[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شبكه باعوضه- العربيه نت
يقول الحارس الشخصي لأسامة بن لادن، ناصر البحري (أبوجندل)، إنه عاد إلى اليمن بإذن من بن لادن نفسه، بعد أن تكفل الأخير بتكاليف زواجه، وعاد بعده لمهمته مرةً أخرى حارساً له، ولكنه استأذن في عام 2000 للعودة النهائية إلى اليمن.
ونشأ أبوجندل في السعودية وتأثر بالأفغان العرب والأجواء الجهادية، وبايع أسامة بن لادن على السمع والطاعة بعد أن اجتمع به واستطاع الأخير إزالة مخاوفه، وانخرط في التدريب المكثف، وتوثقت علاقته ببن لادن. والغريب أنه روى رغبة زعيم القاعدة بقتله إذا وصل إليه الأمريكان وكان يعد ذلك استشهاداً، تلافياً لانكسار ما سماه بالشوكة التي تطعن في خاصرة أمريكا، واعتباراً لحجم المعلومات التي بحوزته.
وعن "البيعة" لبن لادن، لم يستطع ناصر البحري أن يحدد إن كان لازال مُلزماً بها أم لا، علماً بأنها تسببت في تكفيره، إلا أنه يتعامل مع الأمر بأريحية كبيرة، ويعتقد أن بن لادن لايزال حياً، ويقول حول هذا الأمر: أنا جلست مع الشيخ أسامة بن لادن وسألته كيف نبايعك؟ فضحك وقال نجلس ونقول هكذا وننفض يدنا بيد بعض، فمددت يدي فضحك الشيخ ومد يده، فتلفظت بالبيعة، ومن يومها انضممت إلى التنظيم.
ويشير حارس بن لادن إلى أن ذلك حدث أواخر 1996 وأوائل 1997، قبل أحداث نيروبي ودار السلام بعام كامل.
"جوهرة في يد فحّام"
حديث حارس بن لادن وغيره من المواقف تضمنها كتاب جديد للإعلامي السعودي تركي الدخيل، صدر حديثاً عن دار "مدارك للإبداع والنشر والترجمة والتعريب" ببيروت وحمل عنوان: "جوهرة في يد فحام.. رحلات ومقابلات صحافية في اليمن السعيد".
واختار المؤلف عنوان هذا الكتاب من وصف استعاره العالم المصري أحمد فخري من عبدالعزيز الثعالبي التونسي وهو يبث شكوى اليمن للشامي في كتاب "رياح التغير في اليمن". ويمضي الدخيل ليفسر أثر هذا التجني على اليمن منعكساً في الفن اليمني الساحر: "استطاع اليمن الثقافة واليمن الوجع أن يؤسس فلكلوره الشعبي"، الذي يعبر عن الأوجاع والمعاناة من الفقر والاضطراب.
وقد أعجب الرحالة باليمن، فهو الدولة الأكثر ثراءً والأقل إثراءً، تشغله معادلات الاتصال والانفصال وتقلبات لا تفهم، فهو قديم العهد بالاضطراب، والاحتراب والمواقف المتناقضة.
وتحدث الكتاب في مقدمته التي شغلت 45 صفحة، وكانت عبارة عن فلاشات مكثفة بعناوين منفصلة، عن دور الإخوان المسلمين في ثورة 1948، وما قيل عن دور الإخوان المسلمين في مقتل الإمام يحيى، منبهاً إلى أن مؤرخي اليمن يدمنون "إهمال لاعبين أساسيين في تاريخه المعاصر"، وذكر تجربة الإخوان التي انتهت بهم كحلفاء للسلطة في زمن قريب عبر التجمع للإصلاح.
وأشار الدخيل إلى دور الفضيل الورتلاني "الجزائري" وهو معروف عنه بأنه ناشط إخواني، انتدبه بن باديس للدعوة في فرنسا، وينقل وصف الشامي للورتلاني بأنه هو من غير مجرى التاريخ اليمني لاعتقاده أنه هو من صنع الثورة الأولى 1948، يتوافق هذا مع إشارة الدخيل إلى المقالات التي تحدثت عن تدبير خفي لحسن البنا في مقتل الإمام يحيى آل حميد الدين.
وليكمل المشهد السياسي تحدث الكتاب عن الحزب الاشتراكي اليمني الذي لم يندثر كغيره من الأحزاب الاشتراكية التي أضحت أثراً بعد عين، فالاشتراكي اليمني لازال فاعلاً، وعلاقته بالإسلاميين صارت تفاهماً بعد عداء وتحالفاً بعد تخالف وتراصاً في وعاء جامع ضد المؤتمر الحاكم.
الإشكال بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي هو في تعدد التيارات التي تتدثر بمسميات الأيدولوجية والإصلاح. تتقاطع هذه المعطيات مع تحديات المجتمع القبلي المسلح، والأجواء المدججة بالإشاعة ونذير القتال، في هذه الأجواء يقف الإخوان مؤيدين لدعاوى الانفصال وأيضاً مباركين لتمرد الحوثيين. يتركنا الدخيل أمام دوامة من الأسئلة التي لا تصلح معها الإجابة: من قتل الإمام؟ من دعم التمرد؟ من آزر الحراك؟ ولماذا؟
ويروى الدخيل أنه عقب حرب الانفصال كان الإخوان المسلمون يشتكون تنفير التشدد السلفي، وكان التيار السلفي يشتكي من قيادات الإصلاح التي احتمت بالسلطة وسلطتها على رقاب السلفيين. ويروي أيضاً عن الشامي الذي يحكي عن والده الزيدي الذي كان يعيش بين الشوافع ويصلي معهم، ولكن الآن وبعد أن ظهر تمرد الحوثيين وفشت الهواجس من وجود اختراق إيراني (مفترض) وغيره، بدأت تغيب أخلاقيات التسامح وتطل قرون الطائفية البغيضة، فهل يستطيع الشعب أن يستمر قوياً متلاحماً يهزم التقسيم الإثني وينتصر لليمن؟
الخرافة في اليمن موجودة، ففي اليمن توجد لعنة الخرافة فمتى غاب نور العلم تمددت سرابيل الخرافة، كانت الخرافة في اليمن حاضرة واستخدمتها حاشية الساسة والملوك ليظن المواطن البسيط أن مَلِكَه يملك الإنس والجن معاً فلا فكاك منه، وأضحى كل ما يستعصي على التفسير مُعلقاً على شماعة الغيب.
متى ذكر اليمن يُذكر القات. هكذا يقول البعض ولكن هل القات يسعد اليمنيين أم يقتلهم؟ فبرغم الفقر مازال أهل اليمن يستحقون أن يكونوا أهل اليمن السعيد. "هم راضون لأنهم ضيوف القدر".
السلاح في اليمن متاح للجميع ولا مانع من حمله إلا حضور الرئيس أو ارتياد المرافق الحكومية، ما يذكي العنف والصراعات القبلية.
بعد هذا المسح يقدم لنا الكاتب حوارات تجعل الباحث قادراً على قراءة الوضع في اليمن بشكل سهل، واختار محاور للجدل فكانت الجدل الديني، وجدل المرأة، وجدل الأدب والسياسة والقصيد، وينتخب الكاتب خلاصة من حواراته التي أجراها وينتقي رموزاً لها وزنها، استطاع عبرها أن يوفر مادة دسمة ترسم اليمن في لوحة دقيقة لم يهمل خلالها أي تفاصيل، حاول تغطية مثار الجدل في اليمن، واصطفى للجدل الديني ثلاثة رموز وهم عبدالمجيد الريمي السلفي، ثم الحبيب علي الجفري الصوفي، والثالث أبوجندل القاعدي "السلفي الجهادي".
عبدالمجيد الريمي
شيخ سلفي كبير عمل رئيساً لمجلس أمناء مركز الدعوة، عُرف عنه إسهامه الفكري والديني وله كتب تتلمذ عليها أتباعه وأحبابه، حاوره الدخيل مسلطاً الضوء على قضايا بالغة الأهمية. يعيب الريمي على الإسلاميين الذين توغلوا في الديمقراطية حتى عدوها موازية للشورى، تحدث الريمي عن ضوابط التناصح وضرورة قول الحق وعدم اتهام بعض المسلمين بعضاً دون إقامة دليل.
إلا أنه دافع عن نفسه بخصوص مهاجمته الحوثيين، مؤكداً أن وحدة العالم الإسلامي لها أسس يناقضها من سماهم الرافضة لوجود شركيات لديهم، وشدد على ضرورة ابتعاد الزيدية عن الحوثيين، مؤكداً أن علاقة التيار الذي ينتسب إليه بالزيدية طبيعية، وأن الخلاف بينهم يقوم على الحوار، على خلاف من سماهم بالروافض، مجدداً تأكيده أن الفكر الحوثي متشبع بالمد الإيراني، لذلك فهم (السلفية) يوعون الناس بخطورة هذا الفكر.
الفكر الاثني عشرية مرفوض عنده. لكنه يقرّ بأن الاشتطاط في الخلاف ربما يولد فتنة قد تغذيها "أمريكا"، لذلك ينبغي البحث عن قواعد جديدة للحوار لتقعيد الوحدة الإسلامية على منهج تقاربي، إلا أنه أكد أن السكوت عن الخلاف العقائدي خطير ولكن يجب ألا يؤدي هذا الخلاف الخطير إلى الاقتتال.
الحبيب علي الجفري
داعية ومدرس للتصوف في تريم، أثار إخراجه من مصر في عام 2001 جدلاً واسعاً، فكانت إجابات الحبيب لأسئلة الدخيل دبلوماسية ورقيقة، هو لا يحب وسمه بالسياسي، بالرغم من أن والده ناشط سياسي بارز، إلا أنه لا يحب أن يوصف بهذه الصفة، فهو يقدر أن رسالة الأسرة دينية طرأت عليها السياسة لا العكس.
تحدث الجفري عن دور الصوفية الحضارمة في نشر الإسلام، وقال إن الحضارمة اشتغلوا بالعلم في البلاد الأعجمية، وأكد أن الذين أدخلوا الإسلام إلى إندونيسيا علماء حضارمة امتهنوا التجارة. والجفري يؤمن بأن التصوف يرفع راية الجهاد حينما يكون مستكملاً شروطه، وينفي أن يكون التصوف مذهباً خامساً، ويقول إنه علم سلوكي يمتاز بقواعد المتصوفة أنفسهم، فالتصوف عنده من علوم الشريعة، وعاب على البعض الخلط بين مسائل الفقه والعقيدة، وقرر أن الأمر المحرم غير الداعي إلى الشرك وصف قلبي يجب أن يكون صريحاً عن قصد ولابد أن يسأل مرتكبه.
وأرجع الجفري انتشار ظاهرة التكفير إلى الاضطراب في توصيف الاختلاف الذي جعل الفروع أصولاً وإلى الانغلاق على رأي واحد، وأكد أن النص في الشريعة يبيح الاختلاف.
احتوى "جوهرة في يد فحّام" الإشارة إلى ثلاث قضايا في الشأن الثقافي اليمني الراهن، دور المثقف في السلطة والتغيير في نقاش مثير مع عبدالعزيز المقالح، ودور الأدب في السياسة مع شاعر الثورة محمد الشرفي، وجدل المرأة وحقوق الإنسان مع الناشطة أمل الباشا.
وقدّم الكتاب لكل حوار بمقدمات خفيفة تحوي أهم النقاط التي تناولها المؤلف مع ضيوفه، ما يسهل هضم الكتاب الذي كانت مقدمته الضافية لوحة بانورامية عن عجائب اليمن السعيد، الذي تؤكد كل التحولات والتطورات الأخيرة التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة أنه ربما يكون حقاً "جوهرة في يد فحام".