حذر تقرير بريطاني نشرته مجلة (بروسبيكت) البريطانية من عواقب عدم إجراء إصلاحات حقيقية في اليمن، مؤكداً "أن غياب تلك الإصلاحات يجعل اليمن ذلك البلد االهش لا يبعد سوى بضعة خطوات عن الفوضى".
وانتقد تقرير المجلة البريطانية ما وصفه بالنهج الأمريكي المختلف في اليمن. وقال بإن الدعم الأمريكي للجيش اليمني من دون تقديم الغذاء للشعب في ثالث أكبر بلد مجاعة في العالم يرسل رسالة واضحة بأن أميركا لا تهتم سوى بأمنها، مؤكداً في السياق ذاته بأن محاولة الحفاظ على إنقاذ نظام الرئيس صالح غير الفعال سيعجل بانهيار اليمن حوله.
وفيما أكدت (بروسبيكت) البريطانية في تقريرها أن فرض الديمقراطية بالقوة طريقة سيئة لمساعدة أي بلد، قالت إن اليمنيين لا يهتمون بالانتخابات مثل اهتمامهم بالأمن وعدم الموت جوعا، وهو الأمر الذي "سيمكن النظام السياسي اليمني الذي يحتضر من الاستمرار ببساطة في حكمه الرئاسي الفاسد والخمول".
وقالت المجلة البريطانية "من المفاجئات أن الأولويات السياسية في اليمن والعراق وفي أماكن أخرى قد تحولت للحفاظ على المصالح الغربية والحفاظ على ماء الوجه الأميركي، وحتى لو أرادت أميركا أو الجيوش الغربية مزيدا من الجنود على الأرض في اليمن، فإنها لن تقوى على ذلك".
ونقلت عن دبلوماسي كبير قوله بأن اليمن تمثل بالنسبة لأمريكا، أرضية الاختبار الجديدة لمحاربة الإرهاب بأقل التكاليف.
وقالت (بروسبيكت): "تظهر الهجمات على أهداف غربية في اليمن الأسبوع الماضي ضرورة محاربة الإرهاب هناك، لكن تجربة أميركا في العراق تعيق محاولات مساعدة هذا البلد الأفقر في العالم العربي".
وأضافت: "لقد أصبح محاربة الخطر الإرهابي داخل اليمن، البلد الهش، أولوية هامة لأميركا وحلفائها، لكنهم يتبنون نهجا مختلفا في هذه المرحلة، بسب تضررهم بأخطائها في العراق وأفغانستان ".
وفيما ذكرت المجلة البريطانية أن الإستراتيجية اليمنية أقرب للسياسات التاريخية الأميركية والبريطانية في دعم أنظمة شهيرة في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، قالت إن مثل تلك الإستراتيجية حصدت نتائج متباينة، وكانت شنيعة في بعض الأحيان. مؤكدة في السياق ذاته أن مشكلة تنفيذ تلك الإستراتيجية في اليمن سيؤدي إلى نزع شرعية الحكومة في أعين الكثير من اليمنيين.
وطالبت (بروسبيكت) من أولئك الذين حضروا مؤتمر"أصدقاء اليمن" في نيويورك في سبتمبر المنصرم لمناقشة مساعدة أفقر بلد عربي أن يركزوا على إنعاش تمويل برنامج الغذاء العالمي، وصنع وعود حقيقية للموازنة بين المساعدات العسكرية والتنمية السياسية والاقتصادية، مؤكدة في السياق ذاته " أن التوفيق بين صناديق الاقتراع والرصاص من الصعب تحقيقه".
وفيما توقعت مجلة (بروسبيكت) البريطانية في تقريرها أن يتم تأجيل الانتخابات البرلمانية مرة أخرى، قالت بأن أمريكا وحلفاءها ليست مندفعة لإجراء انتخابات في اليمن، لأنها تبنت نهجاً مختلفا في اليمن خلال هذه المرحلة، بسب تضررهم بأخطائها في العراق وأفغانستان، فهي، وكما تشير المجلة، كانت تنظر للاضطراب في العراق ثمنا يستحق الدفع للديمقراطية وكانت ترفع شعار "الانتخابات مهما كانت التكاليف"؛ أما في اليمن، فإنه يُضحى في الوقت الراهن بالديمقراطية من أجل الاستقرار. وفي العراق – تضيف المجلة – كانت السياسة الأمريكية توجب التخلص من الرجل الكبير الفاسد والقوي؛ أما في اليمن ينبغي أن يدعم مثل ذلك الشخص.
وفي حين أشارت المجلة إلى الالتزام الأمريكي لليمن بتقديم أكثر من مليار لقوات الأمن على مدى الخمسة الأعوام القادمة، تساءلت في تقريرها "لكن ما الذي يتم استثماره في اليمن؟"، مؤكدة في السياق ذاته بأن الحكومة اليمنية لا تمتلك النفوذ، الذي تركز فقط "لدى الرئيس علي عبد الله صالح وحاشيته" الذين وصفتهم المجلة "بالأغنياء إلى حد كبير وأن معظم أموالهم تأتي من عوائد النفط ، بينما ثلث سكان البلد يتضورون جوعا".
وأشارت المجلة البريطانية (بروسبيكت) إلى أن الرئيس اليمني صالح الذي قال ذات مرة إن حكم اليمن يشبه " الرقص على رؤوس الثعابين" يحافظ على هدوء الجماعات المتصارعة المختلفة (القبائل والانفصاليين والإسلاميين والنخبة) بالمال والقوة، وهو الأمر الذي أبقاه في السلطة لثلاثين عاما، مؤكدة في السياق ذاته أنه وبدون إجراء إصلاحات حقيقة فإن اليمن – باقتصادها المتدهور ومصادرها النفطية المتضائلة والانفجار السكاني وحروب المتمردين في الشمال، والانفصاليين في الجنوب – لا تبعد سوى بضعة خطوات عن الفوضى.