حوار - علي سالم البيض: سنواصل نضالنا السلمي لفكّ ارتباط الجنوب عن اليمن
متظاهرون يحملون صورة الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض في عدن في الـ 21 من مايو الحالي - صورة بحاجة الى مصدر
علي سالم البيض في سطور
ولد عام 1939 في قرية معبر مديرية الريدة وقصيعر بمحافظة حضرموت، حيث تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط فيها.
انتمى مبكراً إلى حركة القوميين العرب وكان من الشخصيات الأساسية في تنظيم الجبهة القومية، فتولى قيادة العمل العسكري في المنطقة الشرقية، \"حضرموت – المهرة\" ضد الاحتلال البريطاني.
تلقى عدداً من الدورات العسكرية في القاهرة في الستينيات. كما كان له موقف معارض بشدة ضد الدمج بين القومية وجبهة التحرير (واجهتا المستعمر معاً وفق وجهة نظر مختلفة في فلسفة الثورة والكفاح المسلح لتتقاتلا في فترة لاحقة)، وأعلن انسحابه من تنظيم الجبهة القومية وتشكيل تنظيم بديل اسمه (الجبهة الشعبية لتحرير حضرموت). وبفشل الدمج عاد إلى تنظيمه الأم مع مجموعته التي انتزعها، وشغل موقع نائب عن شؤون الجيش والأمن في ما كان يسمى بالحكومة المؤقتة قبل يوم الاستقلال .
كما تولى منصب وزير الدفاع في أول حكومة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بعد الاستقلال وذلك حتى عام 1969. وتقلد أكثر من منصب حكومي في مرحلة ما بعد حركة 22 يونيو 1969.
ظل عضواً للمكتب السياسي للجبهة القومية ثم الحزب الإشتراكي. وقد تم تجريده من مناصبه الحزبية والحكومية في عهد عبد الفتاح إسماعيل لعدة مخالفات وتجاوزات قام بها لكنه سرعان ما عاد إلى الواجهة عندما تمكن علي ناصر محمد من إقصاء عبد الفتاح إسماعيل ونفيه إلى موسكو، وهو الحدث الذي ظل يشتعل تحت الرماد حتى انفجر بشكل دامي يوم 13 يناير عام 1986 في مقر اللجنة المركزية بعدن، ولكن البيض هذه المرة تحالف مع عبد الفتاح إسماعيل ضد علي ناصر محمد، وتمكن من النجاة من الموت بأعجوبة من مذبحة اجتماع المكتب السياسي، والتي طالت القيادة السياسية بشكل أساسي وطالت الكثير من المواطنين الأبرياء، لينفرد تقريبا بالسلطة بعد مقتل عبد الفتاح إسماعيل، وعلي عنتر، وهروب علي ناصر محمد .
في العام 1990 وقع علي سالم البيض اتفاقية الوحدة مع الرئيس علي عبد الله صالح ليقتسما السلطة حتى يوم 5 آيار مايو عام 1994، اليوم الذي اندلعت حرب اليمن الأهلية 1994 والتي استمرت حتى يوم 7 تموز يوليو من نفس العام بمساندة ودعم من بعض دول الخليج العربي، ليلجأ بعد خسارته في الحرب إلى سلطنة عمان المجاورة وتمنحه اللجوء السياسي ثم الجنسية بشروط تتضمن عدم قيامه بأي نشاط سياسي .
في 21 مايو 2009 وفي ذكرى الوحدة بين شطري اليمن، وفي إستجابة منه لدعوات الحراك السلمي الجنوبي في اليمن الجنوبي أنتقل على سالم البيض إلى أوربا وأعلن نيته السعي لفك الإرتباط بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية -التي يمثلها باعتباره رئيسها عند توقيع الوحدة- والجمهورية العربية اليمنية مطالبا الدول العربية والعالم بتأييد مطالبه لإعادة الدولة الجنوبية باعتبار أن الوحدة السلمية انتهت بعد حرب 1994 وما نتج عنها من احتلال للجنوب من الشمال حسب تعبيره، مدعوماً أيضاً من قبل عناصر من الحزب الأشتراكي اليمني ومشايخ جنوبيين ومستقلين وقادة إسلاميين جميعهم منضويين تحت رايه الحراك السلمي الجنوبي الذي يسعى لفك الإرتباط أيضاً وعودة دولة اليمن الجنوبي مستقله كما كانت فبل توقع الوحدة في 1990م .
ويكيبدياء
المزيد
الاثنين 27 مايو 2013 11:33 مساءً
مجلة المونيتور
علي سالم البيض (1939)، هو رئيس جمهوريّة اليمن الديموقراطيّة الشعبيّة (الجنوبيّة) والأمين العام للحزب الإشتراكي الحاكم بين عامي 1986 و 1990، وهو الذي وقّع على اتفاقيّة الوحدة مع رئيس الجمهوريّة العربيّة اليمنيّة (الشماليّة) علي عبد الله صالح بهدف تأسيس الجمهوريّة اليمنيّة في 22 أيار/مايو من العام 1990. لكن في 21 أيار/مايو من العام 1994، اندلعت الحرب بين الطرفَين وانتهت في 7 تموز/يوليو من العام نفسه بهزيمة الجنوب وسيطرة قوّات الشمال. وفي 21 أيار/مايو من العام 2009، واستجابة منه لدعوات "الحراك الجنوبي"، أعلن البيض عن سعيه لفكّ الارتباط بين جمهوريّة اليمن الديموقراطيّة الشعبيّة التي يمثلها باعتباره رئيسها عند توقيع الوحدة والجمهوريّة العربيّة اليمنيّة. في مكتبه في بيروت، التقى مراسل "المونيتور" البيض وسأله عن مطالبته بفكّ الارتباط وموقفه من الفيدراليّة والحوار الوطني، بالإضافة إلى العلاقة مع الحوثيّين وإيران والسعوديّة والولايات المتحدة وروسيا.
المونيتور: سيادة الرئيس، ما هي أسباب دعوتكم اليوم لانفصال جنوب اليمن عن الشمال بعدما قمتم بالوحدة وفق اختياركم في العام 1990؟
البيض: كنا دعونا إلى ذلك في 21 أيار/مايو 1994، بعدما شنّوا علينا الحرب ودخلوا الجنوب بقواتهم وميليشياتهم في الخامس من أيار/مايو من ذلك العام. فبعد حوالى أسبوعين، اضطررنا لإعلان فكّ الارتباط عن الجمهوريّة العربيّة اليمنيّة في الشمال. فنحن دولة وقد دخلنا في اتفاقيّة مع دولة أخرى عن وعي وعلى أسس مدروسة وبناءً على حوار دام 18 عاماً. نحن كنا دولتَين مستقلّتَين وكانت اليمن الديموقراطيّة عضواً في مجلس الأمن الدولي، ثم أصبحت اليمن الموحّدة عضواً في مجلس الأمن نتيجة عضويّتنا نحن. في الحقيقة، ذهبنا إلى الوحدة بطموح كبير. لكننا وجدنا أن إخواننا في صنعاء ليس لديهم الوعاء الذي يستوعب هذه الوحدة. حاولنا بكلّ الوسائل أن نقيم دولة مدنيّة ولكن الطرف الآخر في صنعاء لم يرد ذلك. لم نجد من يحمل هذا الهدف في صنعاء التي يحكمها تحالف القبائل والعسكر والإسلاميّين. كلّ هذه القوى لم تكن تريد دولة مدنيّة، ففشلنا في إقناعها بذلك. إلى ذلك، اغتالوا منّا نحو 150 قيادياً وكادراً. وبعدها شنّوا علينا الحرب. وقد دارت الحرب كلّها في الجنوب، من الخامس من أيار/مايو إلى السابع من تموز/يوليو من العام 1994. فنحن أعلنّا فكّ الإرتباط لأنهم لم يلتزموا بالإتفاقيات المكتوبة والموقّعة بيننا وبينهم. أما دستور الوحدة فقد وضع حيّز التطبيق من دون استفتاء الشعب الجنوبي عليه. لم نستفتِ شعب الجنوب على الوحدة، ولم يتركوا لنا الفرصة كاملة لإجراء الاستفتاء. وجدنا أن هناك تآمراً ونهجاً لدى صنعاء يقول بعودة الفرع إلى الأصل، باعتبارنا نحن الفرع وهم الأصل. وهذه العمليّة والذهنيّة القبليّة والسبئيّة معروفة متمثّلة بالنّهب والسلب وبأنّ الشاطر هو الذي يحكم. وفي النهاية، جيّشوا في وجهنا القبائل والقوّات المسلّحة وجماعة أسامة بن لادن (القاعدة).
المونيتور: ماذا فعلتم بعد هزيمتكم العسكريّة؟
البيض: الشعب لم يسكت على ذلك الاحتلال. وقمنا بمقاومة الاحتلال اليمني بطرق متعدّدة، عبر تقسيم العمل من خلال لجان شعبيّة، وأبرزها في السابع من تموز/يوليو من العام 2007 حيث أعلنّا الحراك السلمي في الجنوب. ومنذ ذلك التاريخ ونحن في الشارع نعتصم ونتظاهر سلمياً لاستعادة دولتنا وهويّتنا الوطنيّة.
المونيتور: ما هو سبب شنّ الحرب عليكم في العام 1994، هل بسبب إعلانكم فكّ الإرتباط؟
البيض: كلا. فكّ الإرتباط أعلنّاه بعد الحرب بأسبوعَين.
المونيتور: ما هي الخلافات الأساسيّة التي كانت بينكم؟
البيض: عدم استعدادهم لقيام دولة مدنيّة وعدم رغبتهم في تنفيذ الإتفاقيات الموقّعة بيننا، لأن الرئيس علي عبد الله صالح شكّل حينها حزب الإصلاح وهو حزب إسلامي، مع الشيخ عبد الله الأحمر، لاعتبارهم بأن أهل الجنوب هم شيوعيّون. لذا تحالفوا كلّهم للتخلّص منهم، بينما كنا قد دخلنا الوحدة وتعاطينا معهم على أننا بلد واحد وشعب واحد. لكنّهم قاموا بكلّ الأعمال التي قوّضت الوحدة واحتلوا الجنوب الذي يُعتبر منذ ذلك الوقت (7 تموز/يوليو1994) محتلاً. واليوم الشعب يعبّر عن رأيه بطريقة مدنيّة سلميّة حضاريّة لاستعادة دولته وهويته.
المونيتور: قلت سابقاً إنكم شعب واحد وبلد واحد. وقبل الوحدة كانت هناك جمهوريتان، اليمن الشماليّة واليمن الجنوبية، وكلاهما يحملان اسم اليمن. الآن تقول المحتلّ اليمني وتطالب باستعادة هويّتكم الوطنيّة. هل لديكم هويّة غير الهويّة اليمنيّة؟
البيض: نحن الآن شعبان وبلدان وهويّتان. كنا نريد أن نكون بلداً واحداً وشعباً واحداً بفعل إيماننا القومي العربي. نحن أطلقنا على جمهوريّتنا تسمية اليمن الديموقراطيّة الشعبيّة وقمنا بيمننة الجنوب الذي كان يُطلَق عليه سابقاً الجنوب العربي. هذه المناطق كلها أي محافظات اليمن الجنوبيّة والشرقيّة اليوم، كانت تسمّى محميّات وسلطنات الجنوب العربي ثم أطلِق عليها اتّحاد الجنوب العربي. ونحن عند استقلالنا عن الاستعمار البريطاني في 30 تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1967، فرضنا كـ"جبهة قوميّة" الهويّة اليمنيّة على الدولة من دون استفتاء الشعب وسمّيناها جمهوريّة اليمن الجنوبيّة الشعبيّة. لم تكن جميع القوى الجنوبيّة موافقة على تلك التسمية، ولكن "الجبهة القوميّة" التي كانت تتولى السلطة ارتأت ذلك بينما اعترض البعض عليه. اقترح قحطان الشعبي الذي صار لاحقاً رئيساً، أن نسمّيها جمهوريّة جنوب اليمن وليس اليمن الجنوبي. فاختلفنا على ذلك، وكان معنا إخوان من مواليد الشمال. وسارت الأمور باعتماد تسمية جمهوريّة اليمن الجنوبيّة الشعبيّة.
المونيتور: تحدّثت عن استعادة هويّة الجنوب. بماذا تختلف هذه الهويّة عن الهويّة اليمنيّة؟
البيض: نحن الذين فرضنا اليمننة على الجنوب نتيجة الوعي القومي العربي، ولكن شعب الجنوب يعتبر نفسه غير يمني. فالجنوب العربي موجود منذ آلاف السنين. ودليلنا على ذلك أنه بعد الوحدة تبيّن أننا شعبان وبلدان وهويّتان وطريقتان بالتفكير ولسنا شعباً واحداً.
المونيتور: قرأت أنكم في الجنوب ونتيجة خلافاتكم الدمويّة في قيادة الحزب الإشتراكي الحاكم وانهيار الإتحاد السوفياتي، كنتم مضطرّين لإقامة الوحدة مع الشمال بسبب ضعف الحكم وغياب ظهيره الدولي. هل هذا صحيح؟
البيض: أبداً! هذا غير صحيح. كان وضعنا جيّد جداً. وحتى على المستوى الاقتصادي، كان عندنا احتياط مالي من العملة الصعبة في مصرف عدن المركزي لم يكن موجوداً في صنعاء. وقد استخدموا حقّنا الاحتياطي هذا في صنعاء. وبعد الوحدة خفّضنا قيمة عملتنا (الدينار اليمني الجنوبي) بنسبة 13% كي نستحدث عملة واحدة. لكنهم لم ينّفذوا ذلك، فألغوا الدينار وأبقوا على الريال اليمني الشمالي. وبسبب عقليّة حكّام الشمال الذين لم يكونوا يرغبون في تنفيذ اتّفاقيات الوحدة، فشلت العمليّة، على الرغم من قيامنا بإصلاحات كثيرة اقتصاديّة وإداريّة قبل الوحدة. وأنا أتحمّل مسؤوليّة شخصيّة في دفع البلاد إلى الوحدة في الوقت الذي كان هناك تحفظ من قبل الآخرين عليها.
المونيتور: ألا ترون أن خيار الانفصال أو فكّ الإرتباط تواجهه صعوبات وعقبات محليّة وإقليميّة ودوليّة؟ لماذا لا تؤيّدون خيار الفيدراليّة الذي يطالب به البعض في الحراك الجنوبي ويؤيّده الحوثيّون وربما حزب المؤتمر الشعبي؟
البيض: كلا، لا نوافق على طرح الفيدرالية. فشعبنا يخرج يومياً للمطالبة باستعادة هويّته ودولته. نحن نطالب أن يُستفتى شعب الجنوب وتُطرح أمامه خيارات ثلاثة: إما الوحدة وإما الفيدراليّة وإما فكّ الإرتباط. وليتركوا الشعب يختار ويقرّر مصيره. أنت ترى كيف يخرج الناس اليوم إلى الشارع، ماذا يريد هؤلاء؟ هل يُدفع لهم مال أم لهم قضية؟ المليونيّات التي نشاهدها مؤخّراً، ماذا تُعتبَر؟ أليس هؤلاء هم أصحاب الأرض والهويّة؟ نحن معهم ولكن لا نستطيع أن نفرض عليهم شيئاً. فنحن نمشي معهم وخلفهم. نحن كلنا نريد فكّ الإرتباط وترك الأجيال القادمة تقرّر للمستقبل، إذا كانت تريد الوحدة أم لا. فالوحدة قُضي عليها في العام 1994 بشنّ الحرب على الجنوب. هم دفنوها بالمدفعيّة والدبّابات. لقد كان لدينا في جهاز الدولة في الجنوب قبل الوحدة، 600 ألف موظّف بينما كان جهاز الدولة في الشمال يضمّ 200 ألف فقط، مع احتساب فارق عدد السكان. هؤلاء الستمئة ألف، أصبحوا في الشارع وقد صُرِفوا من وظائفهم بعد الحرب وبقيوا في منازلهم من دون عمل.
المونيتور: لماذا يريد النظام اليمني الشمالي السيطرة على الجنوب رغماً عن إرادة الناس هناك؟ ما هي مطامعه وما هي الموارد الرئيسيّة في الجنوب؟
البيض: أولاً مساحة الجنوب هي 332,970 كيلومتراً مربّعاً (128,560 ميلاً مربّعاً) بينما مساحة اليمن الشمالي هي حوالى 195,000 كيلومتراً مربّعاً (75,290 ميلاً مربّعاً). أما النفط والغاز فموجودان في الجنوب وليس في الشمال، والسواحل التي يبلغ طولها ألفي كيلومتر على البحر العربي موجودة كلّها في الجنوب في حين يملك الشمال ساحلاً صغيراً على البحر الأحمر. وعلى سواحلنا، هناك ثروة سمكيّة كبيرة من أفضل الأسماك، تقوم شركات يابانيّة باستثمارها. ثرواتنا هذه كلها، في يد مجموعة من المتنفّذين من العسكر والقبائل والمتأسلمين في الشمال. هم الذين يقاومون ويرفضون التخلّي عن الجنوب وترك الشعب يقرّر مصيره. أما الشعب الشمالي فلا يأبه لذلك.
المونيتور: الرئيس الحالي منصور عبد ربه هادي هو من الجنوب، هل توجد علاقات أو اتصالات معه؟
االبيض: هو من مواليد الجنوب. والوضع الاجتماعي في صنعاء هو كالآتي: لا يستطيع أحد أن يحكم إلا إذا كانت له قاعدة من القوى المتنّفذة. فهي التي تأتي برئيس كالرئيس هادي ورئيس الوزراء محمد سالم باسندوه. والأخيران يعلمان بأنهما لا يمكنهما القيام بأي شيء. والشعب الجنوبي يعرفهما ويعرف قدراتهما. فمنصور هادي كان نائباً للرئيس لعلي عبد الله صالح من دون تعيين رسمي، لسبع سنوات وبعدها عُيّن رئيساً. هادي وباسندوه لا يستطيعان أن يحكما، وهم عملياً لا يحكمان. فحميد الأحمر لديه سلطة أكبر منهما وأيّ واحد من هؤلاء المشايخ القبليّين أو العسكر له نفوذ أكبر من باسندوه.
المونيتور: ماذا عن نفوذ الرئيس السابق علي عبد الله صالح، هل انتهى؟
البيض: كلا، لم ينته. ما زال نفوذ صالح قائماً. والوضع حالياً هو عبارة عن تقاسم النفوذ بين صالح وحزب الإصلاح.
المونيتور: ماذا عن مؤتمر الحوار الوطني؟ لماذا رفضتم المشاركة فيه؟
البيض: هذه الحوارات لا تنتج شيئاً على الرغم من كل الدعم الدولي والخليجي لها. وقد رفضنا المشاركة في مؤتمر الحوار لأنه قائم على قاعدة الوحدة بين الشمال والجنوب، ونحن نرفض ذلك. الأمر الثاني أنه لا يوجد شيء عن قضية الجنوب في "المبادرة الخليجيّة". نحن نعرف الموقف الدولي ولكننا سنأخذ حقّنا بالطرق السلميّة وسنواصل الحراك السلمي يومياً. ونحن نطالب بحوار بين الشمال والجنوب على قاعدة مواصلة الحوارات التي كانت قائمة بيننا وبينهم بعد إعلاننا فكّ الإرتباط في العام 1994، حيث كان هناك وفدان يتحاوران في جنيف، وفد من الجنوب ووفد من الشمال. وقد صدر قراران لمجلس الأمن حينها يحملان الرقمين 924 و 931، وقال المجلس في حزيران/يونيو من العام 1994 أن الوحدة لا تجوز بالقوّة. ومنذ ذلك الوقت ونحن تحت الاحتلال، وقد تعبنا من ذلك وسقط لنا شهداء وجرحى وكذلك سُجن منا الكثيرون. وحتى اليوم، ما زلنا كلّما خرجت مسيرة سلميّة تعرّضت لإطلاق نار من القوى الأمنيّة ويتمّ قمعنا بالدبّابات. وهناك صمت عالمي مطبق تجاه معاناة شعب الجنوب الذي خرج في نضاله، ولا يقدر أحد لا أنا ولا غيري على معاكسة هذه الرغبة بالاستقلال الموجودة بقوّة في الشارع.
المونيتور: ما هو حجم الخلافات والتباينات داخل الحراك الجنوبي بشأن الفيدرالية وفكّ الإرتباط والمشاركة في الحوار الوطني، وما مدى انعكاسها على الشارع الجنوبي؟
البيض: نحن تحاورنا مع إخواننا من القيادات الجنوبيّة الأخرى (الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء الجنوبي السابق أبو بكر العطاس ورئيس حزب رابطة أبناء اليمن عبدالرحمن الجفري) منذ العام 2009. لكنهم يرفضون الدعوة إلى فكّ الإرتباط ويقبلون ببقاء الوحدة ويطرحون الفيدراليّة، ويبرّرون ذلك بعدم وجود إمكانيّة لدينا لإعادة الدولة بعدما حُلّت القوّات المسلّحة. أما نحن فنبقى رافضين لبقاء الوحدة ولو ليوم واحد مع صنعاء، وذلك منذ العام 1994، لأنه إذا قبلنا فلن نستطيع الخروج بعدها. والشعب خرج بشعار "لا وحدة.. لا فيدراليّة".
المونيتور: أليس من المفروض أن تتقدّم القيادة الجماهير وتوجّهها لأنها أدرى بالواقع السياسي والتوازنات الدوليّة والإقليميّة، بدلاً من أن تسير خلف الجماهير التي تكون عادة أقلّ وعياً وأكثر حماسة؟
البيض: نحن لا نريد شيئاً من المجتمع الدولي والدول الخليجيّة. فليتركوا لنا أرضنا ولا نريد مساعدة أحد. يمكننا إعادة بناء دولتنا بثرواتنا وقدراتنا الذاتيّة.
المونيتور: بأية طريقة ستستعيدون الدولة.. بالحراك السلمي؟
البيض: طبعاً بالحراك السلمي! وإذا لم يستجيبوا لمطالبنا ويستمعوا إلينا، فقد يفرض الشعب وسائل أخرى في نضاله. هذا الحراك السلمي المتواصل في الشارع منذ العام 2007، من ينظّمه ويقوده ومن يدفع بالناس للمشاركة فيه بالملايين؟ الناس هم من يقومون بتجميع أنفسهم وتنظيم التجمّعات والمشاركة العفويّة، وبينهم قيادات وكوادر أفضل منا وأكثر نشاطاً. فنحن، القيادات في الخارج، كلّنا تجاوزنا عمر السبعين ونحن لا نريد أن نحكم بل سنترك ذلك للشباب.
االمونيتور: على الصعيد الدولي والإقليمي، من يدعم قضيّتكم أو يتفهّمها؟
البيض: هناك مصالح دوليّة ونحن نفهمها ولسنا ضدّ ضمان مصالح هذه الدول في الجنوب. ونحن نبذل جهوداً لإيصال صوتنا للدول الكبرى ونريد أن تكون لدينا علاقات مع جميع الدول المجاورة والخليجيّة وسواها.
المونيتور: ماذا عن تنظيم القاعدة، هل هو موجود في الجنوب ومن يقف وراءه؟
البيض: أرضيّة الجنوب لا تنتج هكذا أفكار. فشعب الجنوب كان خلال عهد الإستعمار البريطاني في وضع أرقى من وضعه اليوم، حيث كانت هناك مدارس ومحاكم وخدمات وحقوق مدنيّة وحقوق إنسان تُحترم. أما الحكم الحالي فهو لا يعرف إلا النّهب، بينما شعب الشمال لا ذنب له. ونحن لا نريد أن يكون بيننا وبينه عداء بل وشائج، ونريد أن تكون علاقات الجوار حسنة في المستقبل.
المونيتور: ما هي القوى التي تتحالفون معها في الداخل؟ يُقال إن لديكم تحالفاً مع الحوثيّين...
البيض: كلا. الحوثيّون موجودون في شمال الشمال ونحن في الجنوب. هم لديهم قضيّتهم ومشكلتهم مع النظام الشمالي، وطبيعتها مختلفة عن قضيّتنا. سبق وخاضوا ستّ حروب مع نظام صنعاء وهم يتوّسعون. ونحن نسعى لتعزيز العلاقات مع جميع القوى وتوسيع الاصطفاف في الجنوب على أساس التحرير والسيادة.
االمونيتور: يُقال أن إيران تدعمكم، ما هي صحّة ذلك؟
البيض: هذا كلام عارٍ عن الصحة تماماً.
المونيتور: كان لدى اليمن الجنوبي موقف مؤيّد لإيران خلال حربها مع العراق (1980 – 1988) بينما كان اليمن الشمالي يدعم نظام الرئيس العراقي صدام حسين، ألا تساعدكم إيران كردّ للجميل؟
البيض: كلا، لم يكن موقفنا مؤيّداً لإيران. ولكننا كنّا ضدّ حلّ النزاع بالقوّة. وعندما زرت بغداد قبل الوحدة، تحدّثت مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وقلت له أننا ضدّ حلّ القضايا بين الشعوب بالقوّة. أما الشمال، فقد انحاز للعراق وأرسل قوّات شاركت في القتال إلى جانبه ضدّ إيران آنذاك.
المونيتور: كيف هي العلاقة مع السعوديّة اليوم وهل تعتبرون أنها ساهمت في دعم النظام اليمني وفي فشل الوحدة، وبخاصة أن هناك كلاماً عن أنها دعمتكم في حرب 1994؟
البيض: نعم السعوديّة كانت مؤيّدة لنا في حرب 1994 وقدّمت لنا الدعم. وكانت بيننا علاقة طيّبة. أما اليوم، فلا توجد علاقات مباشرة بيننا ولكننا نسعى للتواصل واستعادة العلاقات مع الرياض.
المونيتور: لكن الشائع أن السعوديّة كانت تدعم النظام اليمني في عهد صالح واليوم في عهد هادي، وكذلك تدعم آل الأحمر وحزب الإصلاح الإسلامي ولها مصلحة في بقاء هذا النظام الذي ينفّذ مصالحها...
البيض: مصالح السعوديّة مع هذا النظام هي في كفّ شرّه. فهي تعرف هذه القوى منذ العام 1962. ومصلحة السعوديّة هي مع الجنوب وليس مع الشمال، وفي قيام دولة مدنيّة في الجنوب. وللسعوديّة خبرة طويلة مع النظام اليمني ولها أدواتها هناك وهي تستفيد من كلّ الأطراف.
المونيتور: ماذا عن الموقف الأميركي من قضيّتكم وهل لديكم اتّصالات مع واشنطن؟
البيض: نحن منذ فترة طويلة نبعث برسائل إلى مجلس الأمن والإدارة الأميركيّة والدول الكبرى ودول الخليج لتبيان قضيّتنا. لكن الموقف الدولي والخليجي يدعم تنفيذ "المبادرة الخليجيّة" التي نحن خارجها وهي تتجاهل قضيّة الجنوب.
المونيتور: واشنطن تدعم النظام اليمني ويُحكى عن قواعد أميركيّة في اليمن وعن نيّة لإنشاء قاعدة في عدن لمحاربة تنظيم القاعدة والإرهاب. ما هو موقفكم من غارات الطائرات من دون طيّار التي تُشَنّ في اليمن والتي يسقط خلالها ضحايا مدنيّون؟
البيض: بحسب معلوماتنا، فإن الأميركيّين موجودون في قاعدة العند الجويّة في الجنوب. لكننا لا نعرف حجم هذه القوّات. نحن ضدّ الغارات التي تضرب المدنيّين، لكننا نؤيّد التعاون مع أية دولة لما فيه مصلحة الجنوب، ولما فيه استقرار المنطقة ومكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي.
المونيتور: ما هو الموقف الروسي من قضيّتكم، هل ما زال داعماً للمبادرة الخليجيّة؟ وهل توجد اتصالات معهم، بخاصة أنكم كنتم على تحالف قوي مع الإتحاد السوفياتي بحكم أنكم كنتم حزباً ماركسياً؟
البيض: نحن لا نعرف موقفهم بالضبط ونحاول التواصل معهم لإقناعهم بعدالة قضيّتنا ولنسألهم مساعدتنا في استعادة دولتنا بحسب القانون الدولي.
اقرأ المزيد من عدن الغد | حوار - علي سالم البيض: سنواصل نضالنا السلمي لفكّ ارتباط الجنوب عن اليمن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]