استقبل أبناء محافظة الضالع شهر رمضان هذا العام على غير عادتهم استقبالاً لا يليق به. كيف لا وهم يعانون الأمرين: يكابدون لقمة العيش, ويرشقون بالرصاص ليل نهار، وتمنع عنهم الاحتياجات الضرورية, يلملمون جراحهم في كل يوم, إذ ما تزال آثار القصف المدفعي الذي تعرضت له مدينة الضالع في يوليو الماضي بادية للعيان, يتقاسمون لترات الديزل المهربة بالقطارة، بعد أن تم منع هذه المادة عنهم منذ أشهر، إلا ما ندر من الصهاريج بين أسبوع وآخر، وكأن حصاراً دولياً قد تم فرضه عليهم من قبل مجلس الأمن دون سابق إنذار.
فأزمة الديزل وغلاء المعيشة وتدهور العملة المحلية أنتجت أزمات في طول البلاد وعرضها، حتى القات التي يعتاش منها الملايين من اليمنيين لاقت كساداً كبيراً في الأسواق، لاسيما في الضالع المحافظة التي لاتنتج إلا القات والقات فقط.
هناك كثير من المزارع أتلفت بل تركها أصحابها بلا ري أو زراعة، كون التكاليف التي يحتاجها محصول القات حتى ينضج تعد باهظة بالمقارنة مع السعر الذي يباع به المحصول في السوق المحلية هذه الأيام، والسبب له وجوه عدة منها: عزوف غالبية «الموالعة» عن تناول القات وادخار الفلوس لتغطية مصاريف رمضان, وسبب آخر يتمثل في تدهور العملة المحلية الأمر الذي أدى الى انخفاض المرتب الشهري للموظف بنسبة 10% أو أكثر، فجعل الناس يقبضون على جيوبهم مندهشين مما يحصل لريالهم الذي ما معاهمش غيره.
ونتيجة لهذا الحصار فقد تكبد مزارعو القات خسائر فادحة نظراً لانعدام مادة الديزل الذي يشكل حجر الزاوية بالنسبة لزراعة القات والزراعة بشكل عام, فكما يقول عبدالله الجبل أحد المزارعين ويملك بئراً ارتوازية «يعطونا أصحاب المحطات بالقطارة، فنلجأ إلى بعض المهربين الذين يجلبون الديزل من محافظة إب أو تعز فيصبح سعر الدبة سعة 20 لتراً 2000 ريال، والمضخة تستهلك في الساعة 30 لتراً، فبكم سأبيع الساعة للمزارع الذي يسقي مزرعته من عندي.
كنا أيام العوافي نبيع الساعة بـ3 آلاف ريال، واليوم بعد هذه الأزمة والغلاء بكم سنبيع الساعة الماء للمزارع المسكين». أما احمد بن أحمد السيد (صاحب مزرعة قات) فيقول: «تركت مزرعتي تواجه التلف لأني عجزت عن توفير الماء لها بسبب أزمة الديزل، وذهبت للبحث عن عمل بالأجر اليومي لإعالة أطفالي» هذا هو حال هذه المحافظة الفقيرة في الموارد كما وصفها رئيس الجمهورية يوماً ما, وبالفعل هي كذلك فقيرة لكنها في نهاية المطاف جزء لايتجزأ من هذا اليمن الطويل العريض من حوف الى ميدي.
هناك سر لا يعلمه إلا واضعوه فيما يتعلق بالديزل والغاز، وأسئلة كثيرة ترد على أفواه المواطنين: إلى أين يذهب الديزل وهو منتج محلي؟ لماذا حصل العجز هذه الأيام فقط؟ لماذا يتم إيقاف ناقلات الضالع في مثلث العند هذه الأيام؟ لمصلحة من تتوقف الحركة في الضالع؟ من المستفيد من تحول الناس الى ركوب الدراجات النارية بعد توقف سياراتهم إجبارياً؟ ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها, أو على قول المثل «جوِّعه يقنص»، بمعنى أن المسألة ربما تكون سياسية أكثر من كونها تقنية من تقطع وأزمة و... مما تردده السلطة!. إن الضالع اليوم أشبه ما تكون في تنور –على الطاقة الشمسية بالطبع – لأنه لا يوجد وقود ولا غاز, فأهل الضالع يستغيثون من لظى الحرمان والحصار والدمار وجلب الماء على ظهر الحمار؟!.