شبكة صدى عدن / متابعات / 27 / 07 / 2010
في 13 يوليو 2010 ناقش باراك سلموني وكريستوفر بوسيك والسيدة إيبريل لونغلي آلي، الأوضاع في اليمن في منتدى سياسي خاص على مأدبة غداء استضافها معهد واشنطن.
وقدمت الدكتورة آلي ورقة حول التهديد الذي تشكله الحركة الانفصالية في الجنوب للحكومة اليمنية. بينما قدم الدكتور "سلموني" ملاحظات حول التمرد الحوثي في شمال اليمن. فيما ناقش د. بوسيك، زميل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنشطة تنظيم «القاعدة» والذين يدورون في فلكه في اليمن.
كما قدم المتحدثون الثلاثة توصياتهم للسياسة الأمريكية والعالمية تجاه اليمن.
ألقى المتحدثون الثلاثة جميعاً الضوء على الحاجة الملحة لبناء الثقة المرتكزة على التسوية والمعاملة بالمثل بين الحكومة اليمنية ومختلف حركات المعارضة في الشمال والجنوب.
ومما جاء في النقاش انه ونظراً لمستويات العنف العالية التي تستخدمها الحكومة وقوى المعارضة على حد سواء، قد تكون هناك حاجة إلى وساطة دولية، أولاً لخلق مساحة سياسية، وبعد ذلك لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار والاتفاقيات السياسية. وقد يساعد أيضاً قيام المجتمع الدولي بدعم رفيع المستوى لعملية الحوار اليمني الوطني المتصوَّر الكبير الأهمية.
وقد أكد السيد بوسيك بأنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يتحدث بصوت واحد عن اليمن، وأن يجري نقاشاً طويلاً ومؤلماً مع صنعاء فيما يتعلق بالإصلاح. وينبغي أن يقترن هذا النقاش بقيام ضمانات بأن تتلقى اليمن مساعدات اقتصادية كبيرة لو أنها تعاونت في هذا الموضوع. غير أن الآراء قد اختلفت حول مستوى التأثير الذي يمكن للولايات المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة أن تمارسه في اليمن.
كما نوقشت العديد من المقترحات أثناء فترة الأسئلة والأجوبة. فعلى سبيل المثال، كان هناك اقتراح حول محدودية النفوذ الغربي مع صنعاء نظراً لندرة المعونات المالية الغربية (المقدمة) للبلاد. وقال آخرون بأن الولايات المتحدة تحتفظ بنفوذ على اليمن أكبر مما هو متصور، والسبب في ذلك على الأغلب هو أن حكومة علي عبد الله صالح تُقدِّر نوع الشرعية الدولية التي تمنحها إياها العلاقات الوثيقة مع واشنطن.
وعلى نحو بديل، فقد اقتُرح بأن يقوم «مجلس التعاون الخليجي» وبالتحديد المملكة العربية السعودية بدور حواري أفضل، نظراً لتبرعاته المالية الكبيرة نسبياً إلى اليمن (وقدَّر بوسيك بأن المعونة السعودية وحدها قد بلغت أكثر من ملياري دولار أمريكي في العام). وعلاوة على ذلك، ستعاني دول «مجلس التعاون الخليجي» على الأرجح من تأثير مباشر من فشل الدولة اليمنية، بصورة أكثر من غيرها (على سبيل المثال: الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والأمراض، والتهريب) وسيكون لديها دافع قوي للعب دور رائد في جهود تحقيق الاستقرار.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه المنافع، قال مناقشون: قد لا تكون الرياض المحاور المثالي نظراً لتاريخها الذي يسجل تدخلاً متكرراً في الشؤون اليمنية، لخدمة مصالحها الإقليمية في المقام الأول. وفي الواقع، رأى بعض المشاركين أن صنعاء ربما تكون عرضة للضغوط الأمريكية بشأن الإصلاح، وعلى وجه التحديد لأنها تريد دعماً أمريكياً لمواجهة ما تراه نفوذاً سعودياً مفرطاً.
وهنا ينشر "المصدر أونلاين" الدراسات الثلاث وتوصياتها بالترتيب. وفيما يلي عناوين لما تضمنته، يلي ذلك نص الدراسات.
*ينبغي على المجتمع الدولي أن يتحدث بصوت واحد عن اليمن وأن يجري نقاشاً طويلاً ومؤلماً مع صنعاء فيما يتعلق بالإصلاح
* حراك الجنوب يشكل تهديداً وجودياً لحكومة الرئيس والانفصال قد يعجل بانهيار الدولة اليمنية الواهنة
* كثير من الجنوبيين وليس فقط المتطرفين بدأوا يعيدون النظر في قيمة كونهم جزءاً من اليمن
* إن الإصلاح السياسي والاقتصادي هو فقط الذي بإمكانه حل القضية الجنوبية، وهو نهج سيتطلب تقديم تنازلات حكومية جدية
* ما يثير الدهشة أن الحركة في الجنوب منقسمة وليس لديها خطة للحكم فيما بعد
* بصرف النظر عن حرب العراق ربما يكون تمرد الحوثيين أكبر حرب شهدها العالم العربي على مدار عقد من الزمن
* رغم أن التمرد هو أكبر مستنزف للموارد المادية والبشرية اليمنية ولا يمكن للدولة تحمل هذا الصراع إلا أنه يبدو واحداً من أكبر التحديات الأمنية القابلة للحل
* في لب صراع صعدة نجد أنه نزاع على السلطة بين الأطراف
* من المرجح أن ينهار اتفاق وقف إطلاق النار مثل حالات أخرى قبله والمرحلة السابعة من الصراع آخذة في الاقتراب بصورة أكثر
* رغم قيام الحوثيين بترديد شعار غير ودي مع أمريكا إلا أنهم لم يشنوا ولو عملاً عدائياً واحداً ضد المصالح الأمريكية
* إن قيام استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق استقرار الدولة هي فقط ستمنع تنظيم القاعدة من السعي إلى جعل اليمن ملاذاً آمناً لهم.
انعدام الاستقرار السياسي في الجنوب
إيبريل لونغلي آلي
عملت الدكتورة آلي كخبيرة في شؤون اليمن لـ "فريق التقييم في القيادة المركزية الأمريكية" برئاسة الجنرال ديفيد بتريوس و[فريق] تقييم الصراع التابع لـ "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية"، وتعمل حالياً باحثة مشاركة في "مركز الدراسات الاستراتيجية التطبيقية" في "جامعة الدفاع الوطني".
وفيما يلي ملخص المقرِّر لملاحظاتها حول التهديد الذي تشكله الحركة الانفصالية في الجنوب للحكومة اليمنية.
تشكل الحركة [الانفصالية] في جنوب اليمن تهديداً وجودياً وإقليمياً لحكومة الرئيس علي عبد الله صالح، بل وحتى الانفصال الجزئي قد يعجل بانهيار الدولة اليمنية الواهنة لأن تركز أصول النفط والغاز والموانئ في الجنوب يُعدّ مصدراً حيوياً للدخل.
وتعتبر مناقشة [موضوع] الحركة الانفصالية إشكالية في حد ذاتها، لأن الأحداث على أرض الواقع قد تغيرت بسرعة، ومن الصعب على الأكاديميين والصحفيين إجراء البحوث هناك. ومع ذلك، يقدم العمل الميداني والتقارير الصحفية العربية الأخيرة نظرة ثاقبة عن تاريخ الحركة، مع التأكيد على المظالم الكامنة، والعنف، والاتجاهات الحاسمة في فهم الديناميات في اليمن وتأثيرها على وحدة البلاد واستقرارها.
* الخلفية
يرتكز الانفصاليون فيما كان معروفاً باسم "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، وهي الدولة الماركسية التي كانت قائمة في الجنوب قبل إعادة توحيد البلاد عام 1990. وقد أدى الاستياء من إعادة التوحيد المتسرع إلى اندلاع حرب أهلية قصيرة عام 1994، انتصرت فيها القوات الشمالية. ولا تزال المظالم الجنوبية مستمرة منذ ذلك الحين.
وقد بدأت العودة الحالية للحركة [الانفصالية] في جنوب اليمن في ربيع عام 2007، عندما احتجت مجموعة من العسكريين المتقاعدين من جيش "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" على المعاشات التقاعدية غير الكافية والتسريح الإجباري من الجيش. وفي عام 2008، انتشرت النشاطات إلى الجنوبيين الآخرين الساخطين الذين أرادوا زيادة في فرص الحصول على الخدمات والوظائف الحكومية، وتحسين سيادة القانون، وإدارة أفضل للموارد، بالإضافة إلى تحقيق اللامركزية الاقتصادية والسياسية.
وقد وعدت الحكومة مراراً وتكراراً القيام بأعمال الإصلاح لكنها فشلت في تحقيقها. ونتيجة لذلك، تحولت الأفكار المفاهيمية للحركة الجنوبية من دعوات للإصلاح إلى مطالب بالاستقلال. وتميل الاحتجاجات الآن إلى الحدوث في تواريخ رمزية مثل: يوم الوحدة الوطنية، واندلاع القتال ضد البريطانيين، وخلال تشييع الشهداء. وفي الوقت نفسه، وثق تقرير "لجنة حقوق الإنسان" من عام 2009 قيام القوات الحكومية بإطلاق النار على مدنيين عزل، وحالات قتل واعتقالات غير قانونية، وقيام قوات الأمن بقمع وسائل الإعلام وحرية التعبير، مما أفرز مناخاً من الخوف والمرارة والإحساس بالغربة. وقد أدى رد فعل الحكومة القمعي على الاحتجاجات إلى زيادة شعور الجنوبيين بالغربة، وأشعل غضب كوادر المقاومة داخل الحركة الانفصالية.
* تزايد العنف
منذ وقف إطلاق النار مع المتمردين الحوثيين في الشمال في فبراير 2010، ركزت الحكومة اليمنية انتباهها على الجنوب، وحولت له الموارد العسكرية لاحتواء الاضطرابات المتنامية في تلك المنطقة. إلا أن استراتيجية صنعاء القمعية المتمثلة بسياسة "فرق تسد" [لم يكن لها أي دور] سوى جعل حركة الجنوب أكثر قوة، مما أدى إلى قيام أعمال عنف انتقامية ربما تتطور إلى حركة تمرد ناشئة. ويتزايد العداء بصورة مستمرة بين الشماليين والجنوبيين، فالجنوب منشغل بإشاعات عن قيام هجمات عسكرية من قبل أعضاء ميليشيا ولجان أمن من كلا المعسكرين، مع وجود تيار خفي من التوتر -لكنه ملموس- يمكن الشعور به في عدن، كبرى مدن المنطقة والعاصمة السابقة لـ "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية". ويعني قيام درجات متفاوتة من الإحباط والنفور أن كثير من الجنوبيين وليس فقط المتطرفين من المجموعات المهمشة- يعيدون النظر في قيمة كونهم جزءاً من اليمن.
وقد تم توثيق بعض أعمال العنف في الجنوب توثيقاً جيداً. فعلى سبيل المثال، تظهر بيانات تقرير "مسح الأسلحة الخفيفة" من عام 2008 قيام إحدى وعشرين حالة من العنف السياسي في محافظة "لحج"، وإحدى عشرة حالة في محافظة "أبين"، وخمس عشرة حالة في محافظات جنوبية أخرى في العام نفسه. ويبدو أن مثل تلك الحوادث قد ازدادت بصورة كبيرة في 2009-2010. وقد تجلّى هذا الارتفاع في العنف بصورة واضحة في محافظتي "الضالع" و"لحج"، عندما لجأت الحكومة الفيدرالية إلى استعمال الأسلحة الثقيلة للحد والقضاء على المقاومة العسكرية الجنوبية. وكلا المحافظتين مشهورتان بصعوبتهما حيث عانى البريطانيون في السيطرة عليهما في فترة ما قبل الاستقلال، ومن المرجح أن يُظهر العسكريون الجنوبيون قدراً كبيراً من القوة المتواصلة. ورغم أن حلاّ عسكرياً للمشكلة غير ممكن، فمع ذلك، ربما تجد الحكومة نفسها مضطرة للقيام بحملة عسكرية أخرى واسعة الموارد ومفتوحة النهاية في الجنوب.
* وصف ملامح الحركة
يمكن وصف الحركة [الانفصالية] في جنوب اليمن بأنها ظاهرة شعبية تشمل ممثلين يعانون من المظالم المحلية، لكنها غير منظمة في جوانب رئيسية. فقيادتها ممزقة بين الشخصيات المحلية والأخرى المنفية، مع وجود خمسة مجالس مختلفة تدعي التحدث باسمها. بالإضافة إلى ذلك، ما تزال التوترات قائمة منذ اندلاع قتال داخلي مميت في الجنوب عام 1986. ويمكن رؤية الانقسامات على طول الخطوط الإقليمية والقبلية وبين الجماعات الريفية والعدنيين. بينما تظهر خلايا عسكرية مهلهلة في هيكلها، قيام جيل جديد من القادة الأصغر سناً.
ومما يثير الدهشة أن الحركة منقسمة حول كيفية تحقيق الاستقلال وليست لديها خطة للحكم فيما بعد. كما ليست لديها قدرة عسكرية كافية لدحر الحكومة الفيدرالية لكنها ربما تستطيع القيام بحرب عصابات واسعة النطاق. كما يمكن أيضاً أن يحاول المقاتلون في الجنوب تجنيد مناصرين خارجيين.
وفي 2009، ألقى تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» بدعمه الخطابي وراء الحركة، لكن سرعان ما رفض الانفصاليون الجنوبيون هذا الدعم. وبينما تختلف أهداف وإيديولوجيات تنظيم «القاعدة» والحركة الجنوبية، يمكن تصور حدوث تعاون تكتيكي في بعض المناطق. وكما ادعى مقاتل جنوبي، بإمكان انحياز الحركة لصالح "إيران أو تنظيم «القاعدة» أو حتى الشيطان" من أجل تحقيق أهدافها. وعلى الرغم أنه ربما لا يكون هذا الرأي منتشراً على نطاق واسع، إلا أنه يلمّح إلى تظافر الجهود والتحالفات الخطيرة التي يمكن أن تتطور على رابطة الصراعات المتداخلة في اليمن.
* الخاتمة
تفاقم الصراع في الجنوب بمرور الزمن بصورة مشابهة لما حدث في المعركة مع الحوثيين، ولا يمكن القضاء عليه عسكرياً. فلم تبق للحكومة سوى فرص محدودة للتعاطي مع الحركة بطريقة بناءة. وعلى الرغم من أن مثل هذا التواصل يحمل في طياته فرصاً للنجاح في إطار الحوار الوطني في اليمن، إلا أن صنعاء تفقد المصداقية المطلوبة للإصلاحات من جانب واحد، وقد تكون هناك حاجة لوساطة من قبل طرف ثالث. وتستخدم الحكومة القمع العسكري بطريقة متزايدة لاحتواء الاضطرابات. لكن لم يؤد العنف ضد المتظاهرين المدنيين سوى إلى توسيع الدعم للانفصال وتضييق مساحة التسوية.
ولم يعد بالإمكان الدفاع عن الوضع الراهن أو الاستمرار فيه. إن الإصلاح السياسي والاقتصادي هو الذي بإمكانه فقط حل القضية – وهو نهج سيتطلب تقديم تنازلات حكومية جدية، وقدراً أكبر من المساءلة، وإدارة أفضل للموارد والأراضي، وتقاسماً للسلطة من خلال قيام تعديلات فيدرالية.
التمرد الحوثي
باراك سلموني
نبذة تعريفية بالكاتب: عمل الدكتور سلموني عالماً سياسياً في "معهد أبحاث الدفاع الوطني في مؤسسة راند"، ونائب مدير "مركز مشاة البحرية للتعليم الثقافي العملياتي المتقدم"، وأستاذاً مساعداً في "المدرسة البحرية للدراسات العليا"، وهو مؤلف الدراسة الحديثة بعنوان: "النظام ومحيطه في شمال اليمن: الظاهرة الحوثية".
وفيما يلي ملخص المقرِّر لملاحظاته حول التمرد الحوثي في شمال اليمن:
بصرف النظر عن "عملية تحرير العراق"، ربما يكون تمرد الحوثيين في شمال اليمن أكبر حرب شهدها العالم العربي على مدار عقد من الزمن. لقد أثبت هذا التمرد أنه أكبر مستنزف للموارد المادية والبشرية اليمنية، كما أنه الشغل الشاغل لحكومة صنعاء على مدى السنوات الخمس الماضية. ونظراً للعديد من الأزمات المالية والسياسية وأزمات الموارد التي تعاني منها الدولة، لا يمكن أن تتحمّل اليمن هذا الصراع. ومن المفارقات، يبدو أيضاً أن التمرد هو واحد من أكبر التحديات الأمنية القابلة للحل في اليمن.
* الخلفية
بدأت الحرب بين الحكومة الفيدرالية وعشائر الحوثيين في يونيو 2004، وكانت تتميز بالقتال المستمر بدرجات كثافة متفاوتة تخللتها عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار ومحاولات للتوسط بين الأطراف (حيث تحصي الحكومة اليمنية ست مراحل من القتال النشط).
وفي لب هذا الصراع نجد أنه نزاعاً على السلطة بين الأطراف الفيدرالية والأطراف المحلية. وتشكل محافظة صعدة في شمال غرب اليمن بالقرب من الحدود السعودية بؤرة هذا التمرد. وقد انتشرت المناوشات إلى صنعاء بل وحتى إلى المملكة العربية السعودية التي تم جرها عسكرياً إلى القتال في بعض الأحيان.
ويقال بأن الصراع قد أسفر عن إصابة ما بين 20,000 و 30,000 شخص، من بينهم مقاتلون وغير مقاتلين. وكثيراً ما يكون من الصعب التمييز بين هاتين الفئتين لأن كلاً من الحوثيين والميليشيات القبلية التي تساندها الحكومة يقاتلان من داخل مناطق السكان المدنيين. وتتأرجح تقديرات عدد الأشخاص المشردين داخلياً في حدود الـ 150,000 شخص وأكثر من 3.000 آخرين يقال أنهم تحت الاحتجاز الحكومي في شمال البلاد.
* وقف إطلاق النار الحالي
يشير تبنّي الحكومة لاتفاق وقف إطلاق النار في فبراير 2010 إلى أن سياسة الأرض المحروقة التي كانت تطبقها صنعاء في المرحلة السادسة من الحرب لم تكن ناجحة. ومن جانبهم، سعى الحوثيون إلى تجنب حرب على جبهتين تشمل المملكة العربية السعودية، التي بدأ جيشها يواجههم بصورة مباشرة قبل الهدنة. وليس من الواضح ما إذا كانت القوات البرية قد انخرطت في هذه المواجهات أم لا، لكن قد تم تأكيد قيام الضربات الجوية السعودية ضد الأهداف الحوثية. وقد أتى اتفاق وقف إطلاق النار أيضاً في الوقت الذي كانت فيه التهديدات التي شكلها تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» وتلك التي أتت من الانفصاليين الجنوبيين آخذة في التصاعد، بحيث فاقت قدرات قوات الأمن الحكومية.
لقد كانت هناك [عدة] بنود ضمن الشروط إلى تم ذكرها لوقف إطلاق النار، مثل إزالة حواجز الطرق والألغام الأرضية، وإنهاء التحصينات للمناطق الحوثية، وإعادة الأسلحة والبضائع المدنية السعودية التي تم الاستيلاء عليها، وإطلاق سراح المعتقلين العسكريين والمدنيين السعوديين واليمنيين، وإنهاء الأعمال العدائية في الأراضي السعودية. ومع ذلك، يصعب قياس هذه الشروط بموضوعية بل وربما سيثبت أن من الصعب تنفيذها، في ضوء وجهات نظر [سكان] شمال البلاد حول المنطقة. ومن المرجح أيضاً أن تؤدي المعايير الثقافية -وخاصة العرف القائم منذ فترة طويلة والمتمثل بامتلاك الذكور للأسلحة- إلى استباق أية محاولة لنزع السلاح. وبالمثل، فإن الحاجة الثقافية لكلا الطرفين بأن يُنظر إليهما كمتكافئين في المفاوضات، تميل إلى التناقض مع المفاهيم الحديثة لسيادة الدولة. ونتيجة لذلك، من المرجح أن ينهار اتفاق وقف إطلاق النار مثل حالات أخرى قبله: ويمكن للمرء أن يجد بالفعل دلائل على أن المرحلة السابعة من الصراع آخذة في الاقتراب بصورة أكثر.
* القدرات الحكومية والحوثية
لدى جيش اليمن أعداد كبيرة من الأسلحة الثقيلة، لكنه يعتمد على الخدمة العسكرية الإلزامية والتجهيزات غير المنظمة. ورغم ادعاءات الحكومة بأنها قامت بهجمات قصف دقيقة ضد أهداف حوثية، إلا أن القوات الجوية السعودية والأمريكية هي التي قامت في الواقع بتنفيذ تلك الغارات. وبالإضافة إلى ذلك، تم استخدام بعض التجهيزات، التي قدمتها الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، ضد الحوثيين. وقد وفرت صور تلك المعدات الأمريكية -التي تم الاستيلاء عليها أو تدميرها- تعزيزاً دعائياً للحوثيين.
ومن جانبهم يحارب الحوثيون كخلايا مرتكزة على أساس القرابة العائلية، وعلاقات الشبكة الاجتماعية المرتبطة بالثقة، والقتال على أراضيهم، غير أن تنظيمهم فضفاض مما يضمن عدم إمكانية القضاء على قيادتهم بسهولة، عن طريق الهجمات الحكومية.
كما أن الحوثيين مسلحون جيداً وبصورة متزايدة. وهناك لقطات فيديو مفتوحة المصدر لمقاتلين متمردين يبدو أنها تُظهر قاذفات قنابل جديدة تدفعها الصواريخ، بما في ذلك رؤوس حربية متقدمة لصواريخ "آر. پي. جي. 29". وقد تمكنوا أيضاً من الاستيلاء على أسلحة حكومية في كل مرحلة من مراحل الحرب، بما في ذلك أسلحة وفرتها أوروبا أو الولايات المتحدة حسب المعايير المستعملة في حلف شمال الأطلسي. وقد تم أسر بعض الحوثيين الذين كشفوا عن معدات سعودية للرؤية الليلية وأجهزة تعيين المدى عن طريق أشعة الليزر، على الرغم من عدم وجود إشارة بأنهم حصلوا على كميات كبيرة من مثل هذه "الأجهزة والمواد العسكرية" أو قاموا بتشغيل هذه المعدات بكفاءة.
* تمييز التمرد
سيكون من الخطأ تسمية التمرد بأنه حركة شيعية لمجرد كون الحوثيين زيديين. وعلى الرغم من أن أبناء الطائفة الزيدية يجلُّون الرموز الدينية الشيعية إلا أن عقيدتهم السياسية مختلفة بصورة مميزة عن الشيعة الإثنى عشرية؛ فعلى سبيل المثال، تبنت الأخيرة ولاية الفقيه بينما تخلى الحوثيون عن المطالبة بإمامة سياسية.
إن الجوانب القبلية للتمرد [هي الأخرى] معقدة أيضاً. فعلى الرغم من أن القتال ليس قبلياً محضاً في طبيعته إلا أن الروابط القبلية أصبحت الآن وسيلة للتعبئة، مما يخلق صراعاً مستداماً بذاته ومرتكزاً على الثأر القبلي. وتحديداً، إن قيام الحكومة باستقطاب القوات القبلية المحلية المجندة لخوض الحرب هي خطوة تخاطر بتفاقم الموقف.
وعلاوة على ذلك، وبعد تدقيق أقرب، لا يبدو حقاً أن الثورة مشابهة لتمرد الذي تعرّفه المبادئ [السياسية] الأمريكية بأنه حركة منظمة متمسكة باغتصاب السلطة من الحكومة القائمة. ولا يوجد شيء يدل على أن هذه هي غاية الحوثيين في الوقت الحالي، فالصراع هو على محيط السلطة بين الدولة وأقلية مهمشة معتادة على الحكم الذاتي.
وفيما يخص مزاعم الخصوم عن قيام مساعدات إيرانية سرية إلى الحوثيين، لا توجد أدلة دامغة عن وجود مثل هذه الروابط. فلا يظهر المتمردون اليمنيون أية أنواع من القدرات المستخدمة من قبل وكلاء إيران مثل «حزب الله» و«حماس» وميليشيات عراقية معينة (على سبيل المثال، صواريخ 107 و122 ملم؛ وقنابل متطورة مزروعة على جانب الطريق). إن الحوثيين ليسوا بحاجة إلى السعي للحصول على أسلحة خفيفة من إيران، لأن مثل هذه الأسلحة متوفرة بسهولة في اليمن.
وتجدر الإشارة [هنا] أيضاً بأنه على الرغم من قيام الحوثيين بتعزيز شعار غير ودي تماماً "الموت لأمريكا وإسرائيل، واللعنة على اليهود، والنصر للإسلام" إلا أنهم لم يشنوا ولو عملاً عدائياً واحداً ضد الولايات المتحدة أو الأصول الأمريكية في المنطقة. وفي الواقع، يشارك الحوثيون نفس العداء الذي تكنه الولايات المتحدة تجاه الإسلام السني السلفي الراديكالي الذي ساعد على تحريض ظهورهم كحركة تمرد في المقام الأول.
* وماذا بعد؟
يجذب مستوى الصراع في الوقت الحالي، اهتمام وموارد اليمن بدلاً من التركيز على المشاكل المُلحة الكثيرة التي تعاني منها تلك البلاد. وكلما يتم جرّ دول إقليمية إلى القتال، قد يصبح حل المشكلة أكثر صعوبة.
من المرجح أن يستمر القتال حتى تقوم الحكومة اليمنية بالاستثمار في إعادة الإعمار وإضفاء الشرعية على المنتمين للحوثيين كممثلين سياسيين في عملية المصالحة. وسوف تستمر التوترات أيضاً ما لم تقم صنعاء بإضفاء الشرعية على نقاط مثل الزيدية والهوية القبلية الشمالية كأجزاء متممة ومميزة من الهوية اليمنية. وتعتبر حرب الدعايات التي تشوه صورة كل طرف، وكذلك الوجود المستمر للقوات العسكرية من كلا الطرفين في المناطق المتنازع عليها بمثابة عقبة في طريق السلام. وربما يكون الوجود الدولي ضرورياً لمراقبة وقف إطلاق النار، وفرض شروط عادلة، وتسهيل محادثات الوساطة، والمساعدة على تمويل إعادة الإعمار.
وبما أن الصراع مع الحوثيين قد أصبح غير مُحتمل بشكل متزايد، يبدو أنه يدفع صنعاء باتجاه التسوية مع المقاتلين المحليين من العرب السنة. ومن غير المرجح أن تكون اليمن شريكاً كاملاً في النضال الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التطرف المسلح، إلى أن تستطيع حل التمرد، وإنهاء الاستنزاف المتواصل للموارد النادرة.
تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»
كريستوفر بوسيك
ناقش د. بوسيك، زميل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنشطة تنظيم «القاعدة» والذين يدورون في فلكه في اليمن.
وفيما يلي ملخص المقرِّر لملاحظاته..
رغم أن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» ليس هو المشكلة الأكبر -ولا حتى أكبر تحد أمني- التي تواجه الحكومة اليمنية، إلا أن الولايات المتحدة وجزءاً كبيراً من المجتمع الدولي ما يزالون يعطونها الأولوية في اهتماماتهم على قضايا أخرى. وترتبط عملية مكافحة إرهاب ناجحة بصورة مباشرة مع استقرار الدولة. وإذا أصبحت اليمن دولة فاشلة خلال العقود القليلة القادمة، ستتقوض أهداف مكافحة الإرهاب الأمريكية بشكل حاسم. ويتمثل التحدي للسياسة الأمريكية في إيجاد طريقة لتعزيز النضال ضد تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» بدون مفاقمة جوانب أخرى من أزمات اليمن الأمنية والاقتصادية والسياسية المتداخلة.
"نقاط القوة لدى تنظيم «القاعدة» ونقاط الضعف لدى اليمن":
لتنظيم «القاعدة» تاريخ طويل من العنف والإرهاب في اليمن، بما في ذلك [القيام بهجمات] ضد المصالح الأمريكية. ففي التسعينات من القرن الماضي، ارتكب مقاتلون إسلاميون متشددون عمليات خطف وتفجيرات في جميع أنحاء البلاد. وفي الأعوام 2000 و 2002، هاجمت خلايا تنظيم «القاعدة» المدمرة الأمريكية "كول" في عدن وناقلة النفط الفرنسية "ليمبورغ" على التوالي. كما أدت عملية هروب من السجن عام 2003 إلى تحرير خمسة عشر عضواً من أعضاء تنظيم «القاعدة»، كان يشتبه بأن أحد عشر منهم ضالعين في تفجير المدمرة "كول". وقد هرب ثلاث وعشرون آخرون من أعضاء «التنظيم» من سجن في صنعاء عام 2006، مما أشار إلى عودة تنظيم «القاعدة» في اليمن إلى الظهور من جديد. ومنذ ذلك الحين، قامت المجوعة بسلسلة من الهجمات ضد أهداف غربية وحكومية يمنية.
إلا أن طاقة نمو تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» في اليمن هائلة، حيث تتفاخر المنطقة الجنوبية من البلاد بمخزون ضخم من الشباب الذين لديهم مظالم، ويرغبون في القتال، ويؤمنون بأن من المباح لهم شن الجهاد المسلح داخل اليمن.
ومع ذلك، فإن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» هو أكثر من مجرد منظمة تدور في فلك تنظيم «القاعدة»، وقد أظهر طموحات أكبر من مجرد القيام بأعمال عسكرية متشددة داخل اليمن. وفي كانون الثاني/يناير 2009، نشر المقاتلون اليمنيون المتشددون [مقطع] فيديو يظهر اندماج تنظيم «القاعدة» في السعودية وتنظيم «القاعدة» في اليمن. وتهدد الجماعة الجديدة وهي تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» بجلب العنف المتجدد للجار الشمالي لليمن. وفي أبريل 2009، كشفت السعودية شبكات من المتسللين على الحدود اليمنية وبحوزتها مواد [متفجرة] أساسية تكفي لما يقرب من ثلاثين سترة ناسفة. وفي آب/أغسطس 2009، فجر انتحاري يمني نفسه "على مرمى حجر" من رئيس مكافحة الإرهاب الأمير السعودي محمد بن نايف. وقد أعلن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» مسؤوليته عن الهجوم الفاشل وهدد باستهداف الطائرات في المرحلة القادمة.
وخارج المنطقة، قام الإرهابي النيجيري عمر فاروق عبد المطلب الذي دربه تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، بمحاولة ضرب الولايات المتحدة مباشرة في ديسمبر 2009، وكاد يشعل متفجرات على طائرة ركاب [قبل هبوطها] في مدينة ديترويت. ومنذ ذلك الهجوم، أصدر تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» صحيفة جديدة باللغة الإنجليزية اسمها "إنسپاير" (إلهام)، بهدف تجنيد متطوعين ناطقين بالإنجليزية. ومؤخراً في أبريل 2010، هاجمت الجماعة سيارة السفير البريطاني ومكتب الأمن اليمني في عدن. وفي ضوء هذه الأنشطة، يشكل تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» تهديداً ليس في اليمن ودول المنطقة فحسب، بل أيضاً للمصالح الغربية والأمن القومي الأمريكي.
* "دعم مكافحة الإرهاب الأمريكية":
ليس من السهل تحديد حلول لمشكلة تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية». فاليمن لا تستطيع أن تكرر الاستراتيجية السعودية الناجحة بشكل كامل لأنها تفتقد حكومة مركزية قوية، وسيطرة على المؤسسة الدينية، بالإضافة إلى موارد عسكرية ومالية كبيرة. وعلاوة على ذلك، إن جهود مكافحة الإرهاب اليمنية مهددة بخطر تحول [البلاد] إلى دولة فاشلة. وسيوفر مثل هذا الانهيار ملاذاً آمناً جديداً لإرهابيين في موقع خطير على وجه الخصوص، وهي الطرق الواسعة الرئيسية للملاحة البحرية الدولية المتاخمة لـ "شبه الجزيرة العربية" وقرب دول جنوب الصحراء الكبرى. ولا توجد حلول لهذه المشكلة على المدى القصير؛ إن قيام استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق استقرار الدولة هي فقط ستمنع تنظيم «القاعدة» والحركات التي تسير في فلكه من السعي إلى جعلها ملاذاً آمنا لهم.
* كيف يمكن للولايات المتحدة دعم أعمال مكافحة الإرهاب اليمنية دون تشجيع صنعاء على اللجوء إلى القمع كوسيلة لحل أزماتها الأمنية الأخرى؟
هناك العديد من الإجراءات "الأمنية الناعمة" التي يمكن أن تفيد. إن إحدى الخطوات الأساسية لذلك هو استمرار دعم تطوير قوات حرس الحدود والسواحل. كما إن برامج تدريب أجهزة الشرطة والاستخبارات على المدى البعيد هي إجراء آخر ربما يزيد من الكفاءة والمساءلة في نظام الأمن اليمني. بإمكان واشنطن أيضاً مساعدة صنعاء على تطوير تشريعات أكثر فعالية وشفافية لمكافحة الإرهاب من أجل تحسين فرص الإدانات الأمنية. بالإضافة إلى ذلك، من شأن عمل إصلاحات لأنظمة السجون والقضاء والأوساط القانونية والقيام بأعمال تدريب مع هذه الأنظمة والأوساط، أن تعزز فعالية نظام العدالة الجنائية العام، مما يمكِّن صنعاء من التعاطي الأفضل مع المعتقلين الذين قُبض عليهم في اليمن أو في الخارج (بمن فيهم تسعون آخرون من المعتقلين اليمنيين في سجن غوانتانامو ربما تتم إعادتهم إلى وطنهم في المستقبل القريب).
اختتام أعمال المنتدى السياسي: تقوية الدعم الدولي لليمن
ألقى المتحدثون الثلاثة جميعاً الضوء على الحاجة الملحة لبناء الثقة المرتكزة على التسوية والمعاملة بالمثل بين الحكومة اليمنية ومختلف حركات المعارضة في الشمال والجنوب. ونظراً لمستويات العنف العالية التي تستخدمها الحكومة وقوى المعارضة على حد سواء، قد تكون هناك حاجة إلى وساطة دولية، أولاً لخلق مساحة سياسية، وبعد ذلك لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار والاتفاقيات السياسية. وقد يساعد أيضاً قيام المجتمع الدولي بدعم رفيع المستوى لعملية الحوار اليمني الوطني المتصوَّر الكبير الأهمية.
وقد أكد السيد بوسيك بأنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يتحدث بصوت واحد عن اليمن، وأن يجري نقاشاً طويلاً ومؤلماً مع صنعاء فيما يتعلق بالإصلاح. وينبغي أن يقترن هذا النقاش بقيام ضمانات بأن تتلقى اليمن مساعدات اقتصادية كبيرة لو أنها تعاونت في هذا الموضوع. غير أن الآراء قد اختلفت حول مستوى التأثير الذي يمكن للولايات المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة أن تمارسه في اليمن.
كما نوقشت العديد من المقترحات أثناء فترة الأسئلة والأجوبة. فعلى سبيل المثال، كان هناك اقتراح حول محدودية النفوذ الغربي مع صنعاء نظراً لندرة المعونات المالية الغربية [المقدمة] للبلاد. وقال آخرون بأن الولايات المتحدة تحتفظ بنفوذ على اليمن أكبر مما هو متصور، والسبب في ذلك على الأغلب هو أن حكومة علي عبد الله صالح تُقدِّر نوع الشرعية الدولية التي تمنحها إياها العلاقات الوثيقة مع واشنطن.
وعلى نحو بديل، فقد اقتُرح بأن يقوم «مجلس التعاون الخليجي» وبالتحديد المملكة العربية السعودية بدور حواري أفضل، نظراً لتبرعاته المالية الكبيرة نسبياً إلى اليمن (وقدَّر بوسيك بأن المعونة السعودية وحدها قد بلغت أكثر من ملياري دولار أمريكي في العام). وعلاوة على ذلك، ستعاني دول «مجلس التعاون الخليجي» على الأرجح من تأثير مباشر من فشل الدولة اليمنية، بصورة أكثر من غيرها (على سبيل المثال: الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والأمراض، والتهريب) وسيكون لديها دافع قوي للعب دور رائد في جهود تحقيق الاستقرار.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه المنافع، قد لا تكون الرياض المحاور المثالي نظراً لتاريخها الذي يسجل تدخلاً متكرراً في الشؤون اليمنية، لخدمة مصالحها الإقليمية في المقام الأول. وفي الواقع، رأى بعض المشاركين أن صنعاء ربما تكون عرضة للضغوط الأمريكية بشأن الإصلاح، وعلى وجه التحديد لأنها تريد دعماً أمريكياً لمواجهة ما تراه نفوذاً سعودياً مفرطاً.