لماذا تخلينا عن هويتنا ؟
د. علوي عمر بن فريد
الذهاب لصفحة الكاتب
مقالات أخرى للكاتب
الأربعاء 05 فبراير 2014 03:07 مساءً
بقلم/ د. علوي عمر بن فريد
سؤال كبير يطرح نفسه علينا دون إجابة, رغم أنها في أعماقنا, ولكننا نكابر لقولها والجهر بها علناً !! وأنا هنا في هذا المقال لن أتكلم نيابة عن أحد, ولكنني أعبر عن رؤيتي الشخصية. سأرجع إلى فترة الخمسينيات حيث كانت بريطانيا تبسط سلطتها على كامل الجنوب العربي, واسمحوا لي هنا أن أسمي الأشياء بمسمياتها التاريخية, التي كانت سائدة دون تزلف ثوري أو مجاراة لأحد في الإقليم. عندما قام الجيش المصري بثورة 23 يوليو عام 1952م, وأسقط الملكية في مصر على وقع انقلابات العسكر بدءً من حسني الزعيم في سوريا والسلسلة طويلة ليس لها آخر .. خسر المصريون والعرب الكثير, وانتشرت موضة الانقلابات, وأصبحت موضة العصر آنذاك انقلاب عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف في العراق, والبعثيون في سوريا, والقوميون في اليمن والسودان وليبيا, وطغت لغة الإعلام المضلل في مصر على سائر الوطن العربي من صوت العرب .. أحمد سعيد .. الصحافة المصرية, وكان حصادها أكبر هزيمة في التاريخ الحديث في حرب عام 1967م مع إسرائيل !!
وقبل ذلك كان الوضع مستقراً وهادئاً سواء في المملكة المتوكلية اليمنية, أو الجنوب العربي الذي حقق نهاية الخمسينيات قفزة نوعية في نظام الحكم, بإعلان اتحاد الجنوب العربي الذي انضمت إليه معظم إمارات وسلطنات الجنوب.
وبعد إعلان الانقلاب اليمني في صنعاء وإسقاط حكم الإمامة في 26 سبتمبر عام 1962م والحرب الأهلية, تدخلت القوات المصرية في اليمن في بداية الثورة بسرية واحدة, وانتهت بـ 70 ألف جندي بحجة مناصرة الثورة الوليدة في اليمن, والحقيقة أن القوات المصرية والرئيس عبد الناصر, كانت أعينهم على حقول النفط في الجزيرة العربية والخليج. وتحت تأثير الدعاية المصرية وخطابات عبد الناصر الملتهبة, تم إعلان يمننة الجنوب منذ ذلك التاريخ في أوائل الستينات, ولقيت الدعاية الناصرية تجاوباً كبيراً, وكأنها ستنقل الناس في الجنوب من جحيم الاستعمار إلى جنات الخلد الثورية الموعودة.
ولم تتردد الدعاية والأبواق الناصرية مطلقاً بإطلاق حملات التشنيع والحروب الإعلامية على أشقائنا في الجزيرة والخليج واتهامهم بالرجعية والعمالة وكذلك على حكومة الاتحاد والأمراء والسلاطين وتبعيتهم للاستعمار البريطاني, وتخوين وتجريم الأحزاب الوطنية المعتدلة, فصدق شعب الجنوب ذلك وابتلعنا الطعم, وبدأنا تدريجياً نفرط في ثوابتنا الوطنية وقياداتنا التاريخية, ونحن نرفع الشعارات الثورية ونتقمصها بحماسة, ولم نكن في حاجة إلى ما أسموه بالكفاح المسلح, وإشعال الثورات ضد بريطانيا التي قررت سلفاً تخليها عن قواعدها شرق السويس بعد حرب 1956م, وقد أعلنت أنها ستمنح الجنوب استقلاله عام 1968م, ولم يسمع لها أحد.
شاركنا جميعاً في نسف أمن واستقرار بلادنا وتم تصدير الثورة بما تحمل من اغتيالات للرموز الوطنية وقتل الأبرياء وتصفية الحسابات الشخصية, مع ما جلبت معها من شعارات وتسمية الجنوب اليمني والكفاح المسلح وقيام الجبهة القومية, صنيعة العسكر في مصر واليمن, وتم صياغة دستورها من قبل غلاة الماركسيين أمثال جورج حبش ونايف حواتمه وغيرهم, وساروا بنا جميعاً في دروب الهلاك, مما دفع بأحد المحاربين القدامى للجبهة القومية إلى الاعتذار العلني لبريطانيا, بعد أن تدهورت أحوال الجنوب بعد الوحدة.
ولنسأل أنفسنا: كم من الأرواح أزهقت منذ قيام الجبهة القومية التي سميت فيما بعد بالحزب الاشتراكي وحتى اليوم؟!!
ماذا كانت نتيجة تلك المغامرات السياسية والعسكرية التي أخذنا إليها النظام الماركسي في عدن .. في حرب الوديعة, وجبهة ظفار, والحروب الشطرية, وحروب الرفاق عام 1986م, واختطاف الجنوب 23 عاماً, والذهاب به إلى وحدة دون ضمانات ولا استفتاء شعبي؟
ماذا كانت نتيجة استعداء النظام الماركسي لجيرانه في السعودية والخليج؟ عندما كانت موسكو أقرب للنظام من مكة والرياض والكويت؟
لقد أضاع النظام الماركسي في عدن هويتنا منذ أدخل بلادنا في ذيل المنظومة الشيوعية, وعند انهيارها ذهب ببلادنا وشعبنا في مغامرة وحدوية فاشلة, ومنذ عام 1990م وشعبنا في الجنوب يودع قوافل آلاف الشهداء من أبنائه, من أجل استعادة هويته الوطنية.
أين كنا وأين أصبحنا؟ واليوم نلوم الآخرين ولا نلوم أنفسنا .. والسؤال الأبرز والأهم هو: كيف نستعيد هويتنا, وما هي الخطوات الواجب إتباعها من أجل تحقيق ذلك؟ (انتظرونا في الحلقة القادمة, وللحديث بقية).
اقرأ المزيد من عدن الغد | لماذا تخلينا عن هويتنا ؟ http://adenalghad.net/news/90552/#.UvKENPvPyBI#ixzz2sTTjzBXs