إثنان من الصحفيين العرب جاهرا علنا برغبتهم في الحصول على المال احدهم من النظام اليمني والاخر استعداده لمن لديه قوة الدفع سواء من النظام او معارضيه ، والاثنان هما الحاج أحمد الهوني رحمة الله عليه ( ليبي) ناشر ورئيس تحرير صحيفة " العرب " الصادرة من لندن والاخر الدكتور محمد الهاشمي ( تونسي ) مالك قناة " المستقلة " او كما يحلو للبعض أن يسميها بـ" المستغلة " والتي تبث من مبنى صغير في أحد أحياء لندن ، الاثنان جاهرا بذلك لي شخصيا برغبتهما العمل بمنطقهما في الاعلام " المال مقابل الخبر " ، ناهيك عن الصحفيان العربيان اللذان لم يعد للحياء او الشرف المهني للصحافة قيمة لديهما ، وهما اللبنانيين خيرالله خيرالله او كما يتندر البعض باسمه " حق الله حق الله " من اسلوبه المبتذل في قلب الحقائق وتدليسه لنظام لا يطيقه شعبه، والاخر فيصل جلول مبتدع الافكار والحلول والمدافع عن نظام صنعاء وطاغيته في القنوات العربية . .٠
ما جعلني استذكر هؤلاء الاعلاميين العرب هي الحملة الغير مبررة مهنيا عبر صحيفة " العرب " و قناة " المستقلة " وكتابات في بعض المواقع العربية تحاول النيل من الحراك السلمي الجنوبي ، وهو الحراك الذي اعترف به العالم كمعبر حقيقي عن قضية شعب دخل في وحدة سلمية مع دولة جارة له " الجمهورية العربية اليمنية " وتحولت الى احتلال بعد حرب حملت شعارات وطنية وقومية وأنتهت بأعمال منظمة من قبل نظام تعود على حكم شعبه قبل الوحدة بوسائل سوقية ولا أخلاقية وبلطجة اولاد شوارع ، تحولت هذه الحرب وما نتج عنها الى احتلال صريح لم يعد أحد يستطيع أن يخفي مظالمه الا أمثال هذه المنابر والاقلام العربية ، وهذه المظالم المثقلة على شعبنا في الجنوب دفعت بوزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الى مطالبة نظام صنعاء الى وضع حد للمظالم في الجنوب أثناء مؤتمرها الصحافي مع وزير الخارجية اليمني الدكتور ابوبكر القربي في مبنى وزارة الخارجية البريطانية على عقب إختتام مؤتمر لندن الدولي الخاص باليمن . .٠
في عام 2003 بعثتني صحيفة " الشرق الاوسط " اللندنية الى صنعاء لتغطية الانتخابات البرلمانية في اليمن ، أستقليت الطائرة اليمنية وكان بجوار مقعدي رجل كبير في السن عرفني بنفسه الحاج أحمد الهوني رحمة الله عليه ، كما عرفني بنجله الذي لم اتذكر اسمه وكان مرافقا له ، ظل الحاج الهوني بعد أن عرفته بنفسي كمندوب للصحيفة التي انتمي اليها يحدثني طوال الرحلة بعلاقاته متميزة حسب قوله وقتها بالمطبخ الاعلامي للنظام اليمني وهما السكرتير الصحافي للرئيس اليمني عبده بورجي وعلي الشاطر رئيس دائرة التوجيه السياسي والمعنوي ، وهي الدائرة التي تقوم باعداد الفبركات وتقوم باستقطاب الصحافيين من كل مكان ليسبحوا بحمد هذا النظام وامواله التي ينفقها لقلب الحقائق وتزوير الواقع ، ولم يخفي الحاج المرحوم الهوني خلال حديثه عن كرم النظام اليمني معه ، وأنه ينوي " وقتها " الاستفادة من زيارته لتغطية الانتخابات البرلمانية لكي يطلب من أصدقائه المقربين من رأس النظام زيادة مساعدته ، استغربت صراحة ومجاهرة الرجل لي بمثل هذا الحديث لم يترك لدي انطباعا الا الذهول من كيف يتمكن البعض في قلب الحقائق مقابل حفنة دولارات ، وكانت صراحته هذه كافية لان تجعلني بعيدا عنه في زيارته الى صنعاء وبعد عودتي الى لندن فكان درسا سيبقى عالقا في ذهني في كيفية إفساد الاعلام العربي من قبل الحكام العرب ، ولم يكن الرئيس اليمني استثناءا إن لم يكن الاكثر انفاقا في شراء الذمم الصحافية ، ولهذا لم استغرب أن تسخر صحيفة " العرب " صفحاتها وموقعها الاليكتروني لنشر فبركات النظام اليمني ضد الحراك السلمي الجنوبي او ضد المملكة العربية السعودية التي تواصل وبسخاء في تقديم المساعدات التنموية لنظام يرد جميل جيرانه بالنكران والجحود. .٠
وأخر هذه الفبركات قد صدرت أمس بهيئة خبر ولكنه أقرب الى الدسيسة وزعتها مواقع أخبارية شمالية محسوبة على النظام اليمني تزعم من أن مناهضيين سعوديين يتدربون في معسكرات تقع تحت سيطرة الحراك الجنوبي ، ولو كان لمحرري صحيفة " العرب" ليس قليلا من المهنية بل قليلا من العقل لتحروا الخبر ودقته وأستكملوا كل جوانبه وعناصره ، لا أن ينقلوه نصا من مواقع يدركون أنها تابعة للسلطة ، والا كيف لشعب ان يطالب الحرية من نظام محتل لارضه وشعبه يقتل ويسجن وتحاصره آلة النظام اليمني العسكرية حتى تحول الجنوب الى ثكنات عسكرية يقوم بتدريب مناهضين لبلد عربي شقيق هو أحوج له ولموقفه ووقفته لمساعدته على إنهاء هذا الاحتلال ، غير أن إعادة نشر مثل هذه الاخبار المدسوسة على هذه الصحيفة جعلتني على يقين في أن العلاقة المتميزة التي كانت بين ناشر الصحيفة الحاج الهوني رحمة الله عليه والنظام اليمني قد إنتقلت الى من ورث الصحيفة والعلاقة غير المهنية مع النظام اليمني ومطبخه السيء الصيت الذي لن يتوانى حتى في الاساءة الى كل من أحسن ويحسن اليه. .٠
غير أن علاقة صنعاء بقناة " المستقلة " المنبر الاعلامي العربي الاخر ، هي علاقة معلنة وغير خافية حتى على المشاهدين الذين أصبحوا لا يفرقوا بين الفضائية اليمنية وقناة المستقلة التي تتوشح بعباءة الاسلام وتدافع عن طاغية يرفضه حتى شعبه ، لانه جعل المستقلة تحظى بعناية خاصة بل وشخصية من قبله ، بعد أن تعثرت المعارضة الجنوبية في ايجاد مصدر مالي لتسديد قيمة " كسرة الخبز " التي طلبها الدكتور الهاشمي ليطعم بها أسرته واولاده وتسديد جزء من نفقات القناة مثل قيمة الاشتراك في الاقمار الاصطناعية التي تبث عبرها قناته ، وقد قال لي ذلك صراحة الدكتور الهاشمي عندما قمت بزيارته الى مبنى القناة ذات مرة برفقة شخصية جنوبية وسعينا لحثه بأن لا ينحاز الى جانب الظالم ويتجاهل قضية شعب بكامله ، بل قلنا له صراحة إننا لسنا دولة ولا نملك من الاموال التي تلمح اليها مقابل اعطاء الصوت الجنوبي فرصة لتوضيح قضيته ، او محاججة من يستفردون بكل البرامج المغلفة والتي تستهدف القضية الجنوبية لتضليل الرأي العام العربي والاجنبي .. قلنا له نحن لا نطلب المستحيل اذا طلبنا منك التوازن في طرح القضايا التي تتعلق بالجنوب ، وأن تعطي نفس المساحة التي تعطيها للسلطة في تشويه صورة ما يجري في الجنوب . .٠
لم يتراجع الدكتور الهاشمي الذي وبكل أسف ربما أستخف بمنطقنا ، وحول القناة الى أشبة بنقطة عسكرية كتلك النقاط المنتشرة في كل أزقة مدن وقرى الجنوب ويديرها قطاع طرق بزي عسكري تبتز كل من لا يدفع او يمد يده بسخاء للقائمين على تلك النقطة ، ولا يسمحوا لمن لا يدفع الاتاوات من تجاوز هذه النقطة العسكرية بقوة السلاح ، كما يقوم بها الدكتور الهاشمي للاسف الشديد بقوة الاعلام ودوره سواء في تنوير او تضليل المشاهدين .. .٠
لم يسلم الحراك الجنوبي والذي لم يعطي أهمية للدور الاعلامي المطلوب لرفع قضيته وتوضيحها للرأي العام العربي والدولي بشكل مهني وسياسي ، وبقي كما هو عبارة عن إجتهادات فردية مشكورة بسبب شحة الموارد التي يتطلبها أي عمل إعلامي مهني يرتقي بمستوى القضية الجنوبية ، بل ويفضح كل أباطيل نظام صنعاء وإدعاءات من ينفق عليهم من المتسولين من الاعلاميين العرب ، الذين تارة يرتدون عباءة الاسلام لدحض مطالب ابناء الجنوب في فك الارتباط ، او اؤلئك الذين هلكونا بمواعظ عن القومية واللحمة العربية مقابل الاموال التي يقبضونها من صنعاء او الحوالات التي تأتي مباشرة منها الى حساباتهم في البنوك ، فكما يتردد من أن فيصل جلول المقيم بباريس وخيرالله خيرالله المقيم بلندن ينذرون أنفسهم وأقلامهم ضد الجنوب وقادته وقضية شعبه ليس حبا برئيس النظام او الشعب اليمني او ان قلوبهم تنزف دما خوفا على مصير اليمن او عودة الجنوب الى وضعه السياسي الى ما قبل 90 ، بل يزيفون الحقائق ويقلبونها وفقا لمزاج النظام اليمني ورئيسه والمبلغ المرصود لذلك . .٠
نقول لزملائنا من الاعلاميين العرب بمن فيهم كل من اشرت اليهم بمقالي هذا من ان شر البلية ما يضحك .. وان فبركات النظام اليمني واكاذيبه المفضوحة جعلت الحمير تضحك كما ضحك الحمار في مقطع ساخر على " اليو تيوب " بعد تصريح الرئيس اليمني علي عبدالله صالح واعلانه أثناء حملته الانتخابية عام 2006 بانه سيولد الطاقة الكهربائية عبر بناء مفاعلات نووية ، وهي عبارة كانت كافية لتجعل الحمار ينفجر ضاحكا .. فاكاذيب النظام اليمني وفبركات زعيمه علي عبدالله صالح بلغت درجة ان عقول الحمير لم تعد تتقبلها فكيف للبشر وهم من أنعم الله عليهم وزينهم بالعقل ، فأرحمونا وأرحموا عقولنا . .٠