بقلم : صالح اْحمد البابكري
لطالما نال الجنوب من الاْذى الكثير وهذا الاْذى كان على الدوام ياْتي من صنعاء وعلى مدى التاْريخ كانت هذه البلاد تعج بصراعات في العصر الاْسلامي ناهيك عن العصور السابقة لما قبل الاْسلام ...وكان ذلك انعكاسا مستداما على الجنوب العربي تحمل من خلاله الكثير من الاْشكاليات والحروب ... فمنذ خرجت صنعاء من حكم دولة الخلافة العثمانية في عام 1918م وحتى هذه اللحظة من التاريخ المعاصر وصنعاء مازالت تصدر كل اْنواع الاْذى لجيرانها وفي مقدمتهم الجنوب العربي .. حيث بداْت مشوارها تحت مسمى المملكة المتوكلية الهاشمية وقادت صراعا دمويا طائفيا ضد السنة في اْب عام 1925م وصدرت للجنوب العربي اْلاف المهجرين من كل الشرائح الاْجتماعية عراة حفاة ...وهاجمت الضالع من الجنوب العربي مدعية اْن مناوئيها يهاجمونها من هذه المنطقة ...وفي عام 1927م غيرت مسماها في الهوية السياسية الى المتوكلية اليمنية كهوية سياسية بينما الحقيقة اْن ليس لها الحق وحدها في تلك الهوية الجهوية واْنما ذلك من اْنواع الاْذى لجيرانها .... ثم بعد ذلك هاجمت المناطق الشرقية للجنوب العربي في بيحان وحريب ومنطقة مرخة العليا والسفلى بحجة اْن قبيلة مراد تهاجم حدودها المتاخمة من هذه المناطق وفي عام 1928م قامت بطحن السنة في منطقة تعز وهجرتهم للجنوب العربي حفاة عراة وفي عام 1932م هاجمت سلطنة البيضاء من الجنوب العربي واْحتلتها مع اْراضي واسعة من هضبة اْبين العليا ...
وبعد ذلك قام البريطانيون من مسئولياتهم الدفاعيةتجاه الجنوب العربي بموجب معاهدات الصداقة والحماية لوضع حد لتلك الاْطماع التوسعية والعدوانية ...واْحتلت ميناء الحديدة والتي سبق اْن كان فيها جيش اْبن سعود الذي اْدب صنعاء اْدبا لانظير له ....
وطالبت صنعاء بريطانيا بالاْنسحاب من الحديدة مقابل اْن تتخلى عن دعاويها الزائفة باْراضي في الجنوب العربي وتصادق على معاهدة الحدود التي تم ترسيمها بين بريطانيا ممثلة للجنوب العربي وبين السلطنة العثمانية ممثلة لاراضي الهضبة الشمالية الغربية والشرقية - الشمال الجمهورية العربية اليمنية - وذلك في عام 1905م وصادق اْمام صنعاء على هذه المعاهدة الحدودية في 11فبراير 1934م ..اْلا اْنه رفض اْن ينسحب من سلطنة البيضاء التي لم يوقع سلطانها الرصاص معاهدة الحماية لخلافات مع بريطانيا حول مبلغ الدعم السنوي للسلطان ..كما اْن المملكة اليمنية اْتت بدعوة للتدخل من قبل سلطانها نفسه الذي اْستنجد باْمام صنعاء لقمع تمردا داخليا كان يواجهه... وفي 20فبراير 1934م وقع اْمام صنعاء معاهدة ترسيم الحدود مع السعودية مرفقة بتنازل منه عن دعاوية الزائفة بالوحدة الجهوية اليمانية التي اْتخذ منها هويته القطرية واْن ليس له اْلا ماهو تحت يده من حدود وبذلك يكون الاْمام قد ضمن استيلائه على اْب وماحولها وتعز وماحولها والحديدة وماحولها من تهامة وماْرب وماحولها من الجوف وشريط صحراوي ممتد الى نجران والتي هي الاْخرى كانت في اْيدي اْ بن سعود ...
لقد كان للهاربين من مما سمي باليمن الاْمامي الزيدي الى الجنوب العربي بوابتين يدخلون منها وهي بوابة السلطنة العبدلية لغرب الجنوب العربي وبوابة السلطنة الواحدية لشرق الجنوب العربي كما اْن غالبية الفارين من اْحداث اْب 1925م والفارين من اْحداث تعز 1928م قامت السلطنات الجنوبية بتوظيفهم لديها بحكم قرابة الدم والدين والمذهب ولتوفير لقمة عيش كريمة لهوؤلاء اللاجئين ...
ومع كل هذه المصائب والاْحداث الجسام التي صدرتها صنعاء للجيران ومع كل القتل والتشريد والمظالم التي الحقتها صنعاء باْبنائها ...عادت لعادتها القديمة- وهو مثل جنوبي - اْذ سرعان ما اْستطاع الاْمام اْن يستفيد من تحالفه مع اليهود الذي اْقامه معهم ومع الطائفة الاْسماعيلية ضد السنة في اليمن ولمحاربة شعب الجنوب العربي والمملكة العربية السعودية في عام 1927م والذي على اْثره تبوى سالم سعيد الجمل رئيس الجالية اليهودية منصب مستشار الاْمام الاْول في الدولة ... ومن هذا المنطلق بداْ الاْمام اْتصالاته مع الكثير من رجالات بلاده الذي شردهم الى الجنوب العربي وعبر التواجد المؤثر لليهود في عدن باْن يتبنوا منهجية سياسية طويلة المدى للتاْثير على الجنوبيون ثقافيا من منطلق قومي ...وهكذا اْستمر العمل حتى بعد اْنقلاب 26/9/1962م وذهاب الحكم الملكي للتاْثير على الجنوبيون وهاهو الوضع كما يقدمه المشهد الماثل في هذه اللحظة ماذا فعلوا بالجنوب وكيف كافئوه على كرمه لهم واْيوائه لهم؟!.... والمعركة مستمرة ولازال اْيجاد تسويات لها بعيدا ....
22ديسمبر 2011م