[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شبكه باعوضه -فيصل الصفواني
11-10-2010
كانت الهوية اليمنية عبر مراحل الزمن مدعاة فخر واعتزاز لكل يمني لكن يبدو ان وجه اليمن الرسمي حاليا جعلها على عكس ما كانت عليه،اذ يلاحظ كثير من الشباب اليمنيين الذين يرتادون غرف الدردشة وبرامج الشات عبر الشبكة الالكترونية(الانترنت) ومنهم كاتب هذه السطور، شيوع موقف غير إنساني من الهوية اليمنية،هذا الموقف يعبر في ادنى درجاته عن ارتياب في الهوية اليمنية وفي اقصى درجاته عن رفض المنتمين اليها ،انه تعامل يبعث في نفوسنا الشعور بالاسى والحسرة ويدفعنا الى البحث بجدية عن اسباب تلكم الانطباعات عن اليمن والموقف من اليمنين الذي يبديه بعض الافراد في مجتمعات عربية وعالمية، ربما ان وسائل الاعلام المرئي افلحت في اختزال اليمن في صورة بالغة السوء كثيفة القتامة .
وفي هذه الحالة يصبح لزاما علينا ان نثبت للاخرين ان اليمن اكبرواعمق من ان تكون مجرد صورة اعلامية، وان نثبت لانفسنا ان اليمن بلد لنا وليست لعنة علينا وهذا ما يصعب اثباته على الاقل في الوقت الراهن ،كما يجب ان لاننخدع بمزاعم الخطاب الرسمي الذي يحاول ايهامنا بغباءان المخابرات الامريكية والموساد الاسرائيلي والمرجعيات الايرانية يتامرون علينا مجتمعين ويسعون الى تشويه صورتنا في اذهان الاخرين ، لابد ان نعيد النضر في اوضاعنا الراهنة عموما وفي هويتنا الرسمية على وجه الخصوص، خصوصا وان الرفض الذي نواجهه ليس رفضا لذواتنا الانسانية بقدرما هو رفضا للفرد على اساس الهوية ، اذ يجد بعضنا نفسه مقبولا بذاته لدى الاخرين ويستطيع ان يقيم علاقة معهم ويمتلك قدرة على التواصل الكتابي ،وبعضنا يمتلك مهارات حوارية مدهشة للاخرين ،فلماذا كلما سمع احدهم بيمنيتك أغلق بابه في وجهك ؟ وكأن لسان حالهم يقول"فر من اليمني فرارك من الاسد" .
لقد تحول الافصاح عن الهوية اليمنية الى مفاجاة مفخخة، وكأن اليمنين حاملي احزمة ناسفة تنفجر بمجرد ذكر الهوية .
على المستوى الشخصي خسرت اصدقاء كثيرون على الشات حال افصاحي عن هويتي وكلمااحاول جراحدهم الى التعارف في فضاءات انسانية ،يحصرني في زاوية الانتماء ،و يجبرني على تفجير حزامي الناسف في وجهه بمجرد قولي له "انا يمني" ،كان اخر الضحايا الاسبوع الماضي فتاة مغربية على صفحة الفيس بوك ،دمنا على تواصل كتابي مباشر كل مساء قرابة شهر، ومثلما افعل مع الاخرين اشترطت عليها ان نتعرف على بعض معرفة انسانية لاحضور فيها للهويات والحدود،نتعرف على ذواتنا وطرق تفكيرنا ومواقفنا من الاشياء ،كنت اتمنى ان لا تضطرني صديقتي المغربية لتفجير حزام يمنيتي في وجهها يوما ما،لكنها اصرت على معرفة البلد الذي انتمي اليه،ربما لم تكن تدرك انها تبحث عن مبرر للقطيعة مع اني كنت مشفقا عليها من هول الصدمة لكن ما الجدوى لابد مما ليس منه بد ،تنفست الصعداء وافصحت لها عن هوية الوكر الذي اقطن فيه ، لم تنبس بعدها بكلمة واحدة وخشيت ان يكون قد اصابها مكروها لاقدر الله ،كنت ادرك جيدا من التجارب السابقة خصوصية احزمتنا الناسفة إنها تقضي على الطرف الاخر (المستقبل)ولا يتضرر حاملها ،لم تكن المغربية ضحيتي الاولى فقد سبقها الكثيرون منهم شاعرة سعودية وشاب إماراتي واكاديمية قطرية وموسيقي ايرلندي وتاجر ابقار كندي وغيرهم من الضحايا الذين مازلت اتذكرهم باسى على فراقهم.
ولا يقتصر أضرار الإفصاح عن الهوية على على الشات ،فقد روى لي صديقي احمد علي الصبري قصصا مشابههة عايشها في امريكا على مدى عامين ،مدة منحته الدراسية، الامر الذي دفعه الى تقديم نفسه لاحدى زميلاته في الدراسة على انه شاب سوري كونه كان حريصا على ان تستمر علاقته بها بغية تطوير مهاراته اللغوية ،لم تمضي عليه اكثر من شهرين حتى انفرد بزميلته في احد المطاعم غلبت عليه لحظة صفاء وراوده شعورا بان يكون نقيا في تعامله معها فقال لها انا لست سوريا ،ضحكت الفتاة وزاد اعجابها بالرجل لانه يحاول التحرر من خطئية الكذب وسألته بدعابة من اي بلد عربي انت اذن؟
تغير لون أحمد قبل ان ينطق وأرتسمت ملامح الاسى والحزن على وجهه وكأنه مقدم على عملية انتحارية حانت لحظة الصفر فيها ،شعرت الفتاة بالارتياب والتوجس وكررت سؤالها وقد هالتها معالم التغير الفسيولوجي البادئه على وجه احمد وقالت له بصوت متحشرج.. من اي بلد عربي انت يا...؟
أغمض احمد عينيه ليتحاشى مشاهدة اثار الانفجار وافصح عن هويته ،بعد بضعة ثوان فتح احمد عينيه فوجد نفسه وحيدا على الطاولة وتبين له ان إنفجاراليمننة قد نال من الطرف الاخر كما هي العادة .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]