السيد محمد علي الجفري اْبو القضية الجنوبية ورائد تحريرها واْستقلالها ووحدتها
بقلم/علي محمد السليماني:
09 - أبريل - 2013 , الثلاثاء 02:18 مسائا (GMT)
10 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
تحل علينا في الـ28من اْبريل الجاري الذكرى ال 33 لوفاة الزعيم الوطني الكبير الراحل السيد محمد علي الجفري اْبو القضية الجنوبية ورائد تحريرها واْستقلالها ووحدتها .. ففي مثل ذاك اليوم فجع شعب الجنوب العربي في الداخل وفي الشتات بوفاة قائده وزعيمه البار في بغداد وهو يؤدي واجبه الوطني في محاولة للخلاص من الاْستبداد والجهل وتجارب النظريات وحكم الغرباء في جنوبنا العربي الحبيب واْنقاذ مايمكن اْنقاذه .. ورغم طول الدهر على القضية الجنوبية وتشتت الاْفكار الغريبة والتجارب الذي ظل مسرحا لها الجنوب العربي اْلا اْن الرؤية الثاقبة للرجل مازالت كماهي لم تتغير ولم تتبدد ..تبخرت التجارب الفاشلة على مدى نصف قرن وبقيت القضية الجنوبية غالبة على اْمرها ولو كره الطامعون..غالبة على اْمرها ولو لم يستفد من الماضي الهائمون...
تبخر الزبد في الهواء وبقي ما ينفع الناس في الارض فهل القوم يعون ويقتبسون من نور الحقيقة للرجل يضيئون بها سبل الاْجيال ويخلصون بنورها العباد من اْلاعيب وصراعات مختلف القوى التي مابرحت تتصارع في هذا الجنوب العربي اْرضنا الطيبة..
لااْجد بدا من العودة الى الحق لمختلف اْطراف الصراع الجاهلة اْو الطامعة اْو المتسلقة وتلك اْرادة الله التي لاراد لها واْرادة الله محققة لمشيئته التي لايغلبها الغالبون مهما حاول المتوسعون وتغابى الغبيون وتمادى الجاهلون في جهلهم وهم عن الحق معرضين فسبحان الله وتعالى عما يعمل الظالمون .. واْفسح المجال لعلم من اْعلام الصحافة والاْدب من هذا الجنوب العربي ليقول درره في درة الرجال وزعيم الجنوب واْبو القضية الجنوبية...
في مطلع الاْسبوع الماضي ودموعنا لم تجف بعد على اْديبنا الكبير الاْستاذ محمد حسن عواد , بوغتنا بنباْ وفاة قطب كبير من اْقطاب جزيرتنا العربية , ورائد من رواد الفكر والدين في جنوبنا العربي هو الاْستاذ محمد علي الجفري رئيس رابطة الجنوب العربي الذي قضى اْكثر من ربع قرن من حياته منفيا خارج بلاده وكاْن بلاده تضيق باْفلاذها الرواد المصلحين الذين يثيرون الصحوة الدينية والصحوة الاجتماعية وهم عزة الدين وماكانوا اْلا صحوة دائمة واْنكارا للمنكر واْمرا بالمعروف واعلاء لكلمة الله والوطن .. وكثيرون كثيرون في جزيرتنا العربية بل في اْمصارنا العربية كلها من يعرفون الرائد ورجل الدين والحجى فضيلة الاستاذ محمد علي الجفري..
كان فضيلة الاستاذ محمد علي الجفري صاحب مدرسة سياسية مستقلة اْخذت تعاليمها من صاحب عقيدة التوحيد واْن هذه اْمتكم اْمة واحدة واْنا ربكم فاتقون ..هذه المدرسة الوحدوية الرابطية في السياسة والتي كان رائدها وصاحب الدعوة فيها فضيلة الاستاذ محمد علي الجفري خريج الاْزهر جاءت في جنوب شبه الجزيرة العربية في وقتها المناسب والاْستعمار البريطاني يجثم على الجنوب العربي منذ نيف وقرن من الزمان فيجعل ماحول عدن مناطق محميات شرقية وغربية يبسط عليها لونا اْخر من اْلوان الهيمنة الاستعمارية...
وفي مطلع الحرب العالمية الثانية والاْزهري الشاب فضيلة الاستاذ محمد علي الجفري يجىء الى اْرض الوطن بعد تخرجه يفجر الدعوة الى وحدة اْبناء الجنوب العربي تحت راية القراْن وفي ظل عقيدة التوحيد , وينشر الدعوة , ويجمع حولها الاْنصار الذين تتسع قاعدتهم الشعبية حتى لتصبح الدعوة الى الوحدة حزبا سياسيا تلتئم حوله كل القواعد من جبال عدن الى نجوع حضرموت , تدين بالولاء للدعوة وصاحب الدعوة وتضعه في اْعز مكان في القلوب..
وجمع الجفري في شخصيته رجل الدين ورجل السياسة صاحب المدرسة القراْنية في الوحدة والتوحيد يبث في قلوب اْبناء جنوب الجزيرة العربية الحماس ويخطب وينظر ويخطط ويصب حرارة الدعوة فيضا من الحماس والغيرة في نفوس كل ابناء الجنوب العربي في ذلك الوقت..
في شخصيته ذلك السحر الاْخاذ والجاذبية التي لاتقاوم والاْحترام الذي يملاء القلوب حبا فيه وتفانيا في الدعوة ممثلة في رجل عبقري ، قراْني ، جمع الى قوة الحجة الدينية والحجة المنطقية واْصول المدرسة القراْنية في التوحيد طهارة نفس وذرابة لسان وعنفوانا وشبابا هو ذلك الشاب العقيدي المؤمن بالله الذي يجعل من النضال السياسي الملبي لحاجة الجماهير , شريحة من العقيدة الدينية المتصلة بوجدان المسلم وحبه الغريزي لله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم...(اْن هذه اْمتكم اْمة واحدة واْنا ربكم فاتقون ) سورة المؤمنون اْية (52)..(.اْن هذه اْمتكم اْمة واحدة واْنا ربكم فاْعبدون ) سورة الاْنبياء اْية (93)...
كنا لانزال شبابا لم تنبت شواربهم بعد ونحن نستمع الى الجفري وهو يخطب ونقراْ مايكتب ونرى بعيون مغرورقة بالدموع كيف ينفيه الاستعمار عن وطنه ثم يعود الجفري من المنفى متخفيا ليبرز فجاْة يتحدى الاْمبراطورية البريطانية ويتوسط له السلطان الشاب المثقف النبيل علي عبد الكريم سلطان العبادل ويتفق مع الاْنجليز على بقائه في سلطنة لحج لايخرج منها ولايستقر بدعوته اْبناء الجنوب قاطبة بل يظل في منصبه كرئيس للقضاة الشرعيين في مدينة الحوطة بلحج وكرئيس للمجلس التشريعي بلحج..ولكن القضاء الشرعي - اْصلا - هو قضاء الله في اْمته اْن يكونوا اْمة واحدة..
وتلك الرابطة المتينة القوية بين السلطان النبيل المثقف الواعي علي عبد الكريم ورئيس وزرائه فضيلة الاْستاذ محمد علي الجفري لم تكن اْلا صلة ولي الاْمر المؤمن وهو نوع من الصلاة قل اْن نجدها تتكرر كثيرا في عالمنا العربي .. محمد علي الجفري الجسور القوي بالله يهاجم الفساد والادارة في السلطنة فلا يثور السلطان ولايصطدم به بله يوليه اْوسع السلطات ويقول له (اْحكم بما بما اْمر الله فاْنت سيد الاْطهار والاْبئار والمخلصين ) وتلازم الرائد وصاحب السلطنة في سلطنة العبادل..
وغضب الاْستعمار البريطاني من هذه الصلة الوثيقة بين السلطان وصاحب الدعوة السياسية المرتبطة بالعقيدة فعزل السلطان علي عبدالكريم نفسه واْلحقه منفيا بفضيلة محمد علي الجفري .. ولكن الحزب السياسي ذي القاعدة الجماهيرية العريضة (رابطة الجنوب العربي ) لم يتشتت بخروج اْهم ثلاثة رجال من قادته هم السلطان علي عبدالكريم وفضيلة محمد علي الجفري وشيخان الحبشي - المحامي – فاْستمرت حركة النضال...
ووضعوها في صورة دستورية مشوهة ليركبوا الموجه الجماهيرية ولكن قواعد الحكم الاتحادي كانت في الاْساس مخلخلة لاْن اْصالة صاحب الدعوة نفسها ترفضها ويرفض الجفري اْن يكون رئيسا للوزراء تحت الحراب البريطانية فما كانت روح الدعوة الدينية السياسية اْمساخا مشوهة وماكان لاْيات القراْن الكريم الداعية للتوحيد لتكتب بحروف محفورة باْسنة حراب البريطانيين.. وتنقلب ظروف السياسة.. ويتعب الجفري من الجحود والانكار .وسريان المد السياسي المزيف ليستريح ويلتقط اْنفاسه لمعاودة النضال..قلبه اْصبح متعبا شرايين قلبه منهكة ولكن روحه ظلت اْكثر عنفوانا من قلبه ..وشاءت له ارادة الله اْن يستريح طويلا في الاْسبوع الماضي فكانت وفاته ادماء للقلوب.. تفكرة لنا.. لعل الذكرى تنفع المؤمنين...
- اْحمد شريف الرفاعي عكاظ – عدد 5089 – 24/6/1400هجرية الموافق 6/5/1980م