[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شبكه باعوضه - متابعات
20-ديسمبر2010
حتى بعد ترحيلهم لبلدهم "الكاميرون"، لا تزال تفاصيل قضيتهم مبهمة، بدءاً باحتجازهم بالأمن السياسي بصنعاء منذ منتصف مارس 1995، بدون محاكمة، ومروراً برسالتين "سربوها" من السجن كشفت عن وجودهم فيه عام 2005، وانتهاء بوفاة أحدهم في يوليو 2010 وتحفظ السلطات اليمنية على جثته في أحد المستشفيات الحكومية بصنعاء حتى اللحظة.
إذ أفرجت السلطات اليمنية قبل حوالي أسبوعين عن أربعة كاميرونيين كان اعتقلهم الأمن السياسي في 15 مارس 1995 من فندق في العاصمة صنعاء لدى زيارتهم لها آنذاك، لأسباب لم تعرف.
رُحل هؤلاء على طائرة مدنية، دون ضجة، صحبة ممثلين من الصليب الأحمر –يبدو أنهم زاروا اليمن بشأنهم- ليصلوا إلى دبي قبل أن ينقلوا منها إلى بلادهم، كأن لم تضع منهم هنا 15 عاماً و9 أشهر، استقطعت هكذا من حياتهم.
أحدهم وتصفه منظمة هود بزعيمهم ويدعى "دونسيان" كان توفي منتصف العام الجاري، وحينها طالبت "هود" النائب العام د.عبدالله العلفي بإجراء تحقيق في أسباب وفاته، غير أن ذلك لم يتم، وظلت جثته بإحدى المستشفيات الحكومية بصنعاء مذاك وحتى اللحظة.
كل ذلك يبدو غريباً، ويلفه الغموض، بخاصة أن ترحيلهم بعد كل هذه المدة، يضع علامات استفهام كبيرة، فهؤلاء لم يقدموا لمحاكمة، رغم تأكيد وزير الداخلية السابق رشاد العليمي مثولهم أمام القضاء لدى استجوابه بمجلس النواب في جلسته يوم 17 سبتمبر 2005.
تلك الجلسة البرلمانية التي أثار فيها النائب صخر الوجيه قضيتهم، جاءت بعد مرور عام على تسريبهم للرسالة الأولى من خلف أسوار سياسي صنعاء، وكانت المرة الأولى والأخيرة التي يثار فيها احتجازهم اللاقانوني تحت قبة البرلمان.
العليمي يومها قال بأنهم :"اعتقلوا عبر الانتربول بتهمة أعمال تخريبية تستهدف الاقتصاد الوطني"، ورد ذلك في المحضر التقريري لتلك الجلسة – تحتفظ الغد بنسختها مع وثائق- مؤكداً أن عددهم خمسة.
مؤكداً أنهم:"ضمن شبكة تخريبية عالمية تمارس عدداً من الأعمال منها المخدرات وغسيل الأموال وتزوير العملات وقضيتهم منظورة أمام القضاء وتمت متابعة العناصر المرتبطة بهم".
غير أن هؤلاء لم يقدموا للمحاكمة، ولم يحقق معهم، كل ما تم بشأنهم أنهم اعتقلوا من فندق بالعاصمة صنعاء بسيارة خاصة (فالكون 50) بأوامر قيادة الأمن السياسي في مارس 1995، ليودعوا في حجزه حتى تاريخ ترحيلهم في الخامس أو السادس من ديسمبر الجاري.
تفاصيل اعتقالهم كانوا ذكروها في رسالتهم الأولى والتي سربوها في 13 أغسطس 2004، وبنشرها إعلامياً عانى هؤلاء الأمرين داخل المعتقل، أهينوا بالصفع على وجوههم، وقيدوا بالسلاسل ومنعوا من الحديث مع بعضهم وسجنوا في زنازين انفرادية.
هذه الإجراءات "التعسفية" والتي لا يعلم إلا الله إلى متى استمرت، كشف عنها الكاميرونيون في رسالة ثانية سربت في 2009.
كلا رسالتيهم وصلتا لمنظمة هود بتوقيعات وبصمات لأربعة منهم فقط، استثنوا منها المعروف بـ"دونسيان" لأسباب غير معروفة، رغم وجوده على قيد الحياة آنذاك.
شكواهم في الثانية لم تغفل الحديث عن الغذاء فوصفوه بالغير صالح للاستهلاك البشري:"إن الماء الذي يشربه المعتقلون هنا غير صالح للاستهلاك البشري كما أن الأرز والفاصوليا التي نتناولها لم تتغير البتة منذ 15 سنة".
ويضيفون:"ذلك سبب لنا الأمراض كالإسهال والتهاب الكبد وغيرها، وأحدنا يعاني مرض القلب ونجا بأعجوبة من نوبتين قلبيتين ولم يعد قادراً على المشي لإصابة إحدى ساقيه، نتيجة القيود الموضوعة عليها".
تلك القيود زادت على المحتجزين وهم (موافو لودو، بينقو بربي، ميكوب باودلير، أوفو زاتشري) عندما نشرت قضيتهم.
قالوا في الثانية أيضاًُ:"ليست الإصابات البدنية هي ما نعانيه وليست القيود التي نرتديها هي ما تغضبنا ولا الأمراض التي ابتلينا بها ولكنها الآلام النفسية والعقلية التي أحدثتها جميع هذه الأمور غير العقلانية".
وأضافوا:"الإحساس بالظلم زرع في نفوسنا المرارة، فقدنا الإحساس بالعالم الخارجي، انقطعت صلاتنا بعائلاتنا وفقدنا كل شيء، لم يعد بالإمكان قبول هذا تحت أي من الظروف ولم يعد بإمكاننا البقاء صامتين...".
ها هم أطلق سراحهم قبل أسبوعين، عادوا إلى بلادهم، وجدوا عائلاتهم، ربما، سيعيشون حياة مختلفة، لكنهم تركوا وراءهم هنا أسئلة شائكة، وجثة أحدهم، ثم من سيحاسب معتقليهم على الـ16 عاماً لن تبارح ذواكرهم؟.
* صحيفة الغد