[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]21.ديسمبر كانون الأول.2010
تقول المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات العامة، إن تعذيب السجناء والمعتقلين منتشر في اليمن وإنه يُمارس في أقسام الشرطة ومعتقلات الأمن القومي والأمن السياسي والبحث الجنائي والاستخبارات العسكرية، بل إن هناك مزاعم بوجود سجون خاصة لشيوخ القبائل والمتنفذين ولا أحد يعلم على وجه الدقة بالمآسي التي تمارس فيها.
وحسب هذه المنظمات، ضاعفت الأحداث السياسية التي شهدها اليمن ويشهدها؛ مثل التمرد الحوثي والحراك الجنوب المطالب بالانفصال والحرب مع القاعدة، من عمليات الاعتقالات والإخفاء خارج إطار القانون ومن ثم اللجوء إلى أساليب قاسية لانتزاع الاعترافات.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه وأثناء إعداد هذا التقرير قام عدد من أسر المعتقلين على خلفية "حرب صعده" بتنفيذ اعتصام يوم الأحد ( 19 كانون الأول/ ديسمبر) طالبوا خلاله السلطات باحترام إنسانية أبنائهم وعدم التعرض لهم بألفاظ عنصرية، وإيقاف مختلف ممارسات وأساليب التعذيب النفسي والجسدي بحقهم وسرعة الإفراج عنهم.
شهادات معتقلين سابقين
أكد المعتقل لؤي المؤيد، أحد الذين اعتقلوا في الأمن القومي، لدويشه فيله أنه وخلال فترة احتجازه التي استمرت 71 يوماً تعرض للتعذيب بكافة أشكاله، فقد تم تعليقه من يديه، كما أحرقت مناطق مختلفة في ظهره بآلة لم يعرف ما هي، وتعرض للضرب والمنع من دخول الحمام وتناول العلاج كونه مصاب بفيروس الكبد". وأضاف المعتقل السابق، أن سجانيه مارسوا إلى جانب التعذيب الجسدي، عذبوه نفسياً أيضاً إذ هددوه "بالاغتصاب والتهديد باعتقال العائلة والأصدقاء".
من ناحيته قال شاهد عيان، طلب عدم الكشف عن اسمه، إنه وأثناء تواجده في أحد أقسام الشرطة بالعاصمة صنعاء شاهد قيام ضابط بالاعتداء على احد المسجونيين بالضرب المبرح وتقييده.
ويقول المحامي عبد الرحمن برمان، رئيس منظمة "سجين"غير الحكومية، "إن أشكال التعذيب داخل السجون اليمنية تتمثل بالتعذيب النفسي والجسدي. ويتمثل التعذيب الجسدي للمعتقلين ـ حسب برمان ـ بالضرب المبرح في مناطق مختلفة من الجسد والحرق بالسجائر والجلد والصفع على الوجه والتعليق من الأيدي والصعق الكهربائي". ويضيف برمان، وهو ناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ويتولى الدفاع أمام المحاكم اليمنية عن معتقلين سياسيين في الغالب، إن "التعذيب النفسي يتمثل بالتهديدات المستمرة لهم باعتقال اقرب الناس لهم والعزل الانفرادي وحرمانهم من الاتصال بالعالم الخارجي".
"القضاء شريك في التعذيب"
المحامي عبد الرحمن برمان التعذيب في السجون اليمنية بأنه "ممنهج وأمر معتاد وروتيني"، مشيرا إلى أنه حتى في القضايا الجنائية لا يبذل المحققون أي جهد في الكشف عن ملابسات الجريمة، وإنما يقومون بتعذيب المتهمين كي ينتزعوا الاعترافات منهم، ملفتا إلى أن "أكثر الفئات تعرضاً للتعذيب داخل المعتقلات هم من لا يستندون إلى قبيلة أو أسرة معروفة".
ويتهم المحامي برمان القضاء اليمني بأنه "شريك في تزايد ظاهرة التعذيب" في السجون بالوقوف بشكل مباشر أو غير مباشر في صف المنتهكين لحقوق المعتقلين. ويقول إنه حتى في حال صدور أحكام إدانة لأشخاص أو جهات مارست التعذيب فإنها في الغالب تكون "أحكاما بالسجن مع إيقاف التنفيذ" مما يعني بقاء الأشخاص المدانين في مثل هذه الجرائم في مناصبهم، حسب برمان.
لكن أين دور المنظمات الحقوقية؟ تقول نوال الكبسي رئيسة منظمات نساء للدفاع عن المعتقلين: "ردة فعلنا تجاه ما يحدث للمعتقلين ضعيفة وذلك نتيجة لضعف دور منظمات المجتمع المدني في اليمن عموما". وتشكو الكبسي من غياب الشفافية فيما يتعلق بالمعلومات حول أوضاع السجون والمساجين، ومن عدم السماح للمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بالإطلاع على أوضاع السجناء والمعتقلين. وتضيف رئيسة منظمات نساء للدفاع عن المعتقلين بالقول إن الدور الذي تستطيع تقديمه منظمات المجتمع المدني فيما يخص قضية التعذيب في السجون اليمنية هو "التواصل مع الخارج للضغط على السلطات اليمنية من أجل احترام حقوق الإنسان عموما وحقوق المعتقلين بصفة خاصة، معتبرة أن الضغوط الخارجية تدفع الحكومة للتعامل بجدية مع هذه القضايا.
دور وزارة حقوق الإنسان
يذكر أن الجمهورية اليمنية لم توقع على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، هذا البروتوكول الذي يوجد فيه نص على أن الأشخاص الذين يعتقلون بطريقة غير قانونية ويدَّعون أنهم تعرضوا للتعذيب؛ فان ادعاءاتهم تبقى صحيحة حتى تثبت السلطات أو جهات الاعتقال العكس.
وحتى لا تكون الاتهامات من طرف واحد دون إعطاء الجهات الرسمية حق الرد والتوضيح توجهت دويتشه فيله إلى وزارة حقوق الإنسان اليمنية وسألت المسؤولين فيها عما إذا كانوا يعلمون بوجود تعذيب في السجون اليمنية والكيفية التي تتعامل بها الوزارة مع البلاغات التي تصلها. في هذا الصدد يقول مدير عام الشكاوى والبلاغات بوزارة حقوق الإنسان الدكتور شائف بن علي جار الله، لدويشه فيله إن دور الوزارة فيما يخص قضايا التعذيب تكمن في استقبال الشكاوى وتسجيلها في سجلات الوزارة ثم دراستها من قبل مختصين في القانون الوطني، من الذين لديهم اطلاع لا بأس به على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
وأكد شائف أن وزارته تقوم بإحالة تلك الشكاوى والبلاغات ـ بعد التأكد من صحتها ـ ومن المتهمين بها إلى القضاء، مشيرا في هذا السياق إلى تدرج الإجراءات من النيابة التي تعمل على التحقيق في الشكاوى ثم رفع القضية إلى درجة أعلى وهي المحكمة الابتدائية المختصة بإصدار الأحكام وهكذا. ويرجع شائف ما أسماه بـ"الأخطاء التي ترتكب في السجون اليمنية" إلى جهل مدراء السجون بمهامهم "التي لا ينبغي أن تتعارض مع القانون وحقوق الإنسان".
- دويتشه فيللة
* الصورة: أهالي السجناء على خلفية "حرب صعدة" يطالبون السلطات بالكف عن تعذيب ذويهم وبإطلاق سراحهم