منعا للإنقسام والتشظي وإطالة أمد حالة اللاإستقرار واللآإطمئنان التي يعيشها العباد والبلاد إلا أننا لا نجد أمام هذا الإختلاف في الوسائل والسبل - لتحقيق أهداف مشتركة عظمت أو صغرت .. قلت أو كثرت – ما يمنع من الإستجابة لدعوتكم للحوار الصادق المعمق؛ وأملنا أن يستفيد الجميع من تجارب الماضي القريب والبعيد بالإبتعاد عن آحادية الرأي وأوحدية الإطار السياسي والقبول بالتعددية السياسية وتعددية الأُطر حتى في الإطار الواحد الجهوي، فإن الأوحدية قد أضاعت عقودا على شعبنا في صراعات أوصلته لما هو عليه وسنظل مدافعين ما وسعنا عن حقكم في المشاركة في أي حوار وطني شامل لا يستثني أحدا ولا يضع عوائقَ لما يُطرح من قضايا ؛ وأن يعمل الجميع على تحقيق عوامل وعناصر نجاحه عمليا.
وتفضلو بقبول فائق التقدير والإحترام .. وتحياتنا لكل زملاء العمل الوطني الصادق في الحراك السلمي.
25/10/1431هـ
03/10/2010م
أخوكم يحيى محمد الجفري
رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية