صنعاء’التلاعب بالجميع ..اللغز الغامض
بقلم / الباحث : علي محمد السليماني
يستطيع اْن يدرك المتاْمل للمشهد السياسي اْن صنعاء ظلت طوال القرن العشرين تتلاعب بالجميع ’ وتداعب الجميع ’ وتستفيد من الجميع ’ وترمي بالخسارة على الجميع’ وطوال مائة سنة ظلت صنعاء اللغز الغامض المحير ’ الذي جمع بين رثاثة المظهر وشيطنة السياسة ’ وكانت لعبتها المفضلة دوما باْتجاه الجنوب العربي ’ القطر الذي مزقه التخلف والتشرذم ’ واْهملته كل الدول الاسلامية في مختلف عصورها ’ مكتفية بمخزونة البشري الذي تضخه الى خارج وطنه .. ولم تاْبه به الدول العربية منذ اْن بداْت مرحلة الدولة الحديثة في البلاد العربية في عصرنا الحديث بالظهور ’ .. سيما في شبه الجزيرة العربية والساحل العماني ( الخليج العربي ).. تلك المنطقة التي ظهر فيها اْهم كيانيين حديثين ومستقلين’ ولايرتبطان بالتاْريخ ’ تنافس كل منهما على من يكون كبيرا في مساحاته الجغرافية ..
بينما ظل اْقدم مكونيين سياسين و جغرافيين وتاريخين في المنطقة تحت الاستعمار البريطاني ’ وسيطرة التخلف والتجزئة فيهما ’ وهما عمان وسواحلها في الشرق’ والجنوب العربي في سواحل جنوب شبه الجزيرة العربية ’ فهذان المكونان السياسيان ’ وقد كانا في كيان واحد شاْنهما شاْن كل البلاد العربية التي وحدها الريدانيون الحميريون( المنطلقين من ميفعة حضرموت الشبوانية )و حكموها ’ ولكنها مع مرور الزمن وضعف المملكة الحميرية الكبرى ’ اْنسلخت في القرن الخامس الميلادي .. كما اْنسلخت العربية السعيدة (اليمن ) تحت حكم الاحباش ’ وتمزقت الوحدة العربية بعد زوال الحكم الملكي الحميري الريداني ’ وكما في العصر الحديث ’ كان حال صنعاء في العصور القديمة دوما اللعب بالاْخرين والكسب ’ وترك الخسارة للاْخرين .. وجاءت مملكة حميد الدين’ بدهاء ماكر’ واْستطاعت التلاعب بالبريطانيين وسلاطين واْمراء وشيوخ الجنوب العربي ’ غير انها وجدت صدا قويا وعنيفا من قبل اْولئك’ لتوافر العلم والمعرفة لديهم ’ وقربهم من العصرنة الى حد ما’ لاسيما في سلطنات القعيطي والعبدلي والفضلي ’ ناهيك بمستعمرة عدن التي تعيش في العصر الاوربي ’ من حيث العصرنة بمختلف اْنواعها ’ السياسية والثقافية ’ وكانت هذه نقطة الضعف القاتلة للجنوب العربي’ والتي تسلل منها الطامع في اْبتلاع الجنوب العربي ..
اْن وضع مقارنة بسيطة بين اْطماع ملك اليمن وبين الاْوضاع في الجنوب العربي تعطي الخيرية والاْفضلية للجنوب العربي’ وليس لليمن الذي كان يعيش واقعا مزريا حتى ثمانينات القرن الماضي’ فماكان من صنعاء غير توسيع دائرة شراكتها ’ التي دخل فيها الاْمام في وحدة مصر وسوريا عام 1958/1961م ’ وهو البعيد عنهما جغرافيا ’ ولكن عينه على الجنوب العربي ’ وليس سوريه البعيدة .. ووضعت صنعاء المزيد من المساحيق واْدوات التجميل لتخفي به وجهها الملىء بالنتوء والقروح ’ فكان اْنقلاب 26سبتمبر 1962م والتوجه نحو مصر عبد الناصر’ لتوريطها في حرب الجبال المتحركة ومستنقع اليمن الاْسن وكان لها مارإرادت من خلال حرب الملكيين والجمهورين والتي اْستمرت من ذلك التاريخ حتى 1970م وتوقفت بمجرد توقف الدعم الخارجي لطرفيها معا ’ لكن هدف الاْمام قد تحقق من خلال هزيمة عبد الناصر والمشروع العربي ’ الذي جعل شعب الجنوب يصفق له بعواطف وحماس لانظير له غير في لبنان الشقيق, وتمت الهزيمة للمشروع القومي العربي صبيحة ال5من يونيو حزيران 1967م ومن خلال البريق الثوري الذي تقمصته صنعاء والذي خلب رؤوس ثوار الجنوب العربي’ والتي اْشترطت لفتح حدودها لهم الاعتراف بمطامعها في الجنوب العربي كوريث شرعي له من بعد الائمة .. ووقع الثوار ووقع الجنوب العربي ضحايا لتلك اللعبة المحبوكة بعناية .. ومازالت صنعاء تواصل اللعب الجيد من خلال ثوراتها واْفتعال اْزماتها’ واْشعال الحروب المرتبة بعناية ’ لجر الاْخرين اليها اْو لصرف النظر عنها.. وعن ماعليها من استحقات في لعبة الاْشتباك التي ظلت دوما تضخ الاْموال الى حسابات نخبها السياسية بمختلف مشاربها ’ وترمي بالخسارة للاْخرين .. ومازال الجنوبيون يلعقون جراحاتهم وهم في الشتات بين متوسل لصنعاء بمنحه وظيفة اْو منصب اْو منزل ’ وبين ثائر مع شعبه رافض تلك الخدع والحيل ’ عاقد العزم على فك الاشتباك من اللعبة الدولية .. والخروج من وصاية صنعاء التي اْرهقت الجنوب العربي واْرهقت الشعب اليمني في اليمن نفسه .. ويبقى السؤال..ماجديد صنعاء القادم ’ بل هل اْنتهى دورها في لعبة الاشتباك ولعبة الاْمم ’ لااْجابة شافية’ فمازال لغز صنعاء محير ...
10فبراير2014م
منقول....