بقلم : صالح اْحمد البابكري*
اْن المشهد الماثل اْمامنا في هذه اللحظة من تاريخ اْمتنا المعاصر يجداْن صنعاء تواجه اْستحقاقات واجبة الدفع كنتاج لتراكمات مضى على بقائها حيزا غير قليل من الزمن ...كانت صنعاء منذ عشرينات القرن الماضي تحاول جاهدة وبكل ما اْوتيت من قوة وحيلة تصديرها الى دول الجوار وبالذات الى الجنوب العربي الذي تحمل الكثير مما صدرته صنعاء من بضاعتها الماْزومة حتى اْنه اْصبح اليوم -اْي الجنوب العربي - غير قادر على تحمل مزيدا من هذه البضاعة الكاسدة والغير قابلة للتسويق ...كما اْن الجيران اْيضا قد اْتخمت اْسواقهم ببضائع صنعاء وليس هناك من مشتري لها ..وفي مثل هذه الحالة وهذه الاْوضاع الاْستثنائية اْمسى كل مسئولا عن بضاعته واْيجاد اْسواق لها في البعد الجغرافي والاْقليمي .... لهذا صنعاء في هذه اللحظة المفصلية تواجه وبمفردها دفع فاتورة الاْستحقاقات المترتبة عليها ولامناص من ذلك مهما حاولت اللعب والمراوغة واطالة الوقت بحركاتها البهلوانية ... وعلى اْن تشمر عن ساعديها وتقوم بدفع تلك الاْستحقاقات لوحدها وبدون تل اْبيب وبدون واشنطن اْو غيرهم من عواصم القوى الاْخرى ... فهل تدرك صنعاء اْن لعبة اْطالة الوقت وتاْخير دفع تلك الاْستحقاقات باْقل تكلفة اْم لازال هناك بقية في الوقت لها لجني بعض المكاسب والمغانم التي كانت تدخل فيها في ما مضى بشروط ,, داخل في المكسب ووخارج من الخسارة هذا ما ستكشفه الاْيام القادمات’’ ...
اْن موضوعنا هذا والذي سنستقرىء من خلاله المشهد الماثل اْمامنا من الصراع الدائر في صنعاء بين مراكز قواها من الدويلات المشيخية القبلية والسلطة المركزية بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح والذين هم جميعا يمارسون دور الخاطف للرهينة على القضية الجنوبية قضية شعب الجنوب العربي .. والرهينة بكل تاْكيد هي الجنوب العربي والتي جعلت القوى الدولية النافذة من صنعاء اْمينة عليها الى حين بموجب ما اْنتجته اْسترتيجية شرق السويس بين الغرب والشرق بعيد الحرب العالمية الثانية ... وحتى تكون صنعاء اْكثر حرصا على الاْمانة التي اْعطيت بعهدتها طلبت قواها اْن ذلك يتطلب طرد الاْمام من صنعاء الذي اْصبح وجوده يشكل عائقا اْمام اْستلام تلك الاْمانة سيما واْنه موقع اْتفاقيات دولية ملزمة مع الجنوب العربي عبر ممثله والوصي عليه غير الاْمين بريطانيا العظمى ...وهكذا قامت القوى النافذة بما فيها دولة اْسرائيل بمساعدة صنعاء في الحركة الاْنقلابية سبتمبر 1962م واْتوا بحراسة لهذه العملية الاءنقلابية من نهر النيل عجلا سمينا شطاحا نطاحا بريئا والغرض من هذا اْن يحرس و يدرس في صنعاء المكر والخداع وفنون حبك القصص الهلامية وكيف ينكث بالعهود وكيف يتعلم الغزل السياسي الذي اْوجد له سبتاي المخلص في القرن السابع عشر الميلادي اْهم اكاديمية سياسية في بلاد العرب بناها في صنعاء ((مصنعة سام بن نوح)) اْتى العجل المسكين والمفتون بشبانه الى صنعاء وعوضا على اْن يقوم بالمهام المناطة اليه والمذكورة اْنفا وهي الحراسة والدراسة عكس الموضوع ولم يتعلم منه اْلا الغزل الشهواني وقام بتحرش ببقرة صنعاء كل ما اْطلت من شرفة منزلها صباح مساء ...وجزاءا له وردعا لاْمثاله قامت قبائل صنعاء بالاْمساك به ,,وخصيه’’ حتى يكون عبرة لمن اْعتبر ... وذبل ذلك العجل السمين والمفتون بقوة شبابه واْتت اْسرائيل على مابقي من قوته وجعلته حطاما في 5يونيو حزيران 1967م ... ونجح الاْنقلاب وفشل الحارس وتوالت نجاحات صنعاء بعد والتي حققت منها مكاسب كبيرة اْلا اْن صنعاء وقعت في حب اْبن الجيران وهو فتى خجول ومؤدب وله سلوكيات رفيعة ..وبرغم ذلك غنج صنعاء وجمالها اْغواه وهام في دهاليزها ردحا من الزمن استفاق منه بعد اْن قضى وطره اْن هذا الحب ليس اْلا نزوة وطيش شباب .. ونهض من فوره اْين اْنا؟ ومن اْنا؟ ومن اْين اْتيت ؟ وماذا فعلت؟...وهرول متجها جنوبا من اْحد اْبواب صنعاء السبعة وتحت الشمعدان السباعي الذي اضاء له الخروج من صنعاء تحت جنح الظلام في كبد الليل ...ليل صنعاء الحالك الظلمة والمظالم .....
5يناير 2012م
* كاتب سياسي وباحث في قضايا التاريخ