بقلم : د. عبيد البري
سيستمتع أبناء محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها هذه الأيام بالتواصل مع أشقائهم من دول الخليج العربي من خلال احتــضان عدن وأبــين لبـطولة خليجي 20 الذين حُرموا من التـواصل معهم طوال العقود الماضية .. وتعتبر عدن أن اختيارها لذلك هو تشريفاً لها من دول الخليج العربي الشقيقة, وتتفهم جيدً لتصريح الأخ الشيخ محمد صباح السالم الصباح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الذي أكد أن دورة كأس الخليج هي دورة أخوية تربط أبناء الخليج بعضهم ببعض..وأن الفوز الحقيقي يتجسد من خلال اللحمة الخليجية والاستمرارية في التواصل من خلال هذه الدورات. فشعب عدن والمحافظات المجاورة لها تدرك حقيقة العلاقة الأخوية مع شعوب مدن الخليج العربي الشقيقة.
وتأتي فرحتها بهذا الحدث الرياضي بعد أن حُرمت أيضاً, من متعة وفائدة الرياضة لغياب البنية التحتية والدعم المادي والمعنوي من قبل الدولة وهذا ما تم كشفه خلال فترة الإعداد لهذه البطولة في محافظات تعاني من التصحر ليس فقط في الرياضة بل وفي الثقافة ومختلف أنواع الفنون الى جانب إهمال المدن والمنشآت التي كانت قائمه من قبل.
وكما هو معروف أنه يأتي اختيار المدن لاحتضان بطولات رياضيه دوليه على أساس جاهزية البنية التحتية كشرط أساسي . لكن هذه المرة كان لاختيار عدن التي تفتقر لذلك بشكل يكاد يكون نهائي , يعتبر لفته طيبة من الأشقاء في دول الخليج من أجل تأخذ عدن المعروفة بحضارتها وأمنها وتقارب شعبها مع شعوب الخليج ولو جزءا من حقها بالاستفادة من هذه المناسبــة في إعادة تشييد ما تم إهماله وبناء ما كان يجب عمله قبـل عشرات السنين.. وهذا ما لا يخفــي على الأشقاء الخليجيين الذين كانوا ولا زالوا يدعمون بسخاء تلك المحافظات بالرغم من أي اختلاف مع حكامها السابقين.
إن العصر الراهن هو عصر التكتلات الدولية على أساس الجغرافيا والمنافذ البـحرية.. وتعتـبر دول الخليج العربي أن المسطح المائي الممتد من الخليج العربي وبحر عمان مروراً ببـحر العرب الى خليج عدن هو القاسم المشتـرك لها على الأصعدة السياسية والإقتصادية والأمن القومي. . وهذا ما يفــهمه سكان المدن الواقعة على البحر العربي التي تسمى حاليا بجنوب اليمن, وهي في الحقيقة شرق اليمن وليست جنوبه, بل هي جزءا من المناطق العربية الواقعة على بحر العرب في جنوب منطقه الجزيرة والخليج العربي. وكانت عبارة عن سلطنات ومشيخات مثلها - في فترات سابقة – مثل تلك البلدان الواقعة على الخليج العربي وبحر العرب . و تم توحيدها في عهد الحكم البريطاني لعدن تحت اسم "الإتحاد الفدرالي للجنوب العربي".. لكن للأسف فقد منحتها بريطانيا الاستقلال في عام 1967 م لتقع من جديد رهينة الاستعمار الجديد المتمثل آنذاك بالإتحاد السوفييتي بفعل التآمرات الدولية والمحلية على المنطقة لغرض حفظ التوازن القطبي بين الشرق والغرب.
وفي السنوات القليلة الماضية سعت الحكومة اليمنية من ناحيتها إلى التقرب من دول مجموعة التعاون الخليجي لأهداف اقتصادية واضحة , لكن وضعها الاقتــصادي والسياسي لا يؤهلها لذلك .. فبـعد تكرار الطلبات الملحة للانضمام إلى مجلس التعاون , قبل المجلس مشاركتها في بعض الأنشطة غير الاقتصادية والسياسية للدول الخليجية . و لولا جسر الجنوب لما استطاعت اليمن أن تحصل على تلك الفرصة كخطوة أولى للوصول إلى الهدف الذي يعتبر واحدا من أسباب تمسكها بالجنوب, بالإضافة إلى أسباب أخرى رفعت من أجلها شعار (( الوحدة أو الموت)).
وعلى نقيض السياسات الإستراتيجية لدول الخليج العربي فيما يتعلق بالجنوب أرضاً وبحراً , وبناءاً على الميول التاريخية والتجاذب والتقارب مع شعب الجنوب, تعتقد اليمن إن إخضاعها للجنوب سيضع دول الخليج أمام أمر واقع, فأما قبول الكل أو حرمان الكل من ذلك التقارب والتواصل .. وتعتقد أيضا, أن إقامة البطولة في عدن وأبين هو اعتراف من دول الخليج بشرعية الوحدة مع الجنوب .. وقد أخطأت في تقديراتها أيضاً عندما جاءت بعشرات أو بمئات الآلاف من الجنود لحفظ الأمن وإنجاح هذه الدورة الكروية في محافظة عدن الآمنة بسكانها المسالمين أهل الحضارة والمدنية والثقافة الذين يعرف عنهم أنهم شعب مضياف بالفطرة! .. فما بالك عندما يكون القادمون إلى أحضان عدن وأبين هم أهم الأشقاء !.
د. عبيد البري عدن