صراع الدولة المركزية ودويلات المشايخ في صنعاء
---------------------------------------------------------
بقلم : صالح احمد البابكري
الهضبة العليا الشمالية الغربية من الجنوب العربي في عام 115 ق . م والمعروفة حديثا تحت اْسم (( اليمن )) المصغر لم تكن قبل هذا التاريخ تلك المنطقة سوى جغرافية تعاني من الفراغ السياسي الذي طالما جلب لحضارة العرب الجنوبيون الكثير من المتاعب اذ مثلت مكان جذب دائم للغزو الخارجي ففي عام 3200 ق. م غزاها الملك ميناء المصري ..وحررها العرب الجنوبيون بعد حرب طويلة ... وفي 1000 ق.م غزاها الملك شيشانق المصري ايضا في مطاردته لليهود بينما كان الجنوبيون يخوضون صراعا مع الاْرام المعينيين في السهول الجنوبية الوسطى والغربية الداخلية ...وبرغم ذلك ارسل الجنوبيون جيشا لتحريرها من جيش شيشانق .... وفي حوالي 650ق.م غزاها بخت نصر الاْشوري بجيش عرمرم مثل سابقيه بحثا عن اليهود فيها .... وفي اثناء هذا التاريخ كانت الممالك الجنوبية قد حطمت جميعها من قبل سباْ الاْرامية والحرب فيما بينها وبين مملكة حضرموت الاْم لحضارات العرب الجنوبيون في اشدها ومع ذلك ارسلت حضرموت جيشا لتحريرها من الاْشوريين....
وفي عام 115ق .م وبعد ان تم للجنوبيين الاْنتصار الحاسم على خصومهم الاْراميين من سباْ بعد حرب طويلة بداْت مع الملك معين الرهوي ومملكته ومن ثم مع السباْيين من ذريتهم ...كان الاْنتصار والذي اتى بعد قرون طويلة انهكت العرب الجنوبيون وكادت تغيبهم عن التاْريخ نهائيا ... ولكن عناية الله كانت حاضرة اراد ان يكون التبع ياسر يهنعم الحميري ملك كل الممالك العربية المنتصر القادم من الجنوب ان يغلق هذا الفراغ في تلك الهضبة والذي جلب المتاعب الكثيرة والكبيرة لعرب الجنوب وحضاراتهم وذلك عندما انشاء عاصمته الجديدة في هذه الهضبة العليا من الجنوب العربي لدولته الحميرية الكبرى واغلاق هذه البؤرة نهائيا ونقل مع دولته من الجنوب الحضارة لهذه الاْرض الخصبة و((المصيبة)) والبقية معروفة في التاْريخ...
اْتى الاْسلام والحضارة الجنوبية قد تمركزت في هذه الهضبة والتي كانت تتمتع بقوة اقتصادية وعمرانية وثقافية جلبها اليها العرب الجنوبيون الحضارمة عبر دولتيهم الحميريتين ذو ريدان وذو يزن .... واشتهرت صنعاء مدينة مركزية لكل المخاليف الخمسة المعروفة في الجهوية اليمانية من قبل عاصمة الدولة الاسلامية المركزية في المدينة المنورة في مستهل القرن الرابع الهجري وبعد ان استطاع الفاطميون السيطرة على هذه الهضبة باْتباعهم الصليحيون من انصار الداعية احمد بن حوشب الفاطمي اقامة دولتهم ... ومن هنا بداْ ظهور الدويلات المشيخية في ((اليمن )) هذه الدويلات التي لازالت تحظى بحضور قوي حتى اللحظة الراهنة ...نشاْ اتفاق بين مشايخ القبائل لاْشراكهم في السلطة خارج الحضور المركزي بين الصليحيين عمال الفاطميين وبين مشايخ القبائل في (( اليمن )) مفاده ان ترسل الحكومة المركزية ممثلا لها في كل ناحية يكون بمثابة مشرف لها ومتقصيا لاْحوال الاْمة وجامعا للخراج والذي يساعده شيخ شمل الناحية اْو المنطقة ..والثاني يقوم شيخ هذه الاْرض بجمع الزكاة والضرائب من اهل المنطقة مزارعين وتجار وحرفيين وبقية الاْنشطة الاْخرى ..وهو يزجر ويسجن ويحكم في الدويلة المشيخية في هذه البلاد برغم تعاقب الدول المركزية ..واصبح الوضع بمثابة ثقافة وتاريخ ...بل نجدها اْي هذه الدويلة الضاربة في القدم انها من يحدد للدولة المركزية في مناسبات عديدة من تاريخ هذه البلاد نوع الحكم ’ واشتدت قوة هذه الدويلة في العهد المملوكي سيما ان هذا العهد كان اطول العهود حكما في ((اليمن ))
حيث تسلل لحكم الدويلة المشيخية نفسها الكثير من العوائل ذو الاْصول المملوكية عبر المصاهرة والاْندماج الاْجتماعي وغير ذلك من مشاهد اخرى ....
وفي الحكم العثماني الاْول الذي اتى في القرن السادس عشر الميلادي والحكم العثماني اضطر الكثير من سلك الدولة المركزية في صنعاء الى نفس السلوك الذي اتبعه المماليك وهو التقرب من هذه الدويلات ومصاهرتها وهذا ايضا نتج عنه تعزيز دورها وتاْثيرها على مجريات الاْمور في البلاد ..... وجابه حكم الاْمامة الزيدية الوضع بقوة والحد من هذا التدخل للدويلات المشيخية في شؤون الدولة المركزية وكان في نهاية المطاف نهاية الحكم نفسه باْنقلاب سبتمبر 1962م والذي قامت فيه هذه الدويلات بخصي جمال عبدالناصر وعسكره وثورته .... وحاول ابراهيم الحمدي الخروج بالبلاد من هذه الدائرة مما ادى بترحيله عن الحياه ... واليوم علي عبدالله صالح يحاول تاْسيس مملكة على حساب هذه الدويلات المشيخية ولانعلم ما سيكون مصيره... والجنوب العربي اتى به الرفاق لهذه الرمال المتحركة واين سيكون المصير الله اعلم....
10/7/2011م
تم تصويب خطاْين الاْول ورد الجمهورية اليمانية والصحيح الجهوية اليمانية*** والثاني يتعلق بالمخاليف الخمسة ورد ان صنعاء عاصمة المخاليف الخمسة والصحيح انها مركز والعاصمة المركزية للدولة الاْسلامية المدينة المنورة.... وجب التوضيح مع الاْعتذار للقارىء الكريم.....