رئيس الدائرة السياسية للحراك الجنوبي في رسالة إلى بن عمر : القضية الجنوبية بحاجة إلى خارطة طريق
القيادي الجنوبي البارز علي هيثم الغريب رئيس الدائرة السياسية بالمجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب
الاثنين 09 سبتمبر 2013 08:36 صباحاً
عدن(عدن الغد)خاص:
بعث القيادي الجنوبي البارز علي هيثم الغريب رئيس الدائرة السياسية بالمجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب رسالة إلى السيد جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن يبلغه في مضمونها ان معالجة القضية الجنوبية بحاجة إلى خريطة طريق وفق إطلاق مبادرة جديدة خاصة بالجنوب وليس الحوار الوطني الحالي .
وطالب في رسالته بوعد حقيقي من الأمين العام للأمم المتحدة " بان كي مون " للوقوف إلى جانب شعب الجنوب واحتضان قضيته العادلة كون المجتمع الدولي معني بالجنوب كما عنايته اليوم بالشمال (بحسب تعبيره) .
ومضى مؤكداً على ضرورة ان يكون الفصل الثاني من المبادرة الجديدة أو «خريطة الطريق» تحت أشراف دولي لمباشرة الإجراءات الأولية لمسألة استعادة الدولة الجنوبية لافتاً إلى أن هذه الدولة قد أصبحت شعبيا موجودة أصلا وما تبقى إلا كيفية استعادتها بأقل التكاليف .. ولأهمية الرسالة نورد نسختها بنصها التالي :
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة
بعد التحية
الموضوع/أن القضية الجنوبية بحاجة إلى خريطة طريق
أولا نثمن جهودكم المبذولة في سبيل حل الأزمة اليمنية ومعالجة القضية الجنوبية ونرفع اليكم بيان المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب بعد اعتذارنا عن اللقاء بكم في صنعاء ونرحب بلقاكم في عدن عاصمة الجنوب.
إن الأفق في معالجة القضية الجنوبية وفق أرادة الشعب الجنوبي يزداد قتامة إلى درجة كبيرة ؛ فاكتفاء المجتمع الدولي بمخرجات الحوار الوطني ، والوضع الأمني والاقتصادي في الجنوب الآخذ في التدهور، وانتشار الألوية العسكرية والأجهزة الأمنية على طول وعرض الجنوب , وصعود قوة الإرهاب ، وذلك بفعل نشاط الاحتلال اليمني المتعمد، بقدر غير قليل، كل ذلك أعاد الجنوبيين إلى التفكير باستخدام طرق نضالية تحررية سلمية جديدة منها العصيان المدني الشامل , وإدارة المديريات المحررة والتي تبلغ 50 مديرية من أصل 96 مديرية جنوبية.
إن إطلاق مبادرة جديدة بشأن القضية الجنوبية أو خارطة طريق هي ضرورية وفورية كون المجتمع الدولي معني بالجنوب كما عنايته اليوم بالشمال ؛إن المصادمات التي ستحدث في الشمال ستكون نتيجة إحراز تسوية ضعيفة تنطلق من مصالح أطراف الحكم القبلي وليس من مطالب الشعب هناك، أما الجنوب فله قضيته الخاصة كدولة دخلت بشراكة مع دولة جارة ,ويطالب الشعب اليوم باستعادتها , وأن «خريطة الطريق» الخاصة بالجنوب وليس الحوار الوطني الحالي , هي الصيغة الأفضل لمعالجة القضية الجنوبية .
إن جوهر منطق «خريطة الطريق» الخاصة بالجنوب هو اشتراط الاستقرار السياسي في تغيير الواقع الجنوبي في مراحل متصلة ، إلى أن يحين موعد التفاوض الندي بين الشمال والجنوب والترتيبات لاستعادة الدولة ، وهو تغيير نابع من حاجة الجنوب والمجتمع الدولي إلى الاستقرار في هذه المنطقة , سيشتمل على موضوعات سحب القوات العسكرية من المدن الجنوبية وإحلال الشرطة المدنية الجنوبية محلها , وكذلك تضمين الدخل المحلي في الميزانية المحلية لمحافظات الجنوب وحراسة شركات النفط والغاز والمعادن من قبل الجنوبيين .
وفي المدة القصيرة المحددة التي تمر بين بدء تغيير الواقع الجنوبي الذي فرضه الاحتلال وتحقيق يوم استعادة الدولة يُطلب إلى الجنوبيين أن يظهروا نضجا رسميا مثل نظام مستقر وآمن، ومنع الإرهاب، وسلطة النظام والقانون ونظم إدارية ملائمة. وحينما يكون ذلك، تختفي المخاوف الدولية بأن الجنوبيين غير قادرين على بناء دولة يشترك فيها كل الأطياف السياسية الجنوبية وشرائح المجتمع الجنوبي , وتزول الهواجس وتزداد الثقة ويبقى بين الشعبين اليمني والجنوبي الجو المطلوب لتبادل المصالح الاقتصادية والأمنية وغيرها . وهذه هي الخطة السياسية التي يقبلها العالم كله لإدارة الاستقرار في الجنوب.
والفصل الثاني من أي المبادرة الجديدة أو «خريطة الطريق» تخص القضية الجنوبية لابد أن تكون تحت أشراف دولي مباشرة كما هو عليه الحال الحوار الوطني الخاص بالشمال , تُقر قاعدة سياسية تدريجية ومناسبة للتفاوض الندي الذي يرمي إلى إحراز هدف سياسي وعملي وموزون وواقعي ، وهو طريق الإجراءات الأولية لمسألة استعادة الدولة الجنوبية ذات خصائص سيادة كاملة غير منقوصة .للعلم أن هذه الدولة قد أصبحت شعبيا موجودة أصلا وما تبقى إلا كيفية استعادتها بأقل التكاليف.
أن المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب ومعه المكونات الأخرى لا تريد صعود قوة المتطرفين والإرهاب المتعمد الذي يطبخ في صنعاء وهدم الاقتصاد والخدمات العامة التي تقوم بها أجهزة تابعة للاحتلال ,وزرع الفتن والخصومات بين الجنوبيين بأموال البيع والشراء التي تمارسه قوات الاحتلال حتى يظهر الجنوب أمام العالم وكأنه منهار وغير مستقر ويترك كما تركت الصومال والعراق.
إننا نطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بوعد حقيقي الوقوف إلى جانب شعب الجنوب وأن يحتضن قضيته العادلة فجميعكم(بان كي مون والسيد جمال بن عمر) ناضلتم من أجل شعوبكم فكيف لا نناضل نحن من أجل شعبنا المحتل. ونطالبكم بأن لا تجعلوا من الحوار الوطني اليمني الجاري في صنعاء الذي رفضته جميع مكونات الحراك الجنوبي ذات مخرجات نهائية وأنه في حالة تأجيل موضوع القضية الجنوبية إلى مبادرة جديدة أو خارطة طريق تخص الجنوب سيمكن المجلس الأعلى للحراك ومعه المكونات الوطنية الجنوبية الأخرى في الداخل والخارج من المشاركة في تفاوض ندي ينقل الطرفين المتفاوضين(الشمال والجنوب) إلى التباحث في كيفية استعادة الدولة بحيث لا تؤثر على مصالح الكل . فالمبادرة الجديدة أو خارطة الطريق الخاصة بالجنوب يمكن أن تجمع طرفي المعادلة إلى طاولة التفاوض، وستكون هذه هي اللحظة التاريخية في نجاح مساعي الأمين العام للأمم العام للأمم المتحدة ومبعوثه الدولي السيد جمال بن عمر.
السيد جمال بن عمر
هناك ثلاث مشاكل رئيسية في وصف الصراع في اليمن والجنوب أدت إلى رفضنا المشاركة في الحوار الوطني اليمني. المشكلة الأولى هي أن المبادرة الخليجية لم تتطرق إلى القضية الجنوبية , ووضعت الصراع اليمني -الجنوبي على قدم المساواة من أجل بناء دولة واحدة في الشمال.
المشكلة الثانية هي أن الأطراف المشاركة بالحوار الوطني حاولت تناول الصراع بالدعوة إلى تغيير النظام في صنعاء عن طريق شنّ هجوم على الحراك الجنوبي محاولة منها نزع الشرعية عنه وإيجاد بديل حزبي لتمثيل الجنوب والتشجيع صراحة على إيجاد ممثلين للجنوب بديلين عن الشعب الجنوبي بكامله. فمن ناحية، تفتقر هذه المحاولة إلى الواقعية ، ومن الناحية الأخرى، فأنها لا تتمشى مع قيم المجتمع الدولي التي من المفترض أن تجعل أطراف الحكم المتصارعة في الشمال والتي هي المتهم الأول في ارتكاب ابشع الجرائم ضد الشعب الجنوبي تحترم اختيار الشعب الجنوبي للحراك كممثل شرعي له .فالخطاء في اختيار الأطراف المتحاورة أو المتفاوضة سيترتب عليه خطاء في النتائج.
المشكلة الثالثة في اجتماعات وقرارات مجلس الأمن الدولي هي اختياره لعنصر واحد من هذا الصراع، ألا وهو الشمال ، ومحاولة حلّه بمعزل عن العنصر الأساسي من الصراع إلا وهو الجنوب . وليس ذلك فقط بل اعتبار إقرار شكل الدولة في الشمال(اتحادية , فيدرالية) شرطا لحلّ القضية الجنوبية . ولكن، كما سنرى لاحقا، فان عدم تناول القضية الجنوبية كقضية لها خصوصيتها ،يعني مواصلة الاحتلال اليمني للجنوب، بل ويخدم هذا المخرج فقط الشمال الذي يشجع ذلك المخرج مهما تظاهر برفضه له.
ولكن، لو اقترح مجلس الأمن حل شامل يتعلق بالعنصرين الرئيسيين للصراع الجنوبي والشمالي وبشكل متوازن، لكان النجاح حليفه.
واليوم يتعين على مجلس الأمن أن يمنح الجنوب المحتل مبادرة جديدة أو خارطة طريق لإنهاء الاحتلال على شكل عملية سياسية مُقنعة تُعطي الجنوبيين الأمل بأنه من الممكن التوصل إلى نهاية للاحتلال، وتُعطي الشماليين الأمل بأنه من الممكن زرع الاستقرار في الشمال والجنوب ولكن بعيدا عن الوحدة الوهمية التي يتغنون بها.
أما مسألة دمج القضية الجنوبية في قضايا تخص الدولة في صنعاء وضمن رؤية الأطراف الحاكمة هناك فهذا لا يؤدي إلى معالجتها إطلاقا , وستظل الجنوب ثائرة كما كانت قبل التدخل الدولي وحتى الآن إلى أن تستعيد دولتها.
السيد جمال بن عمر
أنتم تعلمون أيها السيد جمال بن عمر أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح تمت إزاحته عن طريق المجتمع الدولي وليس بوسائل ديمقراطية أو العنف لهذا نتمنى أن تعالج القضية الجنوبية بنفس الوسيلة وليس عن طريق الديمقراطية(الانتخابات الرئاسية أو الاستفتاء) أو العنف.
ثم أن المجتمع الدولي لم يقدم رؤية واضحة للهدف النهائي لمعالجة القضية الجنوبية في الوقت الحالي –وهذا نحن نستحسنه رغم أنه هنا تقع المشكلة المحيرة- باستثناء دولة جديدة لا مركزية في اليمن ؛ وباعتقادي إن الإنجاز الوحيد للمجتمع الدولي كان فقط في قدرته على تعزيز الضغط الخارجي. إن الإنجاز الوحيد لمجلس الأمن كان فقط في قدرته على تعزيز الضغط الخارجي برعاية وقرارات دولية(2014 , 2051).
فبمشاركة جنوبيين في الحوار الوطني اليمني أو بدونه ، لن يتم تحقيق معالجة القضية الجنوبية إلا عندما يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بالتأكيد بمواقف مجلس الأمن على أن الجنوب كان دولة دخلت بشراكة مع دولة أخرى, فشلت الشراكة بإعلان الحرب على الجنوب ,ومن هنا يتعين على دولة الشمال التخلي عن الجنوب . ولن يضمن أمرا غير ذلك، حلاً مستقراً.
إن الحلول التي سيتفق حولها داخل الحوار الوطني أو خارجه ,وبمشاركة بعض الجنوبيين أو بدونهم ، لن تشكل يوماً ما أساساً لمعالجة القضية الجنوبية ، وستبقى مجرد أوراق ومصطلحات إن لم يتم إشراك الحراك الجنوبي في تفاوض ندي بين طرفي الصراع الشمال والجنوب .
وكما قال أحد رؤوس ومشايخ الحكم في صنعاء ، يجب إلحاق الهزيمة أولا بالمشاركين بالحوار الوطني من الجنوبيين ومحاولة إغراءهم كونهم ناس بسطاء وفقراء حتى بالتالي يتم صنع "المخرجات " للقضية الجنوبية معهم , وبموافقة دولية. فيقصد ب "ـشراء الذمم " و"وضع المخرجات "، ردع إضافي لأي قيادة جنوبية تسعى للبقاء من خلال "عملية تفاوضية ندية بين الشمال والجنوب" , وبحيث تصبح مخرجات الحوار الوطني مسلم بها دوليا غير أبهين بالشعب الجنوبي الثائر , ولا بالغضب العظيم الذي سيتولد عن ضياع قضيته .
السيد جمال بن عمر
حقيقة الأمر أنه يجب أن يتم مؤتمر وطني ما بين العديد من مكونات الحراك الجنوبية وشرائح المجتمع الجنوبي وتحت إشراف دولي ، للوقوف حول ما هو مقبول لديهم لاستعادة دولتهم . ومن هنا، يمكن رؤية حقيقة الجنوب وثورته التحررية بشكل اكثر وضوحا للمجتمع الدولي. وبالنسبة للرأي العام في اليمن (الشمال)، فهو آخذ بالاتجاه نحو إعادة الدولة الجنوبية المسلوبة بعد أن ظهرت حقائق كثيرة بعد ثورة 17 فبراير 2011م حول الاحتلال الذي عاشه الجنوب ومآسيه. وكنتيجة، فإن أيديولوجية "الوحدة اليمنية " لن يكون لها تأثير شعبي في الشمال , لأن المناطق هناك هي الأخرى تبحث عن حقوقها( الحراك السبئي-مأرب , حراك الصحراء-الجوف- , الحراك التهامي- الحديدة- , مطالب تعز وأب بالأقاليم , ثم ظهور الحراك الشمالي ومطالبه بأحقية الجنوبيين بفك الارتباط) .
وأخيراً، يتوجب على الأطراف الإقليمية والدولية أن تأخذ بالحسبان أن هناك شعب تعرض للاضطهاد والاستبداد بعد حرب أشترك فيها أكثر من خمسين ألف من الأفغان العرب (حسب الوثائق الرسمية لنظام صنعاء) , واجتياح عسكري واحتلال همجي راح ضحيته مئات الأطفال والنساء وآلاف الشباب والشيوخ , وبنيت الشمال بكاملها من ثروات الجنوب المنهوبة التي تحرسها عشرات الألوية العسكرية. ولكن -ورغم كل ما يجري- ينبغي القول بأن قضية الجنوب لن تنتهي بدون حلول تتأسس على الاستقلال التام والحرية والعدالة، ولا من خلال حوار غير ندي ولا باتفاقات، ولا بتوقيعات، ولا بما هو دون ذلك. فالشعب الجنوبي باقيا في أرضه .
ونحن في المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب نحيي جهودكم وما بذلتموه من المساعي بشأن القضية الجنوبية , واثقين أن مذكرتنا هذه وما احتوته من مطالب إجرائية ستلقى منكم كل تأييد في عمل الغد .
وتفضلوا بقبول فائق احترامنا وتقديرنا
علي هيثم الغريب المحامي
رئيس الدائرة السياسية في المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب
عدن 6 سبتمبر 2013م
من/ خالد الكثيري
اقرأ المزيد من عدن الغد | رئيس الدائرة السياسية للحراك الجنوبي في رسالة إلى بن عمر : القضية الجنوبية بحاجة إلى خارطة طريق
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]