كثيرون اْولئك الرجال الذين تجاوزوا بشواغلهم ساحة دنياهم الخاصة ..واْطار وجودهم الضيق ..فكانوا لشعوبهم بمثابة النور الذي يهدي ..والكلمة التي تدل .. ومحمد اْبوبكر بن عجرومة العولقي من هؤلاء ((الرجال )) الذين دلهم الله السواء ..واْنار لهم سبلهم ..فكان يحتذى ..في رصانة الطبع واْصالته ..ومتانة البناء الخلقي وقوته ..وصدق الثبات حين الباْس ..والقدرة على مجالدة الصعاب .. وركوب المخاطر في سبيل الاْرض التي ((فتح )) - بالتشديد - وهي مستعمرة .. وشب واْهلها اْشتاتا .. لايجمعهم جامع ..ولاتلم شعثهم ((فكرة )) ..ولاتنهضم ضد عدو الله وعدوهم عزة قعساء .. كانت حدود الظن فيها واسعة .. وجذر الرجاء فيها عميق في منطقة العوالق العليا ((منبته ومركز محتدة )) كان في طلائع الذين اْستجابوا لداعي الله .. والوطن .. والحرية .. وكان من اْنبه الذين تتلمذوا وتمرسوا .. وصقلت ملكاتهم على يد الثائر المناضل و الشهيد المرحوم علوي علي الجفري ..الذي كان -طيب الله ثراه- خبيرا بنفوس البادية فيتخير اليها المداخل الصحيحة .. ويرقى بها ويرتقي معها حيث تصبح قضية الوطن من همومها الاْولى .. وعلى راْس شواغلها الرئيسية ..
ومحمد بن بوبكر بن عجرومة ..رجل بدوي .. لم ينل حظا كبيرا من العلم .. ولكنه يمتلك ((حسا فطريا )) يفقه به اْحوال المتعلمين .. ولاتجوز عليه الاْحابيل والضلالات ..(( وموهبته العسكرية )) وهي اْبرز خاصة من خصائصه ..نمت عبر مسيرة شاقة في عشر سنوات الكفاح ضد الاْستعمار ..قاد فيه بن عجرومة الرجال .. وضبط الكمائن .. ونظم الهجمات .. ورسم الخطط .. وفي هذا كله ..حالفه التوفيق ((حليف كل مثابر شجاع )) ..
وعبر هذا كله .. وطد بن عجرومة نفسه كركن من اْركان الجناح العسكري في رابطة الجنوب العربي .. واْكتسب الثقة .. ونال من زملائه ماهو اْهل له من التقدير والاْحترام.. وبن عجرومة اليوم واحد ممن اْطلقوا ((شرارة )) الثورة المسلحة ضد الحكم .....في الجنوب العربي وواحد ممن سيعيدون ان شاء الله لبلادنا حقها في الحرية .. وسيجمعون اْشتات بنيها .. ويرسون فيها قواعد حكم وطني ديموقراطي ..يخرج خبء هذه الاْمة .. ويفسح المجال لعبقريتها .. ويطلق طاقاتها الكبرى لتسهم في النضال العربي ضد الصهيونية الغاصبة لارضنا العربية في فلسطين .. وكان ممكنا اْن يكون بن عجرومة بدويا من العوالق .. لايشغله شاغل ..غير ابله وغنمه .. ولكنها الفكرة ..تصنع الرجل .. وتصقل معدنه .. وقد اْمن هذا (( الرجل )) بالجنوب العربي ..فاْضحى ..نورا في طريقنا ..نستدل به .. وعلم .. هداية .. (( يثقفنا )) باْن مامنع الظعائن مثل ضرب .. ترى منه السواعد ((كالقلينا)) والمجد لكل حر .. والجنة لكل شهيد .. والنصر والخلود لشعب الجنوب العربي ...
عبدالله الجابري
اْكتوبر 1968م