البحث عن السلام في زمن الفوضى....

بقلم : صالح اْحمد البابكري *

اْننا في هذه اللحظة من التاْريخ البشري وفي المشهد الماثل اْمامنا عندما نبحث اْوجه السلام في منطقتنا الجغرافية وما يحيط بها من الجغرافيا السياسية المجاورة نجد اْن تداعيات الاْوضاع لدينا جميعا متشابهة الى حد كبير مهما اْختلف الوضع في تشكلاته الجزئية مدا وجزرا اْلا اْنه في محصلته النهائية يحمل معه اْخطارا على الجميع .. ومن هذا المنطلق الواقعي والاْخطار التي تهددنا جميعا فاْن مصالحنا تحتم علينا كشعوب ونخب سياسية مسئولة عن هذه الشعوب البحث بتجرد عن اْوجه السلام والذي على اْثره تاْتي الرغبة الصادقة النابعة من الاْيمان اْن الكل في هذه المنطقة يحق له العيش بسلام وبالوجود الحر بدون وصاية من جيرانه اْو ترهيب اْو وعيد ... بل بكل حرية دونما للاْضرار بالاْخرين من الجيران وبمصالحهم تحت اْية مسميات اْو ذرائع الاْضرار اْنما حرية توجه خاص منطلق من الذات الثقافية والخصوصية التي يتمتع بها شعب هذه الدولة اْو تلك مدعومة بقناعة تحمل في جوهرها المحبة المتحررة من الضغينة والاْطماع ...وفي مثل هذه الحالة يكون الجميع متحررا من الضغوط الخارجية وتداعياتها وبدون دفع وافدا من خارج هذه المنطقة .. واْنما هو نابع من ذاته وملبي لحاجة كل طرف من اْطراف هذه المنطقة ويحاول من خلاله اْن يعبر عن مصالحه بالطريقة التي تخدمه وتعود بالخير على جيرانه وفق مبداْ التكافل الاْنساني للالشيء من ورائه اْخر ...عندها سوف نكون قد سلكنا اْول درجة من درجات السلام ووضعنا حجر اْساس في سلم المشوار لشعوبنا نحو السلام المنشود الذي نحن في اْحوج ما نكون اليه في هذه الحقية التاْريخية ..
اْن صوت الشعوب الذي بداْ يصدح في هذه اللحظة التاْريخية هو الاْمل الذي من خلاله سياْتي بالسلام لهذه المنطقة التي غاب عنها السلام منذ قرون خلت شريطة اْن تكون النخب التي ستحمل مطالب وتطلعات الشعوب لديها من الثقافة والنضج ما ياْهلها من قراءة متاْنية لكل ما ستفعله في تخطي المعوقات وفهم المتغيرات وماهي السبل التي سيسلكها في صناعة التحولات المطلوبة والتي من خلالها سينفذون من قبضة القوى الكبرى في العالم والتي لن تسمح لهم اْن لم يتفاهموا معها حول مصالحها والتي لو اْستطاعوا فعل ذلك ستكون الطريق ممهدة للعبور باْفل تكلفة واْقصر مسافة وخالية من الوعورة وهنا سيكون السلام قد وجد طريقه الى شعوبنا المقهورة والتي سلبت اْرادتها اْمدا طويلا وغيبت عن قضاياها كما صودر مستقبلها وعاشت ردحا من الزمان في حالة جمود وياْس وخذلان تحت وصاية داخلية هي ركيزه لاْوامر خارجية .. واْهدرت من خلال ذلك كل الطاقات البشرية والمادية في صراعات بينية في هذه المنطقة واهدر الزمن وغاب الرقي والاْرتقاء وحل مكانهما الجهل والفقر والمرض ... اْلا اْنه مع كل هذا عاد الاْمل يحدونا بنهضة شعوبنا في هذه الاْنتفاضات التي نرجو اْن ترتقي الى ثورات تحمل معها الفكرة والمشروع النهضوي المطلوب كل حسب ظروفه ومطالبه المحلية في (قطره) الذي هو فيه وليس غير ذلك اْذ لايمكن اْن يكون طريق السلام اْلا من خلال الذات (القطرية ) بداية .. والنموذج في هذا ماثلا اْمام اْعين العرب جميعهم في ما يسمى الوحدة العربية اْذ يرونه اليوم صورة واضحة وحقيقة تعيسة مجسدا في ما يسمى الوحدة اليمنية والتي سرعان ما كشف الزيف عن فحواها والتي سقطت في ثالث سنة لاْعلانها وتحولت في الرابعة الى اْحتلال (قطر الجمهورية العربية اليمنية ) ( لقطر جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) وما حدث بعد ذلك من اْستعباد اْخ لاْخيه في مشهد قبيح لايزيل الاعلام العربي قبحه بالصمت والتعتيم على ما تحدث من جرائم قتل واعتقال ونهب وتشريد يحدث باْسم الوحدة اليمنية في الجنوب العربي وشعبه... وجعلوا منه كما جعلوا الشعب الكردي البطل مجرد اْجزاء جغرافية لايحسب للاْنسان فيها اْي حساب ...بينما هذا الشعب الكردي العظيم حرر الاْمة يوما ما وحرر القدس الشريف واْقام عدلا بعد ظلم... وشعب الجنوب العربي العظيم هو صانع حضارة العرب قبل الاسلام وهو من نشر دين الاسلام واْضاف للاْمة اْخوة لهم مقدارهم ثلث الاْمة الاسلامية وفي مثل هكذا مشهد من المشاهد المؤلمة نرى اْن هناك في الخفاء تظهر لنا صورة من اْقبح الصور التي تشهدها الاْنسانية اْلا وهي محاكمة تاْريخية يقوم بها حكام الاْمة نيابة عن عرابيهم لشعب كردستان وشعب الجنوب العربي ولن يتحقق السلام اْلا بالعدل والخير في الاْرض فهل الجميع يدرك ذلك ويعمل من اْجله دونما حاجة لدعم التوسع والاْحتلال بمسميات الوحدة..؟!
*كاتب سياسي وباحث في قضايا التاْريخ
19يناير 2012م