الأسئلة العشرة.. إلى فلاسفتنا ومثقفينا
بقلم/الحبيب علي زين العابدين الجفري:
06 - مايو - 2013 , الإثنين 03:23 مسائا (GMT)
14 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الحمد لله..
أغرق المجتمع الإنسانى فى الاستسلام لوهم الثنائيات التى تقود معترك الثقافات وتشغل عقول المثقفين، وتحولت إلى واقع من الصراع المرير شملت أضراره الإنسان ومحيطه.
وأصبح التفكير حبيساً لفرضية حتمية هذه الثنائيات، وضاقت مساحات الحلول أمام اقتناع كل مدرسة بصوابية مسلكها، واتساع أفق مداركها، وحلّ التمكن من فرض الواقع محل الصواب.
ومن تجليات استسلامنا لحالة التخلف عن الإسهام فى صياغة الفكر الإنسانى المعاصر أن تجاوز توقُّف الإنتاج وتغوُّل الاستهلاك عالم المواد لتمتد ظلاله فتشمل عوالم الأفكار.
والأمة التى لا تسهم فى إنتاج الفكر لا يمكن أن ترسخ أقدامها فى إنتاج المواد، وفى هذه الحالة يصبح الحديث عن استقلال القرار فُكاهة يُشبه ضحكها البكاء.
لهذا أطرح على أساتذتنا من الفلاسفة والمثقفين هذه الأسئلة التى نتج كل واحد منها عن مقدمتين فرضيتين قد لا يوافق على بعضها كثير منهم، لكن كثيراً من الأفكار الكبيرة التى أحدثت تغييراً فى الواقع كانت ثمرة لأسئلة بدت غير ذات جدوى عند غالبية الناس، وربما لا يرى القارئ المثقف فى هذه الأسئلة ما يستحق الاهتمام، وله أقدم اعتذارى عن إضاعة وقته فى قراءتها.
الأسئلة العشرة:
١- الاشتراكية الشيوعية تضاد الفطرة، والرأسمالية الإمبريالية تُفسدها.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم جديد للعدالة الاجتماعية؟
٢- الديكتاتورية ظُلم مُعلَن، والديمقراطية تُعطيه غطاء المشروعية.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم جديد لإدارة الحُكم؟
٣- التسلّط الدينى يجعل الإنسان عبداً لإنسان آخر، والليبرالية المُطلقة تجعله عبداً لرغباته.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم أعمق للحرية؟
٤- الإباحية الجنسية تُطلق العِنان لحيوانية الإنسان، والكبت الجنسى يعمّقها فى داخله.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم أوفق للرغبة والعفّة؟
٥- التركيز على واجبات الإنسان يغتال فيه قابلية العطاء، والتركيز على حقوق الإنسان يُنمّى لديه أنانية الأخذ.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم أدقّ لاحتياجات النفس ومتطلباتها؟
٦- الإغراق فى جعل الأهداف سرّية يقضى على المبادئ فى أعماقنا، والغلو فى حق الإعلان عنها يخنق القيم فى مجتمعاتنا.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم متوازن بين حق الخصوصية الفردية والحق المجتمعى؟
٧- الانتصار للمعانى المجردة سموّ موهوم، ودفن المعانى فى مقبرة الماديّات انحطاط حقيقى.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم يجعل من السمو حقيقة نعيشها ومن الانحطاط واقعا قابلا للمعالجة؟
٨- الإفراط فى إطلاق الحقائق يحول الحياة إلى سجن من الأوهام، والتفريط فيها لصالح النسبية المطلقة يحول الحياة إلى سجن من المتاهات.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم يؤسس للاعتراف بالمطلق والنسبى معا؟
٩- بناء الحلول على حتمية العنف يجعل الحياة جحيماً، وبناء الحلول على وهم القضاء عليه يجعل الجحيم حياة.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم بديل قادر على الجمع بين زجر النفس عن استسلامها لدواعى العدوان وحثّها على امتلاك قوة العفو؟
١٠- التركيز على مشروعية الغايات على حساب استقامة الوسائل أسّس لفلسفة تقنين الإجرام، والتدقيق على استقامة الوسائل مع تغييب مشروعية الغايات حوّل بعض الجرائم إلى غايات نبيلة.
أما آن الأوان لصياغة مفهوم جديد لانسجام الغايات مع الوسائل؟
وأخيراً..
استوقفتنى آية كريمة فتحت بابا لاحتمال امتداد التحرر من مفهوم حتمية الثنائيات إلى بعض مواقف الدار الآخرة التى يعتبرها كثير من المؤمنين عالما يقوم على ثنائية مطلقة: السعادة والشقاء، الجنة والنار، الرضا والسخط، هذه الآية هى قوله تعالى:
{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
اللهم وسّع مشاهدنا وصفِّ مواردنا.. وألهمنا رشدنا يا كريم.