نضمت مدينة عدن، أمس، إلى قائمة المحافظات اليمنية الجنوبية التي تشهد اختلالات أمنية، في الوقت الذي اقترب موعد احتضان المدينة لبطولة «خليجي 20» المقررة الشهر المقبل
فقد أصيب جنديان، أمس، في هجوم نفذه مسلحون في منطقة دار سعد بمدينة عدن على دورية أمنية بواسطة قذيفة «آر. بي. جي»، وهذا هو الهجوم الأول من نوعه في عدن، بعد الهجوم الذي استهدف مبنى جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في حي التواهي بالمدينة في يونيو (حزيران) الماضي، وكذلك شهدت، وللمرة الأولى، محافظة حضرموت، قبل 3 أيام، عملية اغتيال لأحد ضباط المخابرات، بعد سلسلة حوادث الاغتيالات والهجمات التي تستهدف الدوريات الأمنية في محافظات: لحج، وأبين، وشبوة. وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المسلحين كانوا يستقلون سيارة ولاذوا بالفرار بعد أن أطلقوا القذيفة على دورية شرطة النجدة المرابطة في (دوار دار سعد)، على مدخل مدينة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد، وأن المكان، الذي شهد الحادث، أخلي مباشرة من آثار الحادث بعد تطويقه من قبل أجهزة الأمن. وفي محافظة لحج اعتقلت أجهزة الأمن هناك شخصا وقالت إنه مشتبه بانتمائه لتنظيم القاعدة وإنه يدعى صالح، م، جعفر وهو في الثلاثينات من عمره.
ونقل مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية عن الأجهزة الأمنية في مدينة الحوطة، عاصمة لحج، قولها إنه تم «ضبط المتهم من قبل دورية أمنية بقيادة مدير أمن الحوطة، وإنها ضبطت بحوزته قنبلة يدوية»، وأكدت أن المتهم «كان يخطط لاستهداف رجال أمن، أو أعضاء من السلطة المحلية في المحافظة»، وأنه ضبط «قبل أن يتمكن من تنفيذ جريمته الإرهابية»، مشيرة إلى أنها أحالت المتهم مع القنبلة المضبوطة بحوزته لإجراءات التحقيق. وذكرت أجهزة أمن لحج أنها اعتقلت شخصين آخرين مطلوبين لأمن محافظة عدن، وقالت إنهما متهمان في قضايا «ذات خطر عام، تمس الأمن والاستقرار»، وإنه ضبط بحوزة المتهمين دراجة نارية. وفي منطقة كرش في المحافظة ذاتها، قتل شخصان وجرح 6 آخرون، بينهم 3 جنود، وذلك في مواجهات عنيفة دارت بين مسلحين وقوات من الجيش.
وقالت مصادر محلية في لحج لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات اندلعت بعد قيام مسلحين، من قبائل الصبيحة، بقطع الطريق العام الموصل بين مدينتي تعز وعدن، على خلفية قيام أجهزة الأمن باعتقال عيدروس مليط، أحد مشايخ المنطقة، إثر التداعيات التي خلفتها حادثة تبادل إطلاق نار بين مسلحين وقوات من اللواء «العسكري 33» المرابط في المنطقة.
من جهة أخرى علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن مسلحين مجهولين في مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين، اغتالوا، مساء أمس، صف ضابط غازي السماوي، أحد منتسبي المباحث الجنائية في المحافظة البارزين.
وجاء اغتيال السماوي بعد شهر تماما على تهديد تنظيم القاعدة في أبين، عشية عيد الفطر الماضي، بقتل عدد كبير من ضباط المخابرات وأجهزة الأمن المختلفة هناك، في بيان للتنظيم تضمن أسماء 55 شخصا من منتسبي جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، والبحث الجنائي والأمن العام والاستخبارات العسكرية.
وتشهد عدة مناطق يمنية جنوبية اضطرابات أمنية وحوادث اغتيالات تطال ضباطا في أجهزة المخابرات ودوريات أمنية، وتتهم السلطات اليمنية تنظيم القاعدة وما تسميه «الحراك الانفصالي» بالوقوف وراءها، وتجري هذه التداعيات مع قرب استضافة مدينة عدن ومحافظة أبين المجاورة الحدث الخليجي الرياضي الكروي الأهم وهو بطولة «خليجي 20» التي لم يتبق على إقامتها سوى 42 يوما.
وتحاول السلطات اليمنية طمأنة الدول الخليجية والعراق المشاركة في البطولة بشأن الأحداث الأمنية الجارية التي نشرت المخاوف لدى تلك الدول، وأعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، مؤخرا، أن أكثر من 30 ألف جندي سيقومون بحماية وتأمين البطولة التي تقام للمرة الأولى في اليمن، منذ انضمامه إلى بعض مجالس مجلس التعاون الخليجي ومنها الرياضي.
وقالت السلطات اليمنية إنها وضعت 3 أسيجة أمنية حول المناطق التي ستقام فيها البطولة، غير أن الحادث الذي شهدته عدن، أمس، يعد مؤشرا خطيرا على مدى الانفلات الأمني الذي تتباين المواقف الرسمية حوله بين مقلل من شأنه ومن يتحدث عن وجود متنام لتنظيم القاعدة وجماعات جهادية أخرى متطرفة في المنطقة، وفي الوقت الذي ترجع السلطات وجود القاعدة إلى علاقة بين الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة، تقول قوى الحراك الجنوبي إن ما يجري هو من «صنائع السلطات»، وذلك لـ«وصم الحراك بالإرهاب».