[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شبكه باعوضه-متابعات
5-ديسمبر 2010
مقدمة
في 5 ديسمبر 1952 ولد البطل العدني الشهيد فاروق علي احمد في حي المعلا بعدن. وبينما نحتفل اليوم بعيد ميلاده الثامن والخمسين لا ننسى ذكرى استشهاده الثالثة والعشرين على ايدي الرفاق في ديسمبر 1987 بعد انهى 35 عاما على هذه الارض الفانية قدم فيها لعدن وللجنوب عصارة جهده وحبه وإخلاصه فلا نامت أعين الجبناء
.
مرثية
الى روح الشهيد العدني فاروق علي احمد
بمناسبة عيد ميلاده الثامن والخمسين
في ثلتطعشر حمران العيون فروا
وفي ثلتطعشر بن ياتو وإندكه صمد
إنه فاروقنا جاب للقاضي وللطغمة الكمد
إنه فاروقنا لم يبع لودر ولا باع العند
قاضي الطغمة تفلسف وبالاعدام حكم
ظن ان الروح تذهب مع ذاك الجسد
مصطفى الابله كيف تعدم حمال القلم
لعنة التاريخ عليك ولعنة الفرد الصمد
احمد باحبيب
5/12/2010
جداريات فاروق
1. مجزرة ..
أطفأ القتلة أنوار الغرفة المغلقة برتاج الذعر .. تبادلوا الابتسامات الشبحية الصفراء. علقوا ضمائرهم في السقف ثم وقعوا على قرار قتله.
غسل القتلة أيديهم من دم فاروق، وأحرقوا آثار الجريمة البشعة، وناموا تلك الليلة هادئي البال، فقد أرسلوا "حاكمهم" الذي أرقهم بالأسئلة إلى ساحة الموت، وأطلقوا الرصاص على أنصاب التهم، والأصابع، التي تلاحقهم .. وعلى الأصوات التي تحاصرهم بالدعوة إلى العقل.
لقد أرسلوا العقل إلى المقصلة، فكان فاروق ورفاقه جسرهم إلى ضمير مثقل العار. وكانوا ـ كسواهم ـ يتواكلون على افتراض يائس بأن الذاكرة غفلت، وأن التناسي ازدهر وسكن الأرض وأن الصمت والتواطؤ حل بين الناس، مثلما حلت العملة بينهم .. ذلك الافتراض المقطوع، الذي لا تتواكل عليه غير مخيلة مغلقة وفاروق أدرى بالمخيلة التي تسكنهم.
2. الآتي:
قم يا فاروق ..
من شق الأرض، ومن شهقتك الأخيرة
من فرع الشجر الباسق.
من دوي الصرخة ..
مع وخز الأسف الملتاع ..
من لافتة ..
طافت باسمك كل مكان.
قم ..
أذن فينا
حي على عدن
ـ أنا آت ..
وهم جاهزون للرحيل.
3. أنت قائم بيننا
قم يافاروق
تماماً من حافة قبلة الأم وسيف الجلاد.
من بين الحزن، الينبوع ..
وبين الجبن الشامت
قم يا فاروق، لقد غادر صديقك الثائر زنزانته ذلك الصباح حين استباحت دبابات القبائل مدينة عدن الجميلة ودكت حاضرتها ومساجدها ومتاريس البسطاء.
لقد استحالت عدن قرية للغزاة الهمج.
المدن المسبية يا فاروق تتهجى أحلام عدن المدن المسبية.
والشهداء يعرفون أسماء الشهداء.
والقتلة يتبادلون، دائماً، وجوه بعضهم
تواريخهم.
أمكنتهم.
مصيرهم.
يومياً، كان الثائر يقود كوكبة الشهداء من ساحات الإعدام إلى الإقامة في الشوارع.
وها أنت تقودهم إلينا.
للإقامة بيننا..
وليس في ذلك غرابة
فقطرة الماء.. هي من الماء وإليه
4. صلاة الحساب
قم يا فاروق
فقد سجل الحبالى العدنيات أسماء أولادهن على آخر صيحاتك، فسيلدن فاروقاً في اللحظة التي يخرج خلالها صيادو حضرموت إلى البحر..
في اللحظة التي تؤذن فيها لصلاة الحساب.
والحضور.
سجل صبية السواحل المترامية أسماءهم في دفترك المفتوح على أسرار البسالة.
فسيأتون خفافا، حين خففت عنهم العبء.
وسيأتون أصحاء..
صحة الفكرة الجميلة للعالم الذي حلمت به وسيأتون من صلبك الصائب، النقي.
5. نشيد
يا فاروق..
أنت الآتي .. وهم الراحلون
سامي رؤوف
براغ: 17/1/88.
اعترافات فاروق
قال له القاضي اقسم أن تقول الحقيقة
أقسم أني أتيت من القاع.
قاع المدينة
وأقسم أني ترعرعت بين الأزقة والحلم
عودي تصلب بين الثلوج ودفء الأماني.
وأقسم أني قرأت الكتاب المحرم في ضوء شمعه
وخبأته في حشايا الفؤاد.
أقسم أني اقتسمت الرغيف مع الشوق.. وزعته
وحضرت الموالد.. غنيت للفجر والأمسيات.
وأقسم أني انتظرت ربيعاً مجيء الجراد
خريفا.. أقمت المتاريس في وجههم
وحفرت الخنادق
لكنهم خذلوني وجاءوا شتاء.
وأقسم أيضا بأني انتصبت كشمسان.
في وجههم لملمت الفراشات حولي.
تشامخت كالنخل سادا عليهم طريق السنابل
لكنهم.. خذلوني...
يا سيدي
هل لديك مزيدا من الأسئلة؟
فأني أقسم
أني حقنت وريدي بالكبرياء
وأني تشبعت ملح الرجولة
قبل انعقاد القسم...
فهل من مزيد من الأسئلة؟؟؟
ابو نزار الحسن يناير 1987م دمشق
(الجلسة السرية)
ـ أما بالنسبة للجلسة السرية للشهيد فاروق علي احمد.. في "اليوم التاسع، أو"الجلسة التاسعة" في اليوم الأخير من المحاكمة استجوب من قبل النيابة والمحكمة والمحامين، فاروق طلب في
"اليوم الثامن، يريد "جلسة سرية".. في "اليوم التاسع" ـ الشهيد فاروق كان يريد أن يجيب، ويفضفض ما في قلبه.. وهو طبعا كان شخص بطل وعظيم وتكلم حول الصراع السياسي الموجود من بداية الثورة حتى نهايتها.. والكل على دراية وكل من حضر من القضاة والمحامين والنيابة العامة والمتهمين الذين كانوا موجودين .. وتكلم أيضا: "أنا فاروق علي احمد محسوب على عبد الفتاح اسماعيل قبلك يا أخ مصطفى عبد الخالق،.. يعني نتيجة للصراعات.. تكلم كلام كثير غير عادي، وزعل الأخ/رئيس المحكمة.. مصطفى عبد الخالق.. وكان يقول:
ـ قول المتهم علي ناصر، يقول له فاروق لا.. (الأمين العام ورئيس مجلس الرئاسة) رافض.. فاروق علي احمد.. حتى في الرد.. ولا يعتبره متهم.. كان يعتبر الأخ علي ناصر رئيس.. وقال الأخ/مصطفى عبد الخالق رئيس المحكمة لفاروق علي أحمد:
ـ ايش ذلحين تحاضرنا؟! أجابه فاروق علي أحمد: أنا حاضرتك بالأمس في معهد باذيب وقال له.. أنا خريج قانون دولي.. وكان الشهيد فاروق علي احمد يرى في نفسه أنه أكبر من مصطفى عبد الخالق، رئيس المحكمة وهو في قفص الاتهام. وقال فاروق لمصطفى عبد الخالق "أنت تحاكمني لأنك المنتصر وأنا المهزوم.
وطبعا أقولها شهادة.. أحسن حاجة أن المكتب السياسي واللجنة المركزية والنيابة العامة والمحكمة..
ويضيف طرحت فاروق علي احمد المتهم الأول، لأنه قام بتشجيعنا .. ولو كان واحد آخر يمكن كلنا انهرنا.. لأن فاروق.. هو أعطانا الصلابة والشجاعة وأعطانا الهيبة والوقوف للتاريخ وليس للهزيمة.
- - - - - - - - - -- -
شـهـود للمحـاكمـة
إضافة لذلك أحب أن أؤكد..أن الشهيد فاروق علي احمد.. طلب الأخ/علي سالم البيض وطلب الأخ/سالم صالح محمد "كشهود نفي" لصالح ولكنهم رفضوا الحضور والسؤال قائما إلى اليوم واللحظة لماذا لم يحضروا؟
- - - - -
ـ ويضيف آخر وهو من ضمن المجموعة التي تم محاكمتهم في 13 يناير وكان مسجونا بزنزانة قريبة من زنزانة الشهيد فاروق ـ قائلا لقد رفضوا الحضور إلى قاعة المحكمة أمام الجميع وتم ترتيب ذلك مع رئيس المحكمة مصطفى عبد الخالق ليعلن هو أن المحكمة ترفض طلب فاروق. ولكن تمت المقابلة وجها لوجه بين الشهيد فاروق من جهة وعلي سالم البيض وسالم صالح محمد وسعيد صالح من جهة أخرى في زنزانته وقد حضروا بهدوء ودون حرس وعلى ما يبدو أنهم لم يكونوا يريدون أن يعرف أحدا بهذه الزيارة والتي استمرت لعدة ساعات وخرجوا على أثرها مقررين إعدام الشهيد فاروق، فقد ارتفع صوت سعيد صالح وهو يقول فضحنا وفضح الجميع، أنه يعرف كل شيء، هذا العدني شجاع من وين جابوه بايعلق لنا المشانق لازم يموت، وحذر الحرس خارج الزنزانة بعدم الدخول إلى عنده وقال لهم هذا ساحر بايضحك عليكم وأمر على الفور بتغيير الحرس وقال شوفوا أنا بنفسي صدقته لكن الأمر مش بيدنا.
ويواصل المعتقل حديثه متأثرا بمأساة الشهيد فاروق وزملائه الذين أعدموا معه، ومتأثراً أيضاً ببعض الحرس الذين كانوا يتعاملون مع المعتقلين كأبناء وطن واحد وينقلون لهم الكثير من الأخبار والطعام والرسائل.
وكما قال لي أحد الحرس بأن الشهيد فاروق كان الوحيد الذي يمنع من الاقتراب منه والحديث معه وأنه الوحيد الذي لم يتجرأ أحداً من مس شعره منه فقد كانت له شجاعة وهيبة ومنطق في الحديث تجعل الجميع يحترموه (أكد لي الشهيد فاروق ونحن بطريقنا إلى المحكمة في آخر يوم أنه لم يتعرض للتعذيب).
والسؤال الذي ما زال مطروحا حتى اللحظة لماذا لم يحضرا إلى المحكمة علي سالم البيض وسالم صالح؟ وماذا يقول القاضي آنذاك مصطفى عبد الخالق؟
- - - - - - - - - - - - - -
الشهيد فاروق علي احمد بن احمد
من مواليد مدينة المعلا ـ عدن. ولد في 5/12/1952م. درس الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة عدن، وفي عام 1972 سافر للدراسة في موسكو "الاتحاد السوفيتي" سابقا، في جامعة الصداقة بين الشعوب في كلية الحقوق ـ وتخصص في القانون الدولي.
كان له نشاط سياسي منذ أن كان طالبا في المرحلة الثانوية في عدن، وعندما التحق بالدراسة الجامعية في الخارج، تضاعف نشاطه السياسي ودخل مرحلة أخرى من العمل النشط والدؤوب في أوساط الطلاب الدارسين في الاتحاد السوفيتي، منذ تحمل مسؤولية سكرتير العلاقات الخارجية للتنظيم السياسي الموحد ـ الجبهة القومية ـ لعموم الاتحاد السوفيتي.
في مارس 1978، تخرج من الجامعة بعد أن نال شهادة الماجستير في القانون الدولي وحاز على درجة الامتياز في القانون الدولي.
عندما عاد إلى أرض الوطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (قبل الوحدة) ساهم مساهمة فعالة في بناء الوطن ونهضته .. فعمل محاضراً في "كلية الاقتصاد" في جامعة "عدن" وأيضاً محاضراً في معهد باذيب للعلوم الاشتراكية، وكان يدرس "مادة القانون الدولي". وفي عام 1980 تم تعينه نائبا لسكرتير اللجنة المركزية للشؤون الايديولجية.
وتعاظم نشاطه السياسي في الحزب الاشتراكي اليمني وتبوأ مناصب عدة فيه، حتى تم تعينه عضوا للجنة المركزية في اكتوبر 1985م.
كان إنساناً بسيطاً وخلوقاً ومخلصاً ومتفانياً في حب الوطن اليمني .. عمل الكثير من أجل مساعدة الآخرين، ببساطة كان إنسان جميل الخلق والأخلاق .. من الصفات التي تحلى بها نكران الذات ومساندة الآخرين، والحرص على العمل وتقديم أفضل ما لديه من قدرات وإمكانيات للوطن.
تحمل مناصب قيادية أخرى منها:
ـ عضو هيئة رئاسة المجلس اليمني للسلم والتضامن والصداقة بين الشعوب.
ـ نائب رئيس منظمة الصحفيين اليمنيين الديمقراطيين.
ـ عضو اتحاد الحقوقيين اليمنيين.
ـ رئيس لجنة الدفاع عن الحريات في اتحاد الصحفيين العرب.
ـ شارك في العديد من المؤتمرات الدولية في الخارج والداخل ومثل اليمن فيها.
كان حلمه الكبير أن يرى شطري اليمن موحداً، وقد ساهم مساهمة فعالة في الدفع بعملية الوحدة إلى الأمام .. وله بصمات بارزة في العديد من الأدبيات المكرسة لهذا الهدف النبيل.
ـ في شهر 7/1986 قامت السلطات الحاكمة في عدن قبل الوحدة، باعتقاله بعد انشقاق الحزب الاشتراكي اليمني في أحداث 13 يناير 1986، وزج به في السجن، بسبب أفكاره وآرائه السياسية واختلافه معهم في الرأي، وتم تقديمه في محاكمة صورية جائرة وغير عادلة ولا شريفه، وتم تلفيق تهم باطلة في حقه وحق رفاقه الآخرين الذين كانوا معه في السجن.
فقد كان "فاروق" ذلك الإنسان النزيه المخلص لكل ذرة من التراب اليمني، فقد ترعرع وشب عوده في زمن ثورة اكتوبر في جنوب الوطن، فكان من أبناءها الغيورين على الثورة، والاستقلال الوطني، وحرص على أن يروي بأفكاره النيرة الخيرة شجرة الوطن لتنبت ثماراً طيبة للشعب والوطن.
ولكن شاءت الأنانية المفرطة والأفكار الضيقة المقيتة للجماعة المنفذة في السلطة بعد أحداث 13 يناير 1986م أن تمارس طقوس القبيلة القاضي بتقديم القرابين من خيرة الشباب، لإرواء حقدهم المتعطش للدماء .. فتم إعدامه رمياً بالرصاص مع رفاقه الآخرين، يوم الثلاثاء الموافق 29/12/1987م في سجن المنصورة في مدينة "عدن".
كان ذلك الحكم أقسى مما كان يتوقعه أحد، بحق مواطنين مناضلين ووطنيين من بناة الحزب والدولة .. ذلك الحكم أفقد الوطن عقوله الشابة وخبراته ومناضليه بذبح رقاب المعارضين لهم في الرأي والفكر.
وقد كتب أحد أصدقائه آنذاك واليوم نعيدها في الذكرى الثامنة والخمسون لميلاده (فاروق في أسطورة المناضل والمثال الحي والمتجدد).
في شهر ديسمبر 1987م احتفل في سجن الفتح الرهيب بعيد ميلاد المناضل فاروق علي احمد الذي بلغ من العمر خمسة وثلاثون عاماً قضى معظمها في ميادين النضال المختلفة في خدمة الشعب اليمني وفي سبيل انتصار قضاياه العظيمة في الحرية والعدل الاجتماعي والديمقراطية والوحدة .. وفي نفس الشهر نفذ القتلة جريمتهم بإعدام هذا المناضل الوطني والتقدمي الشخصية المعروفة لدى شعبنا وللأشقاء والأصدقاء ورفاقه المناضلين الأبطال هادي احمد ناصر، علوي حسين فرحان، احمد حسين موسى، ومبارك سالم احمد، والذين لم نتمكن من الكتابة عنهم ونأمل أن نوفي بذلك مستقبلا.
جميعنا تابع سير المحاكمات الصورية التي جرت في عدن وكان المتهم الأول فيها فاروق علي احمد ولم يصدق أحد هذه التهم المزيفة التي لم يصدقها شعبنا، ولم يصدقها كل شريف وكل تقدمي يعرف فاروق علي احمد بل ولم يصدقها الحكام أنفسهم .. وإذا كان هؤلاء الحكام بكل صلف وعناد لم يستجيبوا لمشاعر الرأي العام اليمني والعربي والعالمي والشخصيات البارزة الرسمية وغير الرسمية يمنياً وعربياً وعالمياً، نفذوا جريمتهم وأعدموا البطل فاروق ورفاقه الأبطال فهم في حقيقة الأمر لا يستطيعوا بكل أسلحتهم وأجهزتهم القمعية أن يقتلوا الروح الثورية والأفكار العظيمة التي حملها فاروق والتي تعيش اليوم في قلب كل من تعز عليه حرية شعبنا وتقدمه ومستقبله الواعد الذي ناضل في سبيل تحقيقه الشهيد فاروق حتى الرمق الأخير من حياته بكل بسالة وبنكران ذات ليس لهما نظير في تاريخ حركتنا الوطنية .. لقد أثبت فاروق أنه صادق مع نفسه وفياً لمبادئه وأمين لرسالته التاريخية، ففي الوقت الذي تعتصر قلوبنا بالألم لفقدان شعبنا لهذا المناضل الجسور .. وتنحني الهامات تقديرا لبطولاته وشجاعته، فإننا نفتخر أنه واجه الموت مرفوع الرأس وأصبح رمزا تاريخيا نعاهده من قلوبنا أننا سنمضي حتى النهاية على نفس الطريق مهما كانت الصعوبات والتضحيات.
لم يخطر ببالي أن يأتي يوم من الأيام أكتب رثاءاًً على هذا النحو .. ولم أتوقع أن يأتي يوم يُحاكَم فيه وطنيون وتقدميون ويعدموا من ِأمثال فاروق ورفاقه بعد كل ما حققه شعبنا اليمني على مدى ربع قرن على قيام وانتصار الثورتين مع أننا كنا نعرف أن طريقنا ليس مفروشاً بالورود وكان الشهيد فاروق من أبرز المدركين لذلك، ولكنه كان يمتلك الرؤية الواضحة والإيمان والتصميم في السير في هذا الطريق، طريق شعبنا اليمني التواق إلى الحرية والتقدم والديمقراطية والوحدة، هذا الشعب الذي قدم تضحيات جسيمة في سبيل ذلك والذي لن أبالغ إن قلت أنه حقق كل ذلك لأنه أنجب أبطالا مثل فاروق، ولكن ما يحز في النفس ويمزق نياط القلب أن يحاكم مثل هذا البطل ويتحكم في مصير شعبنا مجموعة من الهمجيين ضيقي الأفق بدون خيار يحاكم الوطني المخلص فاروق بتهمة الخيانة فاروق التقدمي بتهمة الرجعية والإرهاب فاروق الذي عرى في قاعة الحكمة السلطة الحاكمة وحول المحاكمة إلى محاكمة للحكام ولكنه لم يسمح لنفسه أن يجرد أحد من وطنيته، بماذا نتهم اليوم من أعدموا فاروق علي احمد، هل هم متهمون أم مجرمون ارتكبوا جريمتهم مع سبق الإصرار والترصد .. إن شعبنا والتاريخ سيقول كلمته في يوم من الأيام.
- - - - - - - - - - - - -
فـاروق الشـهيـد
فاروق علي أحمد
كل عام واسمك أكثر إشراقا وذكراك أنضح طيبا...
وكل عام تلد أمهات يمنيات جديدات أبناء يطلقن عليهم اسم فاروق، كما يفعلن منذ ظهرت على الشاشة الصغيرة عملاقا أمام جلاديك، ثائراً حقيقياً، شجاعاً، بسيطاً، صادقاً ...
وكل عام لك منا دمعة على التجربة التي كانت حياتك فقصفتها القبلية الجاهلية، وقصفت معها شبابك، حياتك ...
قتلوك، وقبلك علق على خشبة فهد العراقي وعبد الخالق محجوب السوداني، وأذيب بحامض الكبريت فرج الله الحلو اللبناني، والعشرات العشرات قتلهم الجهل والحقد والحسد وعقد النقص منذ قتل قابيل هابيل...
ويمنك الذي كان ذات يوم سعيداً كم من الدماء روت أرضه، منذ من عرفته قبلك وأحببته كما أحببتك، رفيقك عبد الله عبد المجيد السلفي...
وأولئك الذين طالما اختلفنا عندما كنت أحدثك عن قصورهم وتخلفهم، كنت تدافع عنهم وتحاجج وكنت لهم، من موقعك في الحزب المعين والمغيث أيام الفرج وأيام الشدة، أولئك الذي كانوا يتدافعون للقياك عندما تمر يخطفونك منا ... هل تعلم ... لا لن تعلم، إلا أن غيرك سيعلم، بأنهم باعوك بثلاثين من الفضة كما باع يوضاس معلمه المسيح، وجبنوا حتى عن وضع أسمائهم في أسفل رقعة من الورق تدين اغتيالك.
هنيئا لك لأنك ذهبت بأوهامك وتفاؤلك، عشت المأساة شهيداً ولم تعشها مثلي شاهداً.
وبعد هي الحياة بحلاوتها ومرها، عشتها حلوة لأنك كنت صادقاً مع نفسك ومع القضية وكنت شجاعاً في الدفاع عنها، كما جمال ساطي، وكما لولا، وكما العشرات من رفاقك ورفاقي...
إنها شهادة استحققتها وليس كل من يموت أو يقتل شهيداً...
وغداً، عندما يؤرخ لنهاية هذا القرن، في وطننا العربي، سيكتب المؤرخون أن ظل في الميدان ثواراً يصمدون ويموتون شجعاناً، وبفرح، لأنهم أصحاب القضية مهما طال عهد الانتحال والزيف.
جورج البطل
- - - - - - - - - - - - -
دمعـة حـزن للشـهيد البطـل فـاروق علـي احمـد
مؤسفة تلك الأحداث المأساوية التي بلي بها شعبنا اليمني ومن بينها أحداث 13 يناير 1986م والتي ذهب ضحيتها خيرة أبناء هذا البلد الطيب وزهرات شبابه اليانعة.
الشهيد البطل فاروق علي احمد كما عرفته وعرفه الكثيرون شاب وديع خلوق يتقد حركة ونشاطا وفكرا الابتسامة لا تفارق شفتيه .. وتواضع قلما نجده في مسؤول قيادي. ومعلم متمكن في طريقة إيصال المادة إلى تلامذته الكبار في معهد باذيب.
وعرف الجميع شجاعة ذلك الشاب المتقد الحماس والمتشبث بالأرض الذي أنجبته عدن، أثناء وقوفه مرفوع الرأس أمام المحاكمة الصورية ليرد على كل أسئلة المحكمة المراوغة بكل حماس دون خوف أو ارتعاش مما سيلقاه من مصير وكانت النتيحة المسبقة إعدامه وواجه البطل فاروق الموت مع رفيق دربه الشهيد البطل هادي احمد ناصر بكل شجاعة.
وكم حزنت عدن وبلاد اليمن وكافة القوى الوطنية على رحيل فاروق حتى نساء عدن لبسن الحداد وما زلنا نتذكر فاروق زهرة اليمن ـ ثغر عدن الباسمة والحالمة بأمثاله.