القضية الوطنية اليمنية بداْت في الجنوب منذ عام 1956م من خلال انتشار النقابات العمالية التي كان جل اعضائها من العمالة اليمنية وجل قياداتها من ابناء الجالية اليمنية التي عاشت في عدن واْصبح ابنائها يحملون المخلقة العدنية بحكم قوانين مستعمرة عدن.. وبداْ شعار يمننة الجنوب العربي وكانت هذه الفكرة محل تردد لدى اليسارين الجنوبيين ومحل رفض من قبل القوى الوطنية الجنوبية الاْصيلة ممثلة في الاْحزاب الوطنية -رابطة الجنوب العربي - و سلاطين وشيوخ الجنوب .. غير اْن انقلاب 26-سبتمبر1962م في صنعاء وانقسام العرب بسببه الى معسكرين رجعي بقيادة الملك فيصل ..وثوري بقيادة جمال عبدالناصر... وزادت الحملات الاعلامية وهيجان الثورة بصورة مشابهة الى حد كبير مع ما يسمي اليوم بثورة الربيع العربي وكانت اْذاعة صوت العرب تحتل نفس المكانة والدور الذي تلعبه اليوم قناتي الجزيرة والعربية ... ومن هنا بداْ معسكر ناصر اْنه الاْكثر ضجيجا والاْكثر اْثارة في مخاطبة الغرائز ومداعبة الاْوتار الحساسة لدى العمال والطبقات الرثة في المجتمعات العربية سيما تلك التي تسيطر عليها انظمة ثيوقراطية ... ومع تعزيز التواجد العسكري الناصري تعزز العمل الاستخباري مما اْوجد بالضرورة تعزيز اعمال اْخرى مضاده له من قبل قوى دولية ..... لكن هدير الاعلام وقوة الجذب كانت لصالح معسكر الثورجيين بقيادة جمال عبد الناصر الذي بداْ يستعيد طموحه في قيام المشروع القومي من المحيط الى الخليج... وجاء كل ذلك يشكل جذبا كبيرا لليسارين الجنوبيين الذي وجدوا في نظام صنعاء الجديد وفي وجود القوات الناصرية فرصة مغرية وطريق سهل للوصول الى السلطة في الجنوب لكن ذلك كان محال بدون القبول بمفهوم القضية الوطنية اليمنية والتي تعني القبول بمشروع يمننة الجنوب العربي وفعلا تم اْرغام الكثير من القوى على القبول بهذا المفهوم ولكل تعريفه الخاص له ... وقد سجل اليساريون الجنوبيون والشماليون اْول اْنتصاراتهم في 22يونيو1969م كما سجلوا ثاني اْنتصاراتهم في عام 1970م عندما غيروا اْسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية الى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في خطوة متقدمة لصالح اليساريين الشماليين الذي تعززت مكانتهم في سلطة الجنوب واكبر الاءنتصارات التي حققها اليسار الشمالي على رفيقه اليسار الجنوبي كانت في عام 1972م باْتفاقيات الوحدة اليمنية ... وكان من ثمار كل ذلك اعلان وحدة 22مايو 1990م... وظهور التيار الاسلامي الجنوبي المتطرف المسنود من نظام صنعاء نفسه وتم استيعاب هذا التيار بتاْسيس حزب سياسي -التجمع اليمني للاْصلاح- والغريب انه بالرغم من وضوح فشل مشروع اليمننة وفشل القضية الوطنية اليمنية كنتيجة موضوعية لحرب صيف 1994م التي اْدت الى ظهور الحراك السلمي الشعبي الجنوبي الذي انطلق شعبيا دون محرك من يسار اْو اسلام اْو يمين فاْن الاْخوة اليساريين الجنوبيين مع الاْسف وجدوها فرصة سانحة من خلال ثورات الربيع العربي وتوهمهم بصدق الثورة الشبابية في الجمهورية العربية اليمنية فقد اْنبروا من مراقدهم ليعزفوا على واحدية الثورة اليمنية وعلى القضية الوطنية اليمنية من مفهوميها اليساري التقدمي شمالا - وجنوبا متقاربين الى حدود صغيرة اْو قل مرحليا مع التيار الاسلامي المتطرف الذي خاطبه عبد المجيد الزنداني في بداية الثورة الشبابية اليمنية في ساحة الستين بصنعاء: وجدناها الثورة السلمية الشبابية التي ستعيد الخلافة الاسلامية ان شاء الله.. وفي تقديري ان مفردات اليسار والتقدمية والمشروع القومي والقضية الوطنية اليمنية ومشروع الخلافة الاسلامية مفردات استهلكها الزمن وملتها الشعوب واْن اْفضل الحلول الممكنة هي التمسك بالمحلية( الدولة القطرية) وتطوير البيئة وتحسين اْدوات الانتاج المتاح واستثمار الطاقات الشحيحة من خلال الاْدارة الرشيدة .. وتحسين معيشة الشعوب..دونما حاجة الى تكرار مفاهيم ثبت بالدليل فشلها في كل المجالات والميادين..فهل يدرك يساريو الجنوب واسلاميه المتطرفين ممن يغلبون الايدولوجيا على مصالح وطنهم وشعبهم ويقتلون اخوة لهم جنوبيين في الحراك الجنوبي يناضلون من اجل الجنوب وطن الجميع اْقول هل يدرك هؤلاء واْولئك تلك التغيرات التي حدثت ومازالت تحدث في العالم؟!!..