الدويلة القبلية المشيخية... ظهورها ودورها في ما يسمى باليمن المختزل...

بقلم :صالح اْحمد البابكري *
منذ ما بعد العهد الفاطمي وحتى هذه اللحظة التاْريخية شكلت الدويلة القبلية المشيخية في ما يسمى باليمن المختزل عائقا اْمام ظهور دولة وطنية في هذه الجغرافياء من شبه الجزيرة العربية وهو ما ما اْنعكس سلبا اْمام شعب هذه المنطقة واْوجد شكلا من الاستلاب وعدم اتضاح الرؤية اْمام اْجيال هذا الشعب المكلوم وجعله يستقبل التزييف الثقافي بكل مسمياته في التاْريخ والمكان والفقة والمذهب والاْنتماء وغير ذلك وفي محصلة كل هذا نمت وترعرعت ثقافة القيم المضطربة وغير السوية واْفرزت اْجيالا متعاقبة مستلهمة هذا الزيف اْلا منطقي والمقدس-بضم الميم وتضعيف القاف - للهلامية الجدلية غير الموضوعية وهو ما اْثر تاْثيرا بالغا على هذا الشعب وجعله يحلق خارج اْسراب شعوب شبه جزيرة العرب في سلوكه وبقية القيم المشتركة مع هذه الشعوب العربية كافة وكاْنه يعيش في كوكب اْخر غير كوكب الاْرض ..له ثقافته الخاصة به وحده ومن خلال هذا المسار المضطرب عاش في عزلة عن العالم العربي وعن بقية شعوب شبه الجزيرة العربية وهذا المسلك الذي وضع نفسه فيه اْو وضعته فيه الدويلات السالفة الذكر اْصبح سهلا لكل الدول الطامعة في اْرضه اْن تغزوه ...غزته الدول الاسلامية المتصارعة في كل الحقب المتقدمة من التاْريخ الاسلامي كما سبق لدول قديمة قبل البعثة اْن غزته ... اْذكانت اْي دولة تغزو هذا البلد ما عليها اْلا اْن ترسل رسلها خلسة لمشائخ هذه البلاد ودويلاتهم القبلية بقليل من الهدايا وبعض المكوس الرخيصة ومن ثم تتداعى اْسوار هذا البلد وتنهار جباله المنيعة وتدخل الجيوش الغازية دون مقاومة تذكر اْلا من بعض المهمشين وهم قليلو العدة وهكذا دواليك حتى اْتى العصر الحديث واْصبح الغزو عبر السفارات دون جيوش وكثرة عناء , تفرض اْجندتها على هذا الشعب عبر مشائخ دويلاته وله ما اْراد اْن يفعله بما فيه غزو الجنوب العربي بقبائل هذه الدويلات .... وكما كان في السابق من التاْريخ ومنذ الغزو الفاطمي وحتى اللحظة التاْريخية هذه المعاصرة كان كل من لديه اْطماع في اْرض وشعب حضرموت الكبرى بلاد الجنوب العربي ليس من سبيل اْمامه لغزو هذا الشعب واْرضه اْلا عبر المرور بصنعاء وتفاهم معها وسوق نخاستها الذي يعد عامرا بالحرافيش والكثير من الاْوباش والنكرات من كل حدب وصوب ومن يقول اْننا نتنجنى عليهم بقولنا هذا عليه اْن يراجع كل ما كتب في مجلدات التاْريخ سواءا في العهد الاْسلامي اْو في ما سبقه من عصور التاْريخ ...اْلخ
حتى اليهود كانوا اْو كادوا اْن يشيدوا لهم دولة في صنعاء عبر سبتاي المخلص لولاء اْن الله ستر بسترة في القرن السابع عشر الميلادي وكشف اْمر مؤامرة اليهود ومن حالفهم من هذه الدويلات المشيخية على هذه البلاد وشعبها المكلوم كما اْن الوضع كان في ذلك الحين بيدي الاْسرة تالهاشمية الشريفة الحسنية هذه الاْسرة العظيمة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لاْمته الاْسلامية نبراسا ومنها بعض اْقطارنا الجهوية اليمانية اْذ كما هو معروف الحسنيون في اليمن المختزل والحسينيون في الجنوب العربي من اْرض حضرموت الكبرى ...
كان الصليحيون من عمال الدولة الفاطمية لديهم اْدراكا لما هو في هذه البلاد من صراع ليس بمقدورهم حسمه مع خصومهم اْلا من خلال ما اْقدموا عليه من سياسة جذب لرؤساء القبائل في هذه البلاد من خلال اغرائهم بشراكة في حكم هذه البلاد وفي خراجها المادي ومن خلال ذلك كان الاْمل لدى الاْسماعيلية الفاطمية في اْن تحسم اْمر النصر لصالحها حيث كان الهادويون المعتزلة يحكمون صعدة وما جاورها واليعافرة يحكمون بقية مناطق هذه البلاد بما فيها جبال السراة وحتى بيشة واْزد وشنؤه وهم خوارج من من الجنوب اْتوا من شبام حضرموت الجنوب العربي ومن عمان -بضم العين- كان في اْيدي اْزد (عمان ) وكندة وهم اْيضا من الخوارج ومن هذا المنطلق اْنطلق الاسماعيلية الفاطمية بعمالهم الصليحيون مع الدويلة المشيخية القبلية بشراكة في مواجهة الواقع وكان لهم ما ارادوا من تحقيق للانتصارات على حكم هذه البلاد ومن ثم اْتى غزو الجنوب العربي ورحلت الدولة الفاطمية قبل قرون اْلا اْن الثقافة التي تركتها بقيت حتى هذه اللحظة المعاصرة باقية ومستمرة حيث اْن الغزاة جميعهم اْستخدموا نفس الثقافة السياسية في ما بعد بما فيهم الجيران والقوى الدولية النافذة و الى هذه اللحظة ... لذلك نقول اْن صنعاء بعيدة كل البعد عن قيام دولة حديثة مدنية اْلا اْن كان لابد لذلك اْن يحدث فسوف يكون على نهر من الدم وليس غير ذلك......
*كاتب سياسي وباحث في قضايا التاْريخ
30مايو2012م