هما أسوار سجن الجنوب
وعلى أبن الجنوب إن يدرك بأن العقل كالمظلة لا يعمل إلا مفتوحا.
مقدمة:
عندما يريد شخص ما الحصول على معلومة من محرك البحث غوغل ، فانه يدخل بيانات الموضوع المطلوب حتى يتحصل على المعلومة. إلا أن هناك احتمال لا يتحصل على المعلومة إذا لم تكن في قاعدة بيانات غوغل.
والسؤال هل قاعدة بيانات الجنوب في عقول وفهم وثقافة أبناءه واحدة ، إما هناك اختلاف بسبب عوامل أدت إلى تشويه هذه البيانات. على الرغم من أن قاعدة البيانات الواقعية والتاريخية تقوم على أساس أن الجنوب هو (الجنوب العربي) وهذه البيانات مخزونة في وجدان ووعي الغالبية العظمة من أبناء الجنوب وفي قاعدة البيانات التاريخية والإقليمية والدولية. وأن مسمى اليمن ما هو إلا جهة جغرافية.
إذاً من أين جاء مصدر هذا الاختلاف. الجواب الشافي على ذلك هو العودة إلى الماضي القريب ، ولكن هذه العودة تستدعي فتح العقول. لأن العقل هو عملية الربط بين المدركات واستخلاص نتائج منها بعد تحليلها.
العودة إلى الماضي تؤكد لنا بلا أدنى شك بان الجسد الجنوبي قد تعرض لحملات غزو شرسة من قبل فيروسات ، استهدفت بياناته التاريخية والثقافية والنفسية والاجتماعية وهويته وأرضه وثروته وأبناءه ، لصالح الغير . وهذه الحملات هي مصدر الأوبئة والأمراض التي نعاني منها اليوم ( وسبق وقد كتبنا مقالة بعنوان: اختلاف القوم في اختلاف منطلقاتهم).
لماذا نحن مختلفين حول فهم وحل القضية الجنوبية. وما هي مبررات اختلافاتنا إذا افترضنا عدم وجود فيروسات غازية . في حين الواقع المدرك المشخص الناتج عن الحواس وعلى رأسها السمع والبصر، يؤكد بأن الجنوب محتل وتسلب أملاكه وتنهب ثروته وتطمس هويته من صيف 1994م.
ثم أن هذه الفيروسات غزتنا من حيث ندري ولا ندري ، بل وأكثر من تضرر منها هي الذات الجنوبية (ندعو الله يشفيها) والركض وراء ما يردده الغير دون إدراك ووعي حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. ابتداء من تغيير الهوية من اسم الجنوب العربي إلى اسم الجنوب اليمني.
تحت شعارات رنانة بعيد كل البعد عن الواقع الجنوبي وملئيه بالفيروسات السامة الذكية. وكان أذكاها فيروس شعار( لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتحقيق الوحدة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية) التي نقلتنا من باب عدن (الحضارة والمدنية) إلى باب اليمن ( التخلف والجهل والحيلة والمكر) . واصبح كل الجنوب أرضا وإنساناً نزلا سجن طوباوية الوحدة وفق أحكام شرع عقلية التقية.
قال لي أحد الأصدقاء لماذا نقول بان القوات الشم
الية دخلت عدن يوم 7 يوليو كما يدعي الشماليين ، بينما هي دخلت بعد ذلك اليوم. لكن صديقي لم يعرف بأن الشماليين أرادوه يوم 7 يوليو لاعتبارات تاريخية تعود بناء إلى بداية القرن العشرين ( وهي أن الأتراك أرادوا احتلال عدن وتجمعت القوات التركية في مدينة قعطبة وماوية على الحدود اليمنية مع الجنوب العربي وانضمت إليها فرق من قبائل اليمن مقابل أن تأخذ القبائل غنائم المناطق التي سوف يحتلونها من الجنوب العربي باعتبارها غنائم حرب.
كان يقود القوات التركية سعيد باشا وقد بدأ الهجوم التركي باحتلال إمارات الضالع وسلطنة الحواشب وكانت أول معركة قوية بينها وبين قوات سلطنة لحج في ديك يم " العند " يوم 5 يوليو 1915 وبعد أن سقط العند تقدم جيش سعيد باشا نحو مدينة الحوطة لاحتلالها وسقطت الحوطة بيد الأتراك فجر يوم 7 يوليو 1915 وخرج السلطان علي بن احمد سلطان لحج باتجاه عدن).
إن جهلنا بتاريخنا وضعف المناعة التاريخية لدينا هي من سهل على هذا الفيروسات أن تغزينا في ديارنا. وأن الإدارة الحكيمة لأفكار الطوباوية بشرع التقية كانت المنصة لانطلاق تلك الفيروسات صوبنا. وهي اليوم السبب في اختلافاتنا وتشتتنا وعدم فهم قضيتنا وتقديم الذات عن الموضوع.
16 عام من احتلال الجنوب منها 15 عام قضاءها السيد البيض معتكف بصمت مطبق في عمان دون أن يبرر لنا هذا السكوت الطويل وهو من ادخل الجنوب في هذا الوحدة الطوباوية. إن عتابي على البيض كبير مصحوب بآلام وهذا من حقي كمواطن من الجنوب ضاع مستقبله بسبب هذا الوحدة وزاد آلمي عندما سكت البيض طيلة هذه السنوات ، وعندما خرج كنت أكثر خوفا رغم أن البعض علق أمال كبيره على خروجه .
وحجتي بكل بساطه بأن البيض وكافة القيادات التاريخية التي جاءت بعد عام 1969 لن تأتي بجديد . بل هي أكثر من أصابها فيروس (حب الذات). وهذا ما أكده الواقع اليوم . فالبيض بدلا أن يكون خروجه عامل موحد تحول إلى عامل مفرق. وإذا هناك أشخاص اليوم بيننا تشجع في هذا الاتجاه فعلى الدنيا سلام.
كان ولا يزال لديه أمل كبير في الأخ العزيز أحمد عمر بن فريد بأن يساعد على تصحيح أفكار البيض والقيادة التاريخية الأخرى ويخرجهم من أمراض حب الذات.
لأن رهاني على الأخ أحمد بن فريد هو أن أفكاره النيرة مبنية على قاعدة بيانات (الجنوب العربي) التي زرعتها فيه (رابطة أبناء الجنوب العربي) وليس على قاعدة بيانات الحزب الاشتراكي. ولو أني أعرف بأن فيروسات الاشتراكي فتاكة وقد تدمر بن فريد لا سمح الله، كما دمرت من قبله الكثير. واليوم تدمر الجنوب بدعم من صنعاء.
ألم تعرف هذه القيادات التاريخية بأن إياد الدابي الله يرحمه هو عار عليهم. وأن هذا الشاب حرق جسمه الطاهر ضريبة لذاتهم المريضة والمترددة مع الجنوب وسخيه مع الغير. هذه القيادة التي أدخلتنا نفق الوحدة الطوباوية إلى نفق مصالحكم الخاصة. فالبيض يقال أن مدير أعماله شخص اسمه علي بكير ، حامل جنسيات متعددة يعيش متنقل بين كندا وأوروبا ولديه علاقات تجارية في الخليج ومع بعض التجار الشماليين وبذات في المجال العسكري. فعلى ما يبدوا أن هذا الشخص ينطلق من مقولة المال ماله حدود. فيما جثمان الفقيد إياد الدابي يواري الثرى خارج حدود الجنوب انطلاقا من مقولة إكرام الميت دفنه.
متى سيأتي اليوم الذي تخرج فيه القيادة الجنوبية من معتقل حب الذات واتخاذ قرارات مبنية على الاستراتيجية والتكتيك تخدم القضية الجنوبية إكراماً لهذا الشعب العظيم الذي لولاه ما هم إلا صفر على الشمال.
وفي الأخير أوجه سؤال إلى القيادة التاريخية والقيادة الميدانية في الداخل: كيف سيتعامل العالم ويتفهم جوهر قضيتنا ، ونحن بهذه الصورة البشعة التي تخيم عليها خلافات وفرقه ، ليس لها أي علاقة بالقضية المقدسة ، بل قضايا شخصية بحتة.
سبب خلافاتنا هي من ساعدت نظام صنعاء على إقامة خليجي 20، لأن الشمال من أقصاه إلى أقصاه موحد في استراتيجيته ومختلف في التكتيك بهدف جلب الجنوبيين عبر الاشتراكي ووسائل أخرى إلى دفن القضية الجنوبية. بينما الجنوب من أقصاه إلى أقصاه بدون استراتيجية ومختلف في التكتيك بسبب الإدمان على حب الذات.
د. خالد عبد الله محمد
نوفمبر 2010